مواطن بصري يحول داره الى متحف
حيدر الجزائري / المربد
ما إن تدخل دار المواطن "ذياب كيطان حسن - ابو قاسم" في ناحية أم قصر بالبصرة، حتى تتملكك أحاسيس تنقلك إلى عصور وحقب من الأزمان مضت وأخرى معاصرة، ويأسرك عبق الماضي بتاريخه وحضارته.
تلك الدار البسيطة، تحولت بجهده وماله الخاص إلى متحف يثير دهشة زائريه، جمع فيه آلاف القطع النفيسة من المقتنيات الاثارية والتراثية والتاريخية والأحجار الكريمة واللوحات والتحفيات والمخطوطات النادرة، تخص حضارات واديان مختلفة، معظمها للحضارة الإسلامية والقرآن وأهل البيت عليهم السلام، وعلى ضوء ذلك اسماه بمتحف "الزهراء".
من حلم الطفولة إلى الحقيقة
ويقول صاحب المتحف في حديث خاص للمربد، إنه ومنذ الطفولة كان يهوى جمع التحفيات والأحجار الكريمة، وتحولت مع مرور العمر إلى رغبة شديدة باقتناء كل ما ينتمي لحضارة العراق وتاريخه والحقبة الإسلامية، وعرض تلك المقتنيات التي كانت نسخ قديمة من القرآن الكريم وقطعة فضية مكتوب عليها "ماشاء الله" في مقدمتها في"حسينية" صغيرة أنشأها بداره في مدينة أم قصر ليجعلها (وقف) للبصرة والبلد لتعزيز جانب الثقافة والحضارة والتراث الذي بات مغيباً، كما يقول.
ويشير إلى أن الحسينية التي تحولت لاحقاً إلى متحف شامل باسم "الزهراء" اخذ يعرض فيه قطع وآيات مكتوبة بماء الذهب وأخر بالفضة ونفائس وقطع فنية وحرفية مكتوبة بلمسات من العراق وإيران والهند والمغرب ومصر وغيرها من الدول، إلى جانب سيوف ودروع ومسكوكات وقطع وأوراق نقدية وتحفيات وخزفيات ولوحات ومحابس وسبح وآواني وقطع نادرة من العاج وغيرها الكثير والتي يؤكد بأنها نفيسة على مستوى عالمي.
محل للتحفيات
وعن حصوله على تلك القطع النادرة، يوضح بانه فتح محلاً لبيع وشراء (الأنتيكات) والقطع النادرة، ليكون رافداً لمتحفه، إلى جانب مشاركته في المزادات الرسمية لشراء لتلك القطع، علاوة على حصوله على جزء كبيرة منها كـ"هدية" من أصدقائه داخل وخارج العراق.
ويبين انه يبحث عن القطع النادرة ليشتريها أينما كانت، حيث قضى نحو سبعة أعوام للحصول على "قربة ماء" حقيقية، و أنتظر أربعة أعوام ليحصل على "جرة ماء"، واستطاع في النهاية إقناع أصحابها وشرائها منهم.
أديان وحضارات أخرى
ويتوسط المتحف صلبان وصور قديمة لمريم العذراء (ع) وتحف عن بوذا إلى جانب لوحات وصور فنية فارسية وأخرى تعود إلى العهد الصفوي والعثماني والى جانبها معارض خاصة بالسيوف والبنادق القديمة، وعن ذلك يقول صاحب المتحف بأنه لايقتصر على عرض قطع تعود إلى الحضارة الإسلامية بل يضم لوحات وكتب ومخطوطات ورسائل قديمة لعلماء ومراجع دين وقطع تخص الديانات المسيحية والبوذية وأخرى لحضارات دول من آسيا وأوربا، موضحاً أن هدفه أن يكون المتحف شاملاً دون تقييد وتحديد.
حلم العمر
ويكشف بأن الكثير من مقتنياته الآن في صناديق ولايتسع لعرضها في المتحف الحالي، مبينا بأن حلم حياته يتمثل بالحصول على قطعة ارض كبيرة وسط البصرة يعرض فيها كل ما جمعه من نوادر بطريقة تتناسب ومكانتها، لافتاً الى أن ماحققه حتى الآن كان بجهد فردي ولابد له من المعونة لتحقيق ذلك الحلم الكبير الذي خطط ليضم مكتبة كبيرة باسم "الحسنين" تعرض كتبه ومخطوطاته اليدوية النادرة إضافة إلى حسينية تراثية باسم "ابا الفضل" لإحياء الشعائر.
"ذياب - ابو قاسم" (45 عاماً)، يقضي وقته في البيت وسط متحفه وقطعه الفنية متأملاً ما حصده من نفائس، ويقول إن "كل قطعة هي صديقة لي، ولي معها قصة تحاكيني وأناغيها، فهي حقبة من عمري كما هي حقبة من عمر حضارة".
المربد