يقول علماء النفس إن كثيرا من الهموم والضغوط النفسية سببه عدم الرضا ، فقد لا نحصل على ما نريد ، وحتى لو حصلنا على ما نريد فقد لا يعطينا ذلك الرضا التام الذي كنا نأمله وحتى بعد حصولنا على ما نريد فإننا نظل نعاني من قلق وشدة خوفا من زوال النعم .
يقول أحد الحكماء ( لو أن أحدا ملك الدنيا كلها ما استطاع أن ينام إلا على سرير واحد ، وما وسعه أن يأكل أكثر من ثلاث وجبات في اليوم ، فما الفرق بينه وبين الفلاح الذي يحفر الأرض ؟ لعل الفلاح أشد استغراقا في النوم ، وأوسع استمتاعا بطعامه من رجل الأعمال ذي الجاه والسطوة )
فأحذر القلق والهموم فهي تفتك بالجسم وتهرمه كما قال المتنبي :
... والهم يخترم الجسيم نحافــة ويشيب ناصية الصبي ويهرم
وقد ذم الرسول صلى الله عليه واله وسلم التكالب على الدنيا فقال (( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة . ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه شمله ، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له )).
ويهدف هذا التوجيه النبوي إلى بث السكينة في الأفئدة ، واستئصال شأفة الطمع والتكالب على الدنيا وان الأرزاق مقسومة مقضية .
فلا شك أن علاج الهموم هو في الرضا بما قدر الله ، والصبر على الابتلاء واحتساب ذلك عند الله ، فإن الفرج لا بد آت .
والساخطون والشاكون لا يذوقون للسرور طعما . فحياتهم كلها سواد دامس ، وليل حالك .
أما الرضا فهو نعمة روحية عظيمة لا يصل إليها إلا من قوي بالله إيمانه ، وحسن به اتصاله .
والمؤمن راض عن نفسه ، وراض عن ربه لأنه آمن بكماله وبحكمته ، وأيقن بعدله ورحمته .
ويعلم أن ما أصابته من مصيبة فبإذن الله . وحسبه أن يتلو قول الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
(( وما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم ))
والمؤمن يؤمن تمام اليقين أن تدبير الله له أفضل من تدبيره لنفسه ، فيناجي ربه ويقول
( بيدك الخير إنك على كل شيء قدير )
وتذكر قول رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم (( ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس )) .
فالله أعلم واحكم وهو علام الغيوب وهو من خلق الخلق ويعلم ماهو الأصلح لهم
أليس الله بأحكم الحاكمين...