هل تعرف السر: أين يفطر أهل غزة ولماذا؟
الإفطار على البحر.. فرار من لهيب البيوت
على طول شاطئ بحر شمال قطاع غزة، انتشرت عشرات الأسر الفلسطينية تنصب خيامها استعداداً لتناول طعام الإفطار، بعد أن امتلأت أغلب الاستراحات بالوافدين الهاربين من لهيب الحر في منازلهم علّهم يظفرون بنسمات الهواء العليلة.
الإفطار على شاطئ البحر أمر ليس مستحدثاً في قطاع غزة، غير أنه تحول هذا العام إلى ما يشبه ظاهرة، كان السبب وراء انتشارها حلول شهر رمضان المبارك في أشد أشهر السنة ارتفاعاً بدرجات الحرارة التي وصلت إلى 38 درجة مئوية مع ارتفاع في نسبة الرطوبة، واشتداد أزمة انقطاع التيار الكهربائي.
"شاطئ البحر هو المتنفس الوحيد "المجاني" الذي نتمكن من القدوم إليه دون عناء أو تكلفة باهظة، هرباً من هموم الحياة وضيقها"، بهذه الكلمات عبر المواطن "أبو محمد صباح" (52 عاماً) الذي اصطحب أطفاله الخمسة وزوجته لتناول طعام الإفطار على شاطئ البحر، موضحاً أن زوجته أعدت الطعام في المنزل.
يضيف أبو محمد "اصطحبت أطفالي وزوجتي للبحر هروباً من حر المنزل والحرارة الشديدة، وانقطاع التيار الكهربائي، فلا شيء يشجع على البقاء في المنزل".
ويتابع "هنا على الأقل منظر البحر يفتح النفس ويفرج ما في الصدر من هموم الحياة، إضافة للهواء الطلق المنعش الذي نتمنى نسمة من نسماته ونحن في المنزل".
سألت ابنه محمد(17 عاماً) عن رأيه، فقال: "بيتنا من الأسبست، والحرارة مرتفعة، وبيوت الجيران عندنا في معسكر جباليا متلاصقة، وحتى على باب المنزل نادراً ما تمر نسمة هواء، والكهرباء قاطعة، ولن نشاهد التلفاز، فلماذا نبقى في البيت ؟!!".
غير بعيد عنهم، كانت مجموعة من الشباب في العشرينات من عمرهم، علا صوت ضحكاتهم وهم يعدون طعام الإفطار ورائحة "المشاوي" تعبق الأنفاس وتفتح شهية الصائمين.
"محمد حمدان" طالب في قسم اللغة العربية بجامعة الأزهر، قال: "نحن مجموعة أصدقاء منذ زمن طويل، وكل عام كنا نفطر مرة أو مرتين على شاطئ البحر، غير أننا في هذا العام أفطرنا على أكثر من 7 مرات ونحن ما زلنا في نصف رمضان فقط".
ويتابع محمد "السبب معلوم للجميع, الحر والكهرباء، لم يمر علينا جو مثل هذا من قبل"، مؤكداً أن الحل الوحيد هو شاطئ البحر، أو "البحر" نفسه، مبدياً رغبته وأصدقائه في الإفطار على ظهر سفينة صغيرة وسط البحر، غير أن تكاليف إيجارها هي العائق أمامهم، مؤكداً أنهم سيحققون رغبتهم يوماً ما.
ويضيف "انظر لشاطئ البحر، العائلات والناس منتشرون في كل مكان، حتى تظن أنه ما من أحد يفطر في منزله".
ويوضح محمد أن سهرته وأصحابه تمتد إلى منتصف الليل تقريباً، فليس هناك دافع يشجعهم على العودة مبكراً إلى منازلهم، التي جعلت منها شدة الحرارة وانقطاع الكهرباء "حمامات ساونا" على حد وصفه.
ولا تزال أزمة انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة متواصلة منذ 6 سنوات بعد أن قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي محطة توليد الكهرباء وسط القطاع عام 2006، في ظل وعود متكررة بحلها والتخفيف منها.