ولد فلاديمير نابوكوف (صاحب رواية لوليتا الشهيرة) في مدينة بطرسبورغ في 10 (22 وفق التقويم القديم وكان ابوه فلاديمير دميتريفتش نابوكوف محامي وشخصية اجتماعية مرموقة، وباعتراف الكاتب نفسه، فان عائلته احتفلت بعيد ميلاده وفقا للتقويم الروسي القديم، وهو التاريخ الذي ربطه بعيد ميلاد وليم شكسبير.ينحدر والد الكاتب من عائلة نبلاء قديمة الاصول، وكانت امه ابنة لاحد تجار صناعة الذهب وتلقي الاديب في طفولته التي رافقته سعادتها طيلة عمره، تربية منزلية رفيعة وتعلم اللغة الانجليزية قبل ان يتحدث الروسية، وحصل علي تعليم ممتاز.

ول مجموعة شعرية عام 1916 قبل ان يتم تعليمه الثانوي. رغم ان الكاتب لم يسبغ اهمية علي تلك المجموعة. وانتقل نابوكوف وعائلته بعد اندلاع الثورة البلشفية والحرب الاهلية الي شبه جزيرة القرم علي البحر الاسود، حيث درس الادبين الفرنسي والروسي. وهناك عكف علي كتابة الشعر والقصص القصيرة، والمقالات بما في ذلك في علم الحشرات الذي تضلع فيه مدي حياته وكان مولعا بلعبة الشطرنج التي بني العديد من روايته علي قواعدها، وهاويا لكرة التنس والقدم.. وفي الوقت نفسه نشر في صحيفة (المقود) باسم (فلاديمير سيرين) المستعار. وفي نهاية مارس عام 1922 وقع الحدث الذي هز اعمالق الكاتب الشاب، وانعكس علي مجمل حياته اللاحقة، حين اغتال ارهابي من انصار القيصرية، ابيه في برلين. واحيا نابكوف صورة ابيه وموضوع الخسارة علي هيئة المبعوث علي صفحات روايته (الموهبة).
وعاد نابكوف بعد انتهائه كمبرج الي المانيا ليقطن فيها. وكتب كثيرا لا الشعر وحده، بل النثر والمسرحية، والمقالات النقدية. والترجمة، لمشاهير أدباء الانجليزية والالمانية والفرنسية، وتعود له ترجمات غوته ورولان رولان ورامبو وبودلير وبايرون وكيتس وفاليري وغيرهم. وامتهن التدريس. وفي عام 1925 تزوج، وكتب اول رواية كبيرة له (ماشنكا). وتلقي النقاد الرواية بتقدير عال وتكهنت اوساط المهاجرين الروس الادبية، بدخول اديب واعد في الادب الروسي الذي يمكن الانتظار الكثير منه وقال عنه الاديب الروسي الحائز علي جائزة نوبل ايفان بونين، لقد اكتشف نابوكوف كوكبا جديدا (في الادب). واخذت شهرته بالاتساع وسط الشتات الروسي في اوروبا، بعد نشره رواية (دفاع لوجين) واثر صعود النازية الي سدة الحكم في المانيا في بداية الثلاثينات غادر نابكوف الي الولايات المتحدة ليقطن هناك زهاء 15 عاما ويبدأ مرحلة وخلف بعده تراث ادبي غزير، واسئلة مازالت دائرة بصدد ادبه ومصادره وانتماء ادبه.

يقول فلاديمير نابوكوف عن نفسه انه كاتب امريكي ولد في روسيا وتلقي تحصيله الاكاديمي في انجلترا، حيث درس الادب الفرنسي، واقام في المانيا علي مدي خمسة عشر عاما. ويضيف (ان لساني يتحدث الانجليزية وقلبي بالروسية، اذني تسمع الفرنسية). ان مراجعة اعمال نابكوف تؤكد تعددية مصادر ابداعاته، وتنوع عوالم رواياته الغزيرة بهذه الكلمات المأثورة يبدأ الناقد والمترجم الروسي بوريس نوسيك كتابه (عالم وموهبة فلاديمير نابكوف) الصادر عن دار (بيناتي) المسكوفية ونال شهرة واسعة لكونه اول سيرة لحياة الروائي والشاعر الكبير تصدر في بلاده في روسيا. وظلت اعماله منذ غادر بلاده يافعا اثر اندلاع الثورة البلشفية مجهولة للقاريء الروسي لم يبد حماسا لها وبدت له فن غريب، رغم تقدير النقاد البالغ لها. ولم يتعرف ايضا القاريء العربي علي نابكوف الا بعمل او بعملين.
ويجمع النقاد الامريكيون، علي ان اعماله جزء من الادب امريكي وعلي ان عوالمه، فيما يتلمس فيه الروس جذور عظمائهم من بوشكين غوغول الي تولستوي، ويعكف دارسوه طيلة عقود علي حل عقدة رموز وافكار اعمال فلاديمير نابوكوف الذي تواصل الاوساط الثقافية في روسيا والعالم الغربي الاحتفال بمئويته. ومارس نابوكوف منذ ظهور اول مجموعة شعرية له عام 1916، وعلي مدي ربع قرن متلاحقة كتابة القصة والشعر، والمسرحية والمقالة والنقد الادبي، باللغتين الروسية والانجليزية وكتب بالفرنسية، واغني الثقافة الروسية في المهجر وترك بصمات واضحة علي الثقافة العالمية في القرن العشرين.
وخلف نابوكوف ثماني روايات باللغة الروسية والعديد باللغة بالانجليزية، حملت كل مجموعة خصائصها، وربطتها وشائج خفية، هي رؤية الكاتب وفلسفته في الادب والحياة، ولف نابكوف ادبه بغموض هو جزء من مفهومه للعملية الابداعية، وظلت معظم شخوص رواياته واعماله المسرحية دون هويات وعوالمه دون تاريخ او نسيج قومي محدد. ويحيلنا ادب نابوكوف الي حقيقة، خطل محاولة تفسير المؤلف الادبي، والاحري معايشته، فان خضوع العمل الادبي لعملية تفسير قسري وتلخيصه بموضوعات خارج عنه جناية علي فنيته.
وبلغت شهرة نابكوف ذروتها علي تخوم ال60 وال 70 من القرن العشرين، في العالم الغربي، واعتبره نقاده، سليلا مباشرا للكبار: جيمس جويس وجوزيف كافكا وتوماس اليوت، ولم يكن اقل شأنا منهم بقدراته التعبيرية والتشخيصية وقوة الخيال. وفي محاولة لفك (اسرار نابوكوف) للقراء العاديين، قالت الاكاديمية الادبية الامريكية عنه، بانه كان يعمل علي بلوغ الكمال المطلق، واطلاق مكامن الشعور، واعادة خلق طوفان نابوكوف الطرائق والاساليب اللفظية، علي المضامين الفكرية للعمل الفني.


تتوزع روايات نابوكوف التي كتبها بالروسية بين مجموعتين مختلفين في المحتوي والجغرافية. الاولي استلهمت موضوعاتها من حياة المهجر والغربة والثانية والثالثة تناعمت مع الواقع والتقاليد الاوروبية في المنحي النفسي والحياتي اليومي، والبعد الجمالي والفني. ورغم ان لغتها وبدات المرحلة الاولي برواية (ماشينكا) وانتهت ب (الموهبة). فالشخوص الروسية القادمة روسيا القيصرية من وطرائق تعاملها، وثقافتها الروحية، ورات مهمتها العليا بالمحافظة عليها الحقبة الروسية، انعكست من السيرة الشخصية للكاتب نفسه.. وسادت عوالمها الاجواء.
ولم تكن الطموحات بتحسين الوضع الاجتماعي والمعيشي، والاهواء الجنسية والرغبة بامتلاك السلطة بغريبة عن شخوص نابوكوف، ولكنها كانت مشوبة وعلي الطريقة الروسية بمناحي ذات ابعاد كونية وفلسفية. فشخوص رواية ماشينكا، مجموعة من الروس كانوا نزلاء بنسيون في برلين، تجمعهم محنة الغربة، وضبابية افق المستقبل، والحنين للوطن الام والانتظار والوقوف عند مفترق الطريق. وتبلغ ذروة الحدث حينما تتراجع الشخصية من استقبال ماشينكا، المرأة التي استحوذت علي كينونته، وتعذب شوقا لها، ولم يعد ثمة سبب للالتقاء بها.
فلاديمير نابوكوف رواية ماشينكا فلاديمير نابوكوف رواية ماشينكا فلاديمير نابوكوف رواية ماشينكا فلاديمير نابوكوف رواية ماشينكا