وجه مكتب المدعي الروسي تهما عدة في إطار سوء معاملة الأطفال لأفراد طائفة إسلامية تسمي نفسها «المؤمنون» بعد تنامي الشبهات في أنهم يحتجزون صغارهم داخل زنزانات تحت الأرض لأكثر من عشر سنوات.
ونقلت الصحف الغربية، على الأقل، عن تلفزيون «فيستي» الروسي أن مكتب المدعي في كازان، عاصمة إقليم تتاستان الذي تقطنه أغلبية مسلمة كاسحة، وجه الاتهام بشكل رئيس الى مؤسس الطائفة وإمامها، فايز رحمن ستّاروف (83 عاما) وهو إمام سابق في إقليم بشكيروستان المجاور - في الإطار نفسه وتحديدا تحت بند الإهمال.
وعُلم أن ستّاروف هذا أعلن نفسه نبيّا وأصدر أوامره الى نحو 70 من أتباعه بالامتناع الكامل عن أي اتصال بأي شكل كان مع العالم الخارجي. ولهذا فقد أقام هؤلاء الأخيرون زنزانات لإقامتهم تحت منزل في محيط كازان الخارجي منذ مطالع القرن الجديد. ولم يكن يُسمح إلا لعدد صغير معيّن بالخروج لغرض البيع والشراء في أحد أسواق المدينة.
ونقل تلفزيون «فيستي» عن ناطق باسم مكتب المدعي العام أن هذا الوضع أجبر نحو 20 من الصغار - تتراوح أعمارهم بين سنة و17 سنة - على العيش في هذه الزنزانات، وأن بعضهم لم ير نور الشمس بعينيه طوال حياته. وقالت طبيبة الأطفال، تاتانيا موروز، إن الصغار نقلوا جميعا الى أحد المستشفيات. وسيعيشون، بعد إكمال الفحوصات الطبية عليهم، للعيش في دار للأيتام الى حين بت القضاء في أمرهم بشكل نهائي.
وكانت الزنزانات التي أقامها «المؤمنون» بدائية من دون تهوية أو تدفئة أو كهرباء، وشيدت على ثمانية طوابق تحت المنزل المؤلف أصلا من ثلاثة طوابق ويشغل مساحة 700 متر مربع. وقال ناطق باسم الشرطة المحلية إن السلطات ستشرع في هدمه بأسرع وقت ممكن لأنه بني من دون ترخيص رسمي.
وعثرت الشرطة الروسية على هذا المقر السري الأسبوع الماضي عندما بدأت تفتيش المنزل كجزء من عملية البحث عن تتاري قتيل يُعتبر بين أبرز أئمة المدينة. وألقى المسؤولون المحليون باللائمة في اغتياله على الجماعات الإسلامية الأصولية التي راحت تتكاثر في السنوات الأخيرة في هذه المنطقة الغنيّة بالنفط.
يذكر أن ستّاروف - إضافة الى زعمه النبوءة - أعلن منزله هذا «دولة إسلامية مستقلة». ورغم أنه كان يعيش مع أفراد طائفته السرية في أطراف كازان، فإن وسائل الإعلام المحلية تقول إن له أتباعا آخرين في مدن تتارية أخرى عدة. ومع ذلك فإن طائفته في منزله في كازان ترفض استقبال أي أعضاء جدد بغض النظر عن ولائهم لها.
مسجد وكنيسة متقاربان مكانيّاً في كازان المشتهرة بالتسامح الديني
وكان هذا الرجل قد قال في حوار مع صحيفة «كومسومولوسكايا برافدا» اليومية العام 2008 إنه انشق عن تيار الأئمة الرئيس وعن سلطات البلاد خلال الحقبة الشيوعية عندما أرسلته «كيه جي بي» (المخابرات السوفياتية) الى عدد من الدول الإسلامية ليبيّن لها الحرية التي ينعم بها المسلمون داخل الاتحاد السوفياتي.
ويذكر في هذا المقام أن عددا من أئمة المسلمين واليهود كانوا يقومون بجولات مماثلة في تلك الحقبة للترويج للحرية الدينية تحت راية موسكو الشيوعية. وقال ستّاروف: «هكذا صرت عبدا للشيطان. لكنني تنبّهت الى هذه الحقيقة فتبت وبدأت مواعظي من أجل إنقاذ الإسلام والمسلمين».
وتبعا للتقارير الواردة فقد أحدثت الواقعة صدمة وسط 1.5 مليون نسمة هم عدد السكان في عاصمة الإقليم الواقعة عند ملتقى نهري الفولغا والكازانكا. وتعتبر كازان ثامن المدن الروسية من حيث الأغلبية المسلمة، وتتميز بتعايش نموذجي بين المسلمين والمسيحيين.