سقطت المدينة الأندلسية إشبيلية على يد قشتالة المسيحية في عام 1248 ، بعد أن ظلت أكثر من 500 عاما من كونها مدينة اسلامية ، وكان أبو باقة ‘آل الرندي-الشاعر الأندلسي المعاصر من مدينة روندا ، في جنوب لايبيريا ، الذي كتب رثاء حول سقوط المدينة الكبيرة في عام1267 م .وأشار إلى التاريخ العربي والفارسي القديم في قصيدته ، على أمل أن يلهم المسلمين ويدفعهم للنهوض واستعادة المدينة ، وجاءت الترجمة الإنجليزية التي كتبها جيمس مونرو أقل ، تليها الترجمه العربية الأصلية .
كان الاستثمار ناجحا في 16 شهرا خلال الاسترداد من قبل إشبيلية قبل مجيئ قوات فرديناند الثالث لملك قشتالة – الذي بدأ بحصار إشبيلية من ” يوليو 1247م إلي نوفمبر 1248م ” ، على الرغم من أنه ربما يحجب الأهمية الجيوسياسية التي كتبها بالقبض السريع علي قرطبة عام 1236، التي أرسلت وأحدثت الهزة الارضية عبر العالم الإسلامي ، ومع ذلك كان حصار إشبيلية يعد العملية العسكرية الأكثر تعقيدا الذي قام بها فرناندو الثالث ، بل هي أيضا العملية الكبرى والأخيرة من الاسترداد المبكر ، حيث شهدت هذه العملية أيضا مظهر للقوات البحرية الأصلية في كاستيل-ليون من الأهمية العسكرية ، وفي الواقع ، كان رامون دي بونيفاس الأدميرال الأول ملك قشتالة ، على الرغم من أنه لم يعرف لقبه الرسمي في هذه العملية .
وفي عام 1246 ، بعد غزو جيان وإشبيلية وغرناطة ، حيث كانت المدن الكبرى الوحيدة في شبه الجزيرة الايبيرية التي أذعن أنها لم تقع تحت سلطان المسيحية ، ومن الأثنين ، كانت غرناطة من شأنها أن تبقى شبه مستقلة حتى عام 1492.
وخلال صيف عام 1247، عزل القشتالية المدينة عن الشمال والشرق ، وذلك لتمهد الطريق للحصار ، والذي بدأ عندما أبحر رامون دي بونيفاس مع ثلاثة عشر من القوارب ، وكان يرافقه بعض السفن الصغيرة حتى الوادي الكبير ، وحوالي أربعين من السفن الصغيرة المتفرقة خرجت للتصدي لأي محاولة معارضة له .
وفي يوم 3 مايو ، اقتحم أسطول القشتالية الجسر العائم الذي يربط إشبيلية بتريانا . وكتب القديس ماغنوس أن المدافع استخدمت في الحصار ، مما جعلها سجلت أول استخدام للبارود في الغرب . وفي نهاية المطاف استسلمت المدينة في 23 نوفمبر 1248م بسبب المجاعة .
وضعت الشروط المحددة التي من شأنها السماح للقوات القشتالية دخول الكازار في موعد أقصاه بعد شهر ، ولكن قدم فرديناند دخول المنتصر إلى المدينة في 22 ديسمبر 1248 . وفي سجلات المسلمين ذكر أنه غادر حوالي 300،000 من سكان المدينة ، ويعتبر هذا الرقم مبالغ فيه .
رثاء سقوط إشبيلية :
بعد قراءة جميع المصادر الأساسية لهذا الأسبوع ، واحد تمسك بها أكثر لأنها أظهرت فعلا بعض المشاعر القوية من جانب المسلمين ، و كان هناك أشخاص لم ترغب في نقل حياتهم كلها في أي مكان آخر ، وقد عاش المسلمون في هذه المنطقة لفترة طويلة حيث أصبح منزل خط أسرهم وكان الشاعر نفسه من روندا ، وقال انه ليس فقط مسلم ولكنه ولد في إسبانيا ، ومن المفهوم أن هناك حسابات سلبية ضد المسيحيين ، ومن المثير للاهتمام أن نرى اثنين من وجهات نظر مختلفة ، لمنظور واحد حيث أن المسلمين لم تترك الأرض بسلام كما رأينا .
وكان أسلوب الشاعر في الكتابة واللغة للاستيلاء على اهتمام القراء حيث أنه ينقل مشاعره الخاصة للقارئ بطريقة دراماتيكية ، وأنه يستخدم الذاكرة الثقافية في كتاباته للتأثير على المسلمين في شمال أفريقيا لدفعهم للدعم عسكري ، وكان يشير الشاعر إلى أحداث في التاريخ العربي والفارسي القديم .
وبحلول منتصف عام 1930، خرجت اسبانيا من الازمة التي سيطرت عليها عاما في القرارات . وكان الحكومة اليسارية وقفت من قبل وسمحت لأجزاء واسعة من البلاد للوقوع في أيدي القوات اليمينية المتطرفة ، مثل الفوضويين والاشتراكيين الراديكاليين ، والشيوعيين ، وكان هؤلاء الناس ، مثل نظرائهم الثورية في دول أوروبية أخرى ، حيث أهتموا بشيئا قليلا أو بتاريخ وتقاليد اسبانيا.
وكان الغرض منها ليجرف كل ما يشم منه رائحة عن “اسبانيا القديم” : كالدين ، والتقاليد ، والهياكل الاجتماعية ، وأشياء أخرى كثيرة ، وتحقيقا لهذه الغاية ، وجدت الكثير من الدعم لهم من الأطراف المعنية في الخارج ، وأبرزها الاتحاد السوفيتي ، الذي رأى الأحزاب الشيوعية المحلية وملحقات أجهزة المخابرات الخاصة بها .
وفي الواقع كان عن طريق عشية اندلاع الحرب الأهلية في عام 1936، وبعض اليساريين الراديكاليين الذين قد بدأوا بنشاط لاضطهاد رجال الدين ، والجماعات الدينية ، وتقريبا أي شخص لديه ثروة أو التأثير الاجتماعي . إشبيلية كانت عاصمة الأندلس ، وكانت معروفه جيدا باعتبارها واحدة من المدن الأكثر تطرفا في إسبانيا .
وبحلول يوليو لعام 1936، بدأ التوتر الذي كان موجوداً منذ عقود ، وظل التطرف اليساري المتزايد من الحكومة المركزية في مدريد إما بالموافقة أو يتجه إلى أي بلد توقف أثار رد فعل غاضبا من قوى القانون والنظام والتقاليد .
والجيش الإسباني ، مثل معظم الجيوش ، كانت معقلا من المحافظة الأبية ، وكانت غير راغب في الجلوس والسماح للبلاد أن تنحدر الى الفوضى الثورية ، وهكذا كان يمهد الطريق لواحدة من الحروب الأهلية الشرسه في القرن العشرين .
وبدأت انتفاضة الجيش ضد الحكومة المركزية من 17-18 يوليو ، وكان على رأسهم تمرد الجنرالات فرانكو ، مولا ، Sanjurjo ، Goded ، وكويبو دو لانو ، مثل كل الانقلابات ، وكان من المهم معرفة الأماكن لبسط سيطرتها على المراكز الحضرية الرئيسية في اسبانيا منذ البداية ، حيث تم التآمر بجرأة .
ونجح التقدم الفوري في بعض الأماكن ، وفشل في البعض الآخر ، ولكن كان القبض على إشبيلية من قبل متمردين الجيش ، ملحوظ في استخدام كل القوة والجرأة للقيام بها . ولم يجعل قائد الجيش في إشبيلية ، كويبو دو لانو ، بعض المطالبات المبالغ فيها بشأن الاستيلاء على المدينة ، ولكن من الواضح أنه قام بإجراءات جريئة وحاسمة من قبل قوة صغيرة ضد واحد أكبر من ذلك بكثير وكان السبب الرئيسي هو التصاعد الناحج لإشبيلية .
وكان من المقرر الاستيلاء علي إشبيلية في وقت سابق ، من قبل وحدات من حامية إشبيلية برئاسة خوسيه كويستا Moreneo ، وجاء ضباط آخرين في المنطقة وربما كانوا على بينة من خطة وضعت للاستيلاء على المدينة .
وانتقل كويبو دو لانو بسرعة في صباح يوم 18 يوليو لاعتقال الشخصيات المدنية والإدارية الرئيسية في المدينة ، أولئك الذين رفضوا الانضمام إلى الصاعد ، فبعضهم إما اعتقلوا أو أعدموا . وتم قصف المباني التي تؤوي الحكومة المدنية وإرغامها على الخضوع .
وفي النهاية تم اعتقال الحاكم المدني ، وقائد الشرطة ، وحرس الاعتداء ، وحاكم إشبيلية ، خوسيه ماريا فاريلا Rendueles ، وحكم عليه بالسجن لمدة 30 عاما .
وعندما وجدت القوى اليسارية كل ما كان يحدث ، قامت فورا بتسليح أنفسهم ” والكثير كانوا مسلحين بالفعل” ، ودعت إلى إضراب عام بالمقاومة المسلحة ، وكانت الحكومة المركزية اليسارية في مدريد عاجزه جدا عن فعل أي شيء ، والتشكيك في حقها في حكم اسبانيا في المقام الأول .
وقام العمال ببناء المتاريس في مناطق تريانا ولا ماكارينا ، حيث واصل المتمردون سيطرتهم على المدينة : من المحطات الإذاعية ، ومراكز الاتصالات ، وصودرت قاعة البلدة بسرعة من قبل رجال كويبو دو لانو ، الذي كان يحث علي السرعة ، وأكثر سرعة .
ثم تعرضت القوى اليسارية المسلحة للهجوم ، واستدعت الجيش علي أن يخشى نخبة الفيلق الإسباني ، الذي من شأنه أن يتعامل مع العناصر الشيوعية والماركسية في المدينة . وأي شخص حتى مع أدنى علاقات مع جماعات يسارية تكون مستهدفة لتنفيذها .
وهاجم الفيلق المناطق اليسارية من المدينة ، بعد أن عانوا سنوات من الاستياء ضد الغطرسة اليسارية والوحشية التي تضخمت الآن إلى السطح وأدت إلي الغضب والعنف الانتقامي . مما أسفر عن مقتل شخص الذي قدم أدنى مقاومة .
وعلى الرغم من أن العديد من المؤرخين اليساريين شجب العنف والوحشية المزعومة التي عرضها الفيلق والمساعدين المغاربي الملتزمة بإشبيلية ، ولكن في الواقع أنها هي الطريقة الأكثر فعالية للاستيلاء على المدينة واستعادة النظام . وسكن المؤرخون حول الفظائع التي ارتكبتها الشيوعية ، الفوضوية ، أو الميليشيات الاشتراكية في إسبانيا قبل وأثناء اندلاع الحرب . ولكن حدث ما حدث على نطاق واسع جدا ، ولا يمكن إنكاره .
وبعد أن أصبحت المدينة آمنة ، ألقي أي شخص لديه علاقات مع الحكم الجمهوري في السجن . وصدرت أحكام بالإعدام لتلك الذي يحالف الحظ بالتعاون مع القوي اليسارية .
وتشير التقديرات إلى أن نحو ثلاثة آلاف قتل في الشهر الأول بعد أن اخذت المدينة ، وبدأ التطهير الذي قامت به القوات الغير النظامية ” الحرس المدني ، Falangists، والميليشيات” في باقي المحافظة .
وعلى الرغم من ان الامر سيستغرق ثلاث سنوات طويلة لجلب الحرب إلى نهاية منتصرة ، كان سقوط إشبيلية خطوة هامة على هذا الطريق ، وأظهر الاستطلاع ان الجرئة ، والتنظيم ، والقسوة يمكن أن تفعله عند تطبيقها بشكل صحيح .
قصيدة سقوط اشبيلية :
لكل شيء إذا ما تم نقصان * * * فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول * * * من سره زمن ساءته أزمان
وهذه الدار لا تبقي على أحد * * * ولا يدوم على حال لها شان
أين الملوك ذوي التيجان من يمن * * * وأين منهم أكاليل وتيجان
وأين ما شاده شداد في إرم * * * وأين ما ساسه في الفرس ساسان
وأين ما حازه قارون من نهب * * * وأين عاد وشداد وقحطان
أتى على الكل أمر لا مرد له * * * حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من ملك و من ملك * * * كما حكى عن خيال الطيف وسنان
كأنما الصعب لم يسهل له سبب * * * يوما ولا ملك الدنيا سليمان
فجائع الدنيا أنواع منوعة * * * وللزمان مسرات وأحزان
وللحوادث سلوان يسهلها * * * وما لما حل بالإسلام سلوان
هي الجزيرة أمر لا عزاء له * * * هوى له أحد وانهد شهلان
أصابها العين في الإسلام فارتزأت * * * حتى خلت منه أقطار وبلدان
فاسأل بلنسية ما شأن مرسية * * * وأين شاطبة أم أين جيان
وأين قرطبة دار العلوم فكم * * * من عالم قد سما فيها له شأن
وأين حمص وما تحويه من نزه * * * ونهرها العذب فياض وملآن
قواعد كن أركان البلاد فما * * * عسى البقاء إذا لم تبق أركان
تبكي الحنفية البيضاء من أسف * * * كما بكى لفراق الإلف هيمان
على ديار من الإسلام خالية * * * قد أقفرت ولها بالكفر عمران
حيث المساجد صارت كنائس * * * ما فيهن إلا نواقيس وصلبان
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة * * * حتى المنابر تبكي وهي عيدان
يا غافلا وله في الدهر موعظة * * * إن كنت في سنة فالدهر يقظان
وماشيا مرحا يلهيه موطنه * * * أبعد حمص تغر المرء أوطان
تلك المصيبة أنست ما تقدمها * * * ومالها من طوال الدهر نسيان
يا راكبين عتلق الخيل ضامرة * * * كأنها في مجال السبق عقبان
وحاملين سيوف الهند مرهفة * * * كأنها في ظلام النقع نيران
وراتعين وراء البحر في دعة * * * لهم بأوطانهم عز وسلطان
أعندكم نبأ من أهل أندلس * * * فقد سرى بحديث القوم ركبان
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم * * * قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
لمثل هذا يبكي القلب من كمد * * * إن كان في القلب إسلام وإيمان