شكرا لمن شرّفني وزرعني هنا نبضا يشي بقلب المواصلة وينبي بعجزي في أن أثمر في أفيائكم قطافا معرّفا وأسئلة يانعة لمن يريد استطعام تاريخي مع ذاتي وطفلي المتشرد في دمي ، قريني الذي أورثني كل هذه الشيخوخات المتكررة في الجسد والعمر نفسيهما ، طريقتي في فهم الحياة وفلسفة أوجاعها وخساراتها المتواترة ، إنه الشعر أيها السادة ، ولعلكم تنتظرون أن أقف الآن حائرا أشبه ألكترونا دائخا في فضاء ذراتكم الكونية ، على أن أكمل جملتي في توجيهي الشكر وأنا أتهمكم جميعا بخيانة القبح، أحاكمكم جميعا بالحب المؤبد مع الأشغال الشاقة في قلبي ، شكرا لك صديقي الجميل رامي على هذه الاستضافة الطيبة ، وآمل أنكم ستستمعون في إقامتي بينكم في هذا الحيز المثير للاهتمام والباعث على التواشج والتعارف على نحو أقرب ، شكرا لجميع من يبدي رأيا ويترك تعليقا طيبا ولمن يكتفي بالقراءة وعدم التعليق لأسباب تتعلق بأمن العالم ! ههههههههه ، ستصيبكم جميعا لوثة المحبة والشكر ، ستنتقل إليكم العدوى بالتساوي حتى تهلكوا جميعكم في روحي .... لا أجيد الحديث عن نفسي ، غير أني شخصية بسيطة غير مركبة وإنسان غير مهتم على الإطلاق ، غير مهتم بتأثيث حياتي على نحو عقلاني أو منظم ، أنا ببساطة صعلوك جيد ، الصعلكة بنسختها الجمالية والفنية ، أؤمن بالحياد والاعتدال في كل شيء إلا في حبي لحبيبتي ، فأنا متطرف في الحب وأتعصب حتى للشعيرات التي تتساقط من رمشيها ، لن أطيل عليكم المكوث في هذه الزاوية الحادة من الرأس ، أكتب لكم الآن من شتاء يناير عام 1982 ، من البصرة تحديدا ، حيث تحولتُ في يومها إلى صرخة وقفزت مطالبا بالحليب والأوكسجين لأول مرة ، حدث ذلك في مشفى الموانئ في المعقل ، اليوم الذي أسماني فيه أبي سراجا وقرر القضاء على عتمة روحه بالكامل ، لقد كنت الطفل الإشكالي في العائلة ، المولود الذي يحظى بتقدير الجميع وينال إعجابهم وكان مقربا من الحزب الأبوي الحاكم ، كنت وسيما وأبيضَ مثل نوايا الجميلات المتمتعات بالثقة بالنفس والعفوية المفرطة ، أتمتع بالجاذبية والامتلاء ، حتى أن أمي رحمها الله أخبرتني ذات مرة أن إحدى الممرضات أبدت دهشتها لبياض وامتلاء قدمي فسقطت في يومها على حجر آذى ركبتي وتفاقم الأمر حتى وصل لبتر الساق مع الركبة ، إلا إن دعاء أمي كان نافذا واخترق الحجب في يومها وتماثلتُ للشفاء بفضل الله ، لقد كان الله في يومها يا أمي يقيس حجم محبتي في قلبك فتحولت كلك إلى إيمان دامغ أقنع الرب فصفح وتجاوز ، لم يكن الأمر متعلقا بكيمياء الحسد ، ودموعي التي لا تسيل دليل على ذلك فقد جسدت محبتك التي لا تقوى لغة على احتوائها كما يجب ، في تلك الفترة سافر أبي مجددا إلى حيث يقتضي عمله .. هذه المرة إلى مدينتي التي نشأت فيها ... كركوك ... كان أبي قد جرب مدنا عراقية متعددة كبغداد والموصل وأربيل ، ولكنه هذه المرة اتجه إلى كركوك ، وقد استهلكتُ هناك عشرين خريفا بالكامل أو ما يزيد ، بدأت الرحلة في كركوك أيها السادة ... وإليكم بعض صورها ... يتبع .......