بسم الله الرحمن الرحيم



اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته



أن الإنسان الناجح لا يراقب غيره من الناس، ولا يحسدهم، ولا حتى ينظر إلى ما في أيديهم. ولا يكشف عيوب غيره، لأنه لا يملك رغبة، ولا وقتا ولا دافعا يُضيعه فيما لا يعنيه.
وهنالك الكثير من الناس الذين لا ينفكون عن مراقبة الآخرين، لمعرفة حاضرهم، ومستقبلهم، رغم ضغوط الحياة التي تزداد يوما تلو الآخر.
ويتفق المختصون بأن هذه الظواهر سلبية للغاية، وتحدّ من إبداع الناس وسيرهم إلى الأمام، وتعدّ من التصرفات البعيدة عن الأخلاق والثقافة، والغريب أن هناك من يتقن هذا الدور ويتمادى فيه إلى أبعد مما يحق له.

تيسير الخطيب يذهب إلى أن "انشغال الشخص بمراقبة غيره لن يُكسبه سوى تعب البال والهم"، ويستغرب من حال هؤلاء الأشخاص الذين "لا همّ لهم سوى مراقبة غيرهم من الناس"، فهُم في رأيه "يعانون من فراغ داخلي، ونقص يسعون لملئه بأي شيء على حساب الآخرين".

من راقب الناس أضاع وقته وجهده وعمره في عمل مذموم، فليس له الحق في أن يفتش عمّا يخفيه الناس، .
ومراقبة الآخرين من الأساليب السيئة التي يلجأ إليها بعض الأشخاص لغرض مَرَضي في أنفسهم؛ كالتشهير بالآخرين، أو للتعرف على أسرارهم، وقد يأتي هذا الفضول من باب الحسد وكراهية الآخرين، وفي ذلك ما يفسد الود بين الناس، ويقوض العلاقة بينهم، ويزعزع الصلات والثقة بينهم.

لا تنتهي مراقبة الجار لجاره، أو الصديق لصديقه، أو القريب لقريبه! ولا بين زميل زميله في العمل، فهذا يراقب ذاك، وذاك يترصد هذا، يراقب تحركاته وأعماله، يحللها ويفسرها، ويبدأ في التفكير والاستنتاج، ضاربا عرض الحائط بالمثل الشعبي الذي يقول "من راقب الناس مات همّا".


يقول مولى المتقين عليه السلام: "شر ما شغل به المرء وقته الفضول".
وَقَالَ (عليه السلام) : " ضياع العقول في طلب الفضول ".
وَقَالَ (عليه السلام) : " طاعة الجهول و کثرة الفضول تدلان علي الجهل ".

أن هذه الصفة تقلل من شأن صاحبها؛ "إذ للأسف هنالك من يتخذ هذه الصفة السيئة وسيلة للترفيه عن النفس، أو لقتل الوقت، أو ربما لاتخاذها "ممسكا" على الأشخاص، لغاية في نفس صاحبها".


"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، عازيا هذا السلوك إلى التنشئة الاجتماعية الخاطئة؛ حيث يتعلم الأطفال هذه الصفة السيئة من آبائهم، ويمارسونها بدون أن يخضعوها لمعيار "الصواب والخطأ"، لأنّ الأهل هم القدوة والنموذج في أعين أبنائهم.

أن الفضول يكاد يكون غريزة، أو هواية عند بعض الناس الذين يحبون مراقبة الآخرين، والتوغل إلى أسرار منازلهم، لأسباب مرَضية كثيرة، منها عقدة النقص، أو الحسد؛ إذ يتوهم هؤلاء أن الآخرين أفضل منهم، فيسعون إلى معرفة أسرارهم، علهم يحصلون منهم على أشياء يفتقدون إليها في حياتهم.

أن مراقبة الآخرين سلوك اجتماعي منبوذ، تكرسه التنشئة الاجتماعية الخاطئة، وغياب التوعية والإرشاد.

الفضول، وحبّ الاستكشاف، من الميول الفطرية عند الإنسان، من أجل معرفة الأشياء، فهي تظهر عنده منذ أن يبدأ يشعر ويحس بمن حوله.
إلا أن حب المعرفة والاكتشاف، كما يقول، إذا زاد على حده، وتحوّل إلى نوع من الفضول المَرضي الذي يُسبب القلق والضيق للآخرين، قد يؤدي إلى مشكلة حقيقية، وبخاصة عندما يتحوّل هذا الميل من مجرد رغبة في المعرفة، وحبٍّ في الاستطلاع، إلى انتهاك لأسرار الآخرين، والمساس بحرياتهم.
ويبين أن هذه الصفة السيئة تؤدي إلى أزمة في الثقة، وإلى التصادم بين الشخص الفضولي والشخص الذي يتم التدخل في شؤونه، مؤكدا ضرورة احترام خصوصية الآخر، وعدم التطفل على حياته الخاصة.

أن الفراغ الذي يسيطر على حياة بعض الأسر يعدّ من الأسباب التي تدفعها إلى التطفل على غيرها.
وتؤكد أنه بالإمكان في هذا الزمن الصعب، الإقلاع عن هذا السلوك، من خلال التوجه نحو الأمور المفيدة، ومن خلال اهتمام الفرد بمشاكله الخاصة، لأن التطفل على الآخرين لن يجدي نفعا