لم أشعر يومًا أن هذا هو اسمي ، لكنِهم ظلّوا ينادونني به طوّالَ الوقت مُتجاهلين جميعَ اعتراضاتي عليه ، لقد فعلوها الآن مُجددًا قبلَ أن يتركونَني وحيدًا في الغُرفة ويذهبوا ، إنهُم يظنونَ أنني كَبُرت ؛ الديوان الشِعري الضخم ومنفِضةُ السَجائر والقُصاصاتْ المُبعثرة رانّتْ على قَلقهُم فمّا عَادوا يخَافونَ عليّ مِن فُضول الطِفل الذي كُنتهُ ، الطِفلُ الذي ظنّوا أنّ الحياةَ قد سرقَت مِنهُ بَكارّة الدهشةِ وطزّاجةَ الأسئلة ثُم حولتهُ لبائسٍ كبير يتعاملُ معهَا وِفقَ تقلُباتِها ، كَم أُشفِقُ عليهِم ، فأنّا لازِلتُ ممسوسًا بالحياةِ تمامًا كمّا كُنتُ مِن قبل ، فَهُم لا يعرِفُونَ – مَثلاً – أنني مُنذُ أكثَر مِن ساعة أُحدِقُ بِكامِلِ الدّهشةِ الأزليةِ في حشرةٍ مُهتّاجةٍ أمامَ المِصباح تَغدو وتروح ، تفعلُ ذلِك بِكلُ رغبَة ، رُغمَ أنّها شاهدَت قبلَ قليلٍ غيرها تَم افتراسها مِن نفسِ المكان حينّ أسكرتها لِذةُ الضوءِ فاستسلمت لهَا وتنّاسَت خوفِ الطريدةِ فيهَا ، ولا يُدرِكون أيضًا أنني أعذُرُها ؛ فحقيقةُ الكائناتِ – كمّا ييدو – فِي رغبّاتِها لا فِي يقينِها .
Ofline