مدينة نابلس
الموقع والتسمية
تتمتع مدينة نابلس بموقع جغرافي هام، فهي تتوسط إقليمالمرتفعات الجبلية في فلسطين بصفة عامة، كما أنها ضمن سلسلة المدن الفلسطينيةالواقعة على خط تقسيم المياه.
تقع المدينة عند التقاء دائرة عرض 32.13 0 شمالاً وخط طول 35.16 شرقا ويحدها منالشمال جبل عيبال وقرية عصيرةالشمالية، ومن الجنوب جبل جرزيم وقرية كفر قليل، ومن الغرب والشمال الغربي قرىزواتا وبيت إيبا وبيت وزن ورفيديا، أما من الشرق والجنوب فيحدها كل من سهل بلاطةوعسكر مروان الباذان وقرى روجيب وكفر بيتا وسالم ودير الحطب وعزموط.
الاسم وتطوره:
ورد ذكر نابلس في رسائل تل العمارنة وتقارير تحتمسالثالث باسم شاكمي "SHAKMI" وحرف الاسم إلى شكيم، وقد كانت أول رقعة نزل فيهاإبراهيم عليه السلام بعد أن قدم من أور بالعراق، ثم سكنها يعقوب بن اسحق عليهالسلام ويرجع اسم نابلس إلى نيابولس NEOPLOLIS وهي المدينة الجديدة التي أقامهاالإمبراطور الروماني قسبازيان بعد تدمير المدينة القديمة
نابلسعبر التاريخ :
نابلس مدينة كنعانية قديمة ظهرت خلال عصور ما قبل التاريخويعود تاريخها إلى 4500 قبل الميلاد. وقد سماها الكنعانيون شكيم أي النجد أو الأرضالمرتفعة، ويعتقد بأن شكيم الكنعانية هي قرية بلاطة الحديثة التي تقع على بعد كيلومتر ونصف شرقي مدينة نابلس .
ورد ذكر شكيم في نصوص إيبلة التي اكتشفهاباولوماتيه عالم الآثار الإيطالي ضمن مدن كنعانية أخرى في فلسطين، وهي بيت جبرين،أريحا، شكيم، أورشاليم، مجدو، وبيت شان .. وتاريخ هذه النصوص يعود إلى نهاية عصورما قبل التاريخ 3500 ق. م.
تبعد نابلس عن القدس 69 كم وعن عمان 114 كم،عن البحر المتوسط 42 كم، وترتبط بمدن وقرى الضفة الغربية، حيث تصلها شوارع بمدينةجنين شمالاً وبطولكرم وقلقيلية غرباً، وطوباس شرقاً، وحوارة ورام الله جنوباً .
نشأت نابلس القديمة في وادي طويل مفتوح بين جبلي عيبال شمالاً، وجرزيمجنوباً، أما نابلس الحديثة فقد بنيت على هذين الجبلين، ويبلغ ارتفاع جبل عيبال 940م، وجبل جرزيم 870 م، وترتفع المدينة في المتوسط 550 م عن سطح البحر. أودية نابلستنحدر من منطقة نابلس نحو الغرب والشرق، ومن هذه الأودية وادي التفاح، يبدأ مننابلس ويسير في خانق عميق ليتصل بوادي الزومر في منطقة طولكرم غرباً ووادي الباذانالذي يبدأ من الجبال الواقعة شمالي شرقي نابلس، ويتزود بمياه الينابيع الصدعية مثلعين الباذان ليصب في وادي الفارعة الذي يرفد نهر الأردن.
وتمتاز جبالهاووديانها بكثرة الينابيع، ففي جبل جرزيم ينبع من منحدراته الشمالية 22 عيناً. وأشهرالعيون في نابلس: عين بيت الماء، رأس العين، عين الصبيان، عين القريون، عين الدفنة،عين العسل .
وتشير النصوص المصرية بأن شكيم كانت مدينة محصنةاستراتيجية ذات أهمية دولية منذ 1800 سنة قبل الميلاد ، كما كانت مركزاً للدياناتالكنعانية والحياة السياسية، ويفهم من النصوص المصرية أن فلسطين ابتداءً من بدايةهذا العصر أصبحت علاقتها وطيدة بمصر .
ورسائل تل العمارنة (1400-1350سنة ق.م)، تتحدث عن مدينة شكيم، تحت حكم أميرها الكنعاني لابعايو كمدينة تلعب دوراًهاماً في النزاعات ضد السيطرة المصرية على منطقة فلسطين .
وحسب ما وردفي التوراة فإنها أول مدينة كنعانية نزل فيها سيدنا إبراهيم الخليل (التكوين 12 : 6-8 ) قادماً من مدينة أور بالعراق، وكان ذلك حوالي 1805 ق.م وبعده أتى سيدنا يعقوبمن فدان آرام على نهر الفرات بالعراق، ونزل شكيم ، ثم سكن مدينة كنعانية تعرف باسمبيت إيل وتعني مقر أبو الآلهة الكنعانية، وكانت مركز عبادة الإله إل الكنعاني أوإيل . (التكوين 25: 34-29، 35: 1-8)ويذكر أن يعقوب عاد فيما بعد إلى شكيم .
وفي عصر الحديد 1200-323 قبل الميلاد استمرت المدن الكنعانية بنفس نظامالمدن المحصنة ذات القلاع خلال فترات عصر البرونز .. وتشير التوراة إلى وجود حروببين اليهود والكنعانيين الفلسطينيين .. وقد سيطر اليهود على مدينتين كنعانيتين:
الأولى: مدينة ( يبوس ) أورشالم مدينة اليبوسيين الكنعانيين وقلبمملكتهم منذ عصور ما قبل التاريخ، احتلها اليهود سنة 1000 ق .م بقيادة سيدنا داوود(1000--963ق.م)، ثم سليمان (963 –923 ق .م) .. واستمر اليهود فيها تحت اسممملكة يهوذا حتى سقطت سنة 586 ق.م على يد نبوخذ نصر .
الثانية : مدينةشكيم، التي بدأ نفوذهم فيها عام 923م.م وانتهى عام 722ق.م على يد سرجون الثاني،وبقى فيها أهلها الكنعانيون، وتشير بعض المراجع الى إحضار كنعانيين من الدواخل، وهمالعموريون.
أما السامريون فقد سكنوا مدينة شكيم وهم فئة من اليهود لاتعترف من التوراة بغير الأسفار الخمسة الأولى المنسوبة إلى النبي موسى، وتعرف هذهالفئة بالسامريين نسبة إلى السامرة، وقد ناصبهم اليهود العداء منذ ظهورهم. ولا تزالبقاياهم موجودة في مدينة نابلس حتى هذا اليوم ولا يتجاوز عددهم 250 نسمة، وقد وضعلهم عضو برلمان في المجلس التشريعي المنتخب لأول مرة في التاريخ الفلسطيني المعاصر 1995 .
سنة 332 قبل الميلاد سقطت فلسطين في يد الإسكندر المقدونيوأصبحت تابعة للإمبراطورية اليونانية حتى سنة 64 قبل الميلاد. وخضعت فلسطين إلى حكمإمبراطورية البطالمة والسلوقيين، وقد تركت الهيلينية بصماتها واضحة على بعض مظاهرالحياة أيام الحكم اليوناني وذلك بسبب إنشاء سبعين مدينة ضخمة على الطراز الإغريقيفي البلاد التي احتلها جيش اليونان. وقد استخدمت كمراكز ثقافية تم بواسطتها نشرالثقافة اليونانية في بلدان العالم القديم .
ومن المدن الثقافية التيأنشئت في العهد اليوناني بيلاوريون (تل الأشعري)، هيبوس (قلعة الحصن) وتقعان شرقطبريا، ومدينة (فيلوتير) في الطرف الجنوبي من بحيرة طبريا، وسميت بهذا الاسم نسبةإلى فيلوتير شقيقة بطليموس الثاني فيلادلفوس، ومدينة جيراز (جرش) .
وقدحول الإغريق الكثير من أسماء المدن الكنعانية الفلسطينية إلى أسماء إغريقية منهاعكا، حيث سميت بتولما في عهد بطليموس الثاني، وبيت شان سميت سكيثوبوليس، وبيت جبرينأطلق عليها اليوثيروبوليس، وإيلات سميت بيرينكة، وشكيم سميت نيابوليس .. وأصبحتالمدينة تشتمل على رقعة واسعة من الأراضي تحيط بها الأسوار، وبها بوابات ضخمة ذاتجلال، وفي داخل الأسوار يقع القصر الملكي أو قصر الحاكم، وكذلك الساحة العامةوالمدرج الضخم والمسرح وبرك السباحة والمعابد الضخمة المتعددة، ومثل هذه المدن بيتجبرين وشكيم .
وفي العصر الروماني 64 ق.م – 323 م أحيطت مدينة شكيم (السامرة) بواسطة سور، طوق حوالي 170 أكد . أما بوابة المدينة فقد وجدت في الناحيةالغربية من المدينة وتضم برجين دائريين عظيمين بقطر 46 قدماً، وهي مقامة على قواعدمربعة الشكل تعود للعصر الهيليني..
ومبنى الباسليكا من السامرة (نابلس) يعودتاريخه إلى العصر الروماني .
وفي عهد هادريانوس ( 117م-138م ) أقامالرومان معبداً لجوبتر على جبل جرزيم مكان معبد السامريين .
وفي العصر البيزنطي 323م-638م انتصرت المسيحية أصبحت كل فلسطين تدين بالمسيحية ومن ضمنها نابلس وأصبحتمركزاً لأسقفية. وفي القرن الخامس الميلادي بنى المسيحيون على قمة جبل جرزيم كنيسةتخليداً لمريم العذراء
في عهد الإمبراطور جستنيان (527م-565م) .
بنى الرومان المسيحيون قلعة مسورة بالقرب من كنيسة مريم لا تزال آثارها باقيةوأعادوا بناء خمس كنائس تهدمت في حروب سابقة .
في عام 638م فتح العربالمسلمون نابلس بقيادة عمرو بن العاص في خلافة أبي بكر الصديق، وقد تعهد المسلمونبحماية من بقي من أهلها على دينه من المسيحيين على أن يدفعوا الجزية عن رقابهموالخراج عن أراضيهم .
وبعد الفتح الإسلامي أصبحت نابلس مدينة من مدن جند فلسطينالذي كانت عاصمته اللد ثم الرملة.
في القرن العاشر الميلادي وصف المؤرخالمقدسي نابلس فقال: " إن نابلس في الجبال يكثر فيها الزيتون، والجامع في وسطها،وهي مبلطة ونظيفة ولها نهر جار".
في سنة 1099 م استولى عليها الصليبيون بقيادةتنكرد صاحب أنطاكية وبنى بلدوين الأول (1100-1118م) فيها قلعة على رأس جبل جرزيملحماية قواته .
في سنة 1120م عقد فيها بغدوين الثاني (1118-1130 م ) مجمعاًكنسياً كبيراً .
في سنة 1187 م انتصر صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين، وعادتنابلس بقراها وبلدانها إلى المسلمين .
في سنة 1189 م أصاب نابلس زلزال، فتهدمتفيها مبان كثيرة، ومات تحت الأنقاض ثلاثون ألفاً من أهلها .
في سنة 1260ماستولى عليها التتار، ولكنهم خرجوا في نفس السنة على يد قطز المملوكي.
في سنة 1325م زارها ابن بطوطة فوجدها مدينة عظيمة كثيرة الأشجار والماءومن أكثر بلاد الشام زيتوناً، وبها مسجد جامع متقن وحسن في وسطه بركة ماء عذب .
في سنة 1517م سيطر العثمانيون على سورية وفلسطين ولبنان والأردن،وأصبحت فلسطين تابعة للإمبراطورية العثمانية ومن ضمنها نابلس .
في سنة 1671م زارها السائح التركي أولياجلبي، ذكر أنها مركز لواء تابع لولاية دمشق ويضممائتي قرية، وذكر مساجدها وسوقها ومدارسها وحماماتها وقال "إنها تقع بين جبلينوتكثر فيها الجناين والبساتين ومناخها ممتاز وتحيط بها جبال تكسوها الكروم وأشجارالليمون والرمان والتين والزيتون والنخيل".
في سنة 1832م دخلت نابلس تحت الحكمالمصري بقيادة القائد إبراهيم باشا .
في سنة 1834م ثار الفلسطينيون فيها علىالحكم المصري ولكنهم أخفقوا .
في سنة 1840م عادت فلسطين إلى الحكم العثماني .
وفي نهاية الحكم العثماني أصبحت مدينة نابلس قضاء، ويضم 101 من القرى .
سميت جبل النار، لأن جبل النارمن أسماء لواء نابلس وقيل من أسماء فلسطين،أسماها به دروز جبل لبنان. في عهد الترك اعترافاً ببسالة أهله .
كان لنابلسدوراً مهماً في ثورة 36-39 ، وحدثت فيها معارك كثيرة اهمها موقعة جرزايم وعيبال.
في عام 1967 وقعت نابلس تحت الاحتلال الاسرائيلي
في يوم 10/12/1995تم انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي ودخول قوات الأمن العام الفلسطينية البلدة.