كثيرًا ما تصادف أشخاصًا لا يزالون بعمر الشباب، لكنك تتفاجئ بأن لديهم خصل شعر بيضاء اللون، فيخبرونك أنهم مرّوا بظروف صعبة، وقلق، وضغط، وتوتر، وهو ما أدى لظهور الشيب؟ فهل الضغط يؤدّي لشيب الشعر؟
لتتضح الصورة، أولًا علينا أن نفهم آلية عمل الشعر، تخيّل أن فروة رأسك هي المصنع، والمُنتَج هو الشعر الذي تراه يوميًا وتقوم بتسريحه. جزء من هذا العمل يتضمّن تشكيل الصباغ في الخلايا، والتي تُسمّى بالخلايا الصباغية. تنمو بصيلات شعر الشباب عادة بلون بني، أو أسود، أو أشقر، أو أحمر بدون أية مشاكل. لكن قد تتعرّض الخلايا الصباغية للتلف خلال الفترة التي يتعرّض فيها الإنسان للضغط، وتُسمى هذه الحالة “الإجهاد التأكسدي”.
هذا قد يكون بشكل مؤقت، لكن مع مرور الوقت، وبوصول الإنسان لأواخر العشرينات وكذلك الثلاثينات تضعف مصانع بصيلات الشعر، وتضعف كذلك الجينات المسئولة عن محاربة الأكسدة، ومع تراكم المركبات الكيمائية مثل بيروكسيد الهيدروجين في مسام البصيلات، تضعف الخلايا الصباغية وتموت، ما يؤدي لنقص الصباغ، فيظهر الشعر بلا لون. ومن مضاعفات هذا الأمر، أن الشعر يصبح أكثر خشونة وهشاشة.
وعن تأثير التوتر والضغط على شيب الشعر، تقول أخصائية الأمراض الجلدية “ميري سايبيرج” بأن الضغط يؤدّي إلى الشيب، لكن ليس بالصورة التي نتخيلها، فهو يؤدّي إلى التساقط الشديد أكثر من كونه يؤدي للشيب. لكن هناك استثناءات فالضغط المزمن يزيد من الإجهاد التأكسدي، وهناك دراسات وجدت علاقة بين الضغط العاطفي، وزيادة الإجهاد التأكسدي.
وهناك بعض حالات شيب الشعر التي سجّلها التاريخ لبعض السجناء، فعلى سبيل المثال، تحوّل شعر توماس مور 1535، وماري أنطوانيت 1793 إلى اللون الأبيض في ليلة وضحاها قبل الإعدام. وبحسب الدكتورة ميري فإن كانت هذه القصص حقيقية، فعلى ما يبدو أنهم أصيبوا بداء الثعلبة الذي يؤثر على 1% من الناس، والذي يؤدّي لتغير نصف الشعر في ظرف ساعات معدودة.
هناك حالات طبية، وعوامل بيئية، وعادات أيضًا تزيد من سرعة تعرّض الشعر للشيب. فالمدخنون عرضة للشيب أكثر بأربع مرات من غير المدخنين، كذلك الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية، ومن يتعرّض لفترات طويلة من الهواء الملوث.