قيادة الامة بيد المرجع الحكيم
منذ سنوات مضت والشعب ينظر الى الحل الذي سياتي من هنا او هناك بسبب تدهور الاوضاع السياسية في العراق التي تسبب بها بعض اقزام السياسة واصحاب النفوس المريضة ممن يلهثون وراء المال كالكلاب المسعورة .
وتعودنا عندما تمر بنا الماسي ان نلجا الى النجف الاشرف التي كانت ولا زالت تحنل سرا خفيا في الحفاظ على الامة من الانهيار وهذا ما حصل بالفعل خلال السنوات العشر الماضية فكنا نخاف او نشعر بالخطر ولكن تتدخل المرجعية نامن ونطمئن .
ومن حسن حظنا اننا حظينا بمرجعية ليس لها نظير في تاريخ التشيع فهي تتحرك متى ما كان التحرك هو المناسب وتسكت متى ما كان السكوت هو الصحيح وشغلت بحكمتها الاذهان التي كانت تراقب من بعيد كيفية تاثيرها الكبير على جميع الفصائل والطوائف .
وكانت فاجعة سامراء الدامية اكبر امتحان يمكن ان يفقد الانسان فيه صوابه ..كيف وقد هدمت مراقد ائمة لم يستطع ان يتجرا على تهديمها اعتى الطغاة ,ومع ذلك اجتمعت المرجعية في بيت الكبير والحكيم لتضع القطار الشيعي على السكة الصحيحة وتحفظ دماء المسلمين وبقية الطوائف على حد سواء ...
وراهن الكثيرون على انفلات الامور من يد المرجعية عندما وقعت هذه الحادثة وعملت الوكالات الماجورة في الاعلام العربي على تكبير اثار هذه الفاجعة في الفضائيات حتى ظن البعض ان التزايد في حجم الخروقات سيزداد يوما بعد اخر وبعض ان تبين الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر صار واضحا ان هناك صماما للامان في هذه الامة سيكون موجودا عندما تزداد الامور تعقيدا... ولذلك ذهبت جهود الارهاب ادراج الرياح ...
ومن الغريب ان المرجعية لم تكن تعمل بصورة معلنة في بداية الامر الا ان التاثير الكبير لها كان واضحا لكل متابع حتى اصبحت الامم المتحدة تتفاوض مع المرجع الاعلى وتترك السياسيين الغارقين في اوهام السلطة والمال ينهبون اموال الشعب ...
وتساءل البعض عن كون التصدي المذكور مقدمة للتدخل في الشان العام من اجل السلطة كما هو شان كل راغب في التاثير على مستقبل الامة ؟؟؟
وجاء الجواب سريعا ان عمل المرجعية ابوي ولكن الاب الخبير في مسؤوليته ليس كالاب الصغير في اهدافه ومن هنا دانت الرقاب للخبرة التي حظي بها المرجع الحكيم فصار مرجعا وابا وخبيرا في القانون ومطلعا في السياسة وناصحا عند الحاجة .
وكان هناك كلام كثير في الساحة عن اهلية المرجع في قيادة الامة وكتب البعض من العلماء بحوثا في هذه الصفة واقترح البعض من الفقهاء اضافتها الى شروط المرجعية .
وبحسب المباني الفقهية لا توجد ضرورة للاضافة المذكور خصوصا وان الصفات التي ذكرت للمرجع هي صفات القاضي الذي يحكم بين الناس .
ولو تنازلنا عن ذلك كله وقبلنا بكون الاهلية مهمة جدا في بعض الظروف التي قد تمر بها البلاد وتخشى فيها العباد لكان الجواب هو الجواب ...
وقد حدثنا التاريخ ان شخصا غربيا في منصب دبلوماسي كبير اراد ان يحصل على موضع قدم له من خلال تقديم المال الى السيد الاصفهاني بحجة مساعدة المعوزين وكان الجميع خائفا من عدم دراية علماء الامة الذين يعيشون في اماكن بعيدة عن السياسة ورواج هذه الخدعة عليهم.
ولكن السيد المرجع الاصفهاني امسك الورقة بيده ووضعها جانبا ثم اضافا اليها مبلغا من عنده وطلب من نفس هذا الدبلوماسي ان يدفعهما لعوائل المسلمين الهنود الذين ذهبوا ضحية في المعارك التي جرت مع البريطانيين ؛فما كان من هذا الدبلوماسي الا ان يخرج متمتما وهو يقول هذا الرجل احق بقيادة بريطانيا ممن ارسلوني لخداعه وعليهم ان يقدموا استقالتهم لهذا الموقف الفطن .
ومن اجل هذه النكات المهمة في تصرفات مراجع الشيعة طوال التاريخ الناصع ومنها ما يحصل الان من قبل المرجع الاعلى صار لزاما ان يفهم الجميع ان الاهلية لا تخص احدا بل ان المظلومية تعطي قيمة للمرجع المظلوم وكم كان الناس يظن ان المرجعية في النجف ستقف على الحياد في احداث الانتفاضة الشعبانية الا ان موقف المرجعية في ذلك الوقت كشف عن عمق التدبير والاهلية لقيادة الامة في تلك المرحلة وحمايتها في المراحل السابقة وهذا الدور هو عين ما قامت به المرجعية هذه الايام عندما حافظت على اليد البيضاء بالنسبة للدماء وعندما جاء وقت المطالبة بالحقوق كانت السباقة الى ذلك وهذا يؤكد اهلية هذه المرجعية وقراءتها للامور بصورة واضحة وجلية بما يعطيها صفة التقدم حتى على امثالها من المرجعيات ويشهد لذلك الفتوى التي صدرت من المرجعية والتي لم يبق احد له لسان الا واشاد بها حتى وصفها السيد الخامنئي بانها الهام الهي وهذا امر ليس عاديا بالنسبة لمرجع في تقييم فتاوى مرجع اخر ونحن نشعر بان الله قد اختار لنا هذا الرجل ليحفظ هذه الامة من الضياع والتشتت.
جميل مانع البزوني