هل الانسان مسير ام مخير هناك العديد من الناس تسأل هذا السؤال
منقول دون تصرف
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
بسم الله الرحمن الرحيم
مجرد التفكير في انك مخير ام مسير هو أكبر دليل على أنك مخير ولست مسير .. ذلك أن المسير لا يفكر في أفعاله هل هو مجبر أم لا وإنما ينفذ بدون تفكير ومعرفة الهدف أو النتائج المترتبة على تنفيذ الأمر .. بعكس المخير يفكر بالفعل والنتائج المترتبة على ذلك الفعل وعليه يقرر القيام به أم لا.
لذلك وجود العقل المدرك في الذات يحتم وجود حرية الإختيار في الفعل الصادر عن الذات وهذا هو الفرق بين الإنسان وغيره من المخلوقات.
وان موضوع التخيير والتسيير والقضاء والقدر من اصعب الامور والتي يحار العقل فيها وهناك ايات في القرأن الكريم تشير الى ان الانسان مخير وبامكانه عمل ما يشاء والحساب يوم القيامه ويوجد أيات أخرى تشير الى ان كل شيء بيد الله من شاء الله هداه ومن شاء اضله والذي يريح الانسان هو العوده الى الاصل وهو ان الله أعلم بعباده وارحم وأكرم
حواجز البيئة و ضغوط الظروف لا تقوم دليلا على عدم الحرية بل هي على
العكس دليل على وجود هذه الحرية.. فلا معنى للحرية في عالم بلا عقبات.. و
في مثل هذا العالم الذي بلا عقبات لا يسمى الإنسان حرا، إذ لا توجد لرغباته
مقاومات يشعر بحريته من خلال التغلب عليها.
و الحرية لا تعبر عن نفسها إلا من خلال العقبات التي تتغلب عليها.. فهي تكشف عن نفسها بصورة جدلية من خلال الفعل و مقاومة الفعل.
و لهذا كانت الضغوط و العوائق و العقبات من أدلة الحرية و ليس العكس.
الفيلسوف الغزالي يحل المشكلة بأن يقول إن الله حر مخير مطلق التخيير و
المادة الجامدة مسيرة منتهى التسيير.. و الإنسان في منزلة بين المنزلتين..
أي أنه مخير مسير في ذات الوقت.. مخير بمقدار مسير بمقدار.
و توضيحا لكلامه أقول إن الإنسان حر مطلق الحرية في منطقة ضميره.. في منطقة
السريرة و النية.. فأنت تستطيع أن تجبر خادمك على أن يهتف باسمك أو يقبل
يدك، و لكنك لا تستطيع أن تجبره على أن يحبك.. فمنطقة الحب و الكراهية و هي
منطقة السريرة منطقة حرة حررها الله من كل القيود و رفع عنها الحصار و وضع
جنده خارجها..
لا يدخل الشيطان قلبك إلا إذا دعوته أنت و فتحت له الباب.
و قد أراد الله هذه النية حرة لأنها مناط المسئولية و المحاسبة.
أما منطقة الفعل فهي المنطقة التي يتم فيها التدخل الإلهي عن طريق الظروف و
الأسباب و الملابسات ليجعل الله أمرا ما ميسرا أو معسرا حسب نية صاحبه.
(( فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8)
وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) )) (الليل)
يمهد الله أسباب الشر للأشرار.. و يمهد أسباب الخير للأخيار.. ليخرج كل منا ما يكتمه و يفصح عن سريرته و نيته و يتلبس بفعله.
و بهذا لا يكون التسيير الإلهي منافيا أو مناقضا للتخيير، فالله يستدرج
الإنسان بالأسباب حتى يخرج ما يكتمه و يفصح عن نيته و دخيلته و يتلبس
باختياره.
الله بإرادته يفضح إرادتنا و اختيارنا و يكشفنا أمام أنفسنا.
و من ثم يكون الإنسان في كتاب الله مخيرا مسيرا في ذات الوقت.. دون تناقض..
فالله يريد لنا و يقدر لنا حتى نكتب على أنفسنا ما نريده لأنفسنا و ما
نخفيه في قلوبنا و ما نختاره في أعمق الأعماق دون جبر أو إكراه، و إنما
استدراجا من خلال الأسباب و الظروف و الملابسات.
و في إمكان الواحد منا أن يبلغ ذروة الحرية بأن تكون إرادته هي إرادة الله و
اختياره هو اختيار الله و عمله هو أمر الله و شريعته.. بأن يكون العبد
الرباني الذي حياته هي الناموس الإلهي، فيعبد الله حبا و اختيارا لا
تكليفا..