المقدمـــة
من كتاب قراءات في دساتير العراق
إن الدساتير في كل العالم تمر بِعدّة مراحل , كالمراحل التي يمر بها الإنسان ، وهي مرحلة الطفولة والشباب والشيخوخة ، ثم مرحلة الموت ، و موادها كالجسد عندما تتمارض احد أعضائه اما تتعافى أو تموت .
ومن هنا نقول: إن القانون لا يعلو في البلاد إلا إذا شعوبها أرادت أن يعلو القانون ، فأن علو أي قانون في أي بلد في العالم يحتاج إلى أمرين شعباً يمتلك طاقة حرارية حماسية ليطالب بحقوقه , والأمر الثاني شعباً واعياً يدرك ما يريد ، فالعراق أبٌ للقوانين والدساتير التي ضمنت جميع حقوق الشعب وحقوق الإنسان , كما سنبينها في بحثنا قبل قانون حقوق الإنسان بـ 23 سنة , مع كل هذا فإن حقوقه مسلوبة , حيث انتهكت شخصية الفرد العراقي في كل المراحل والعصور التي مر بها العراق , وعلى الرغم من الضمانات الدستورية له ، كل هذه يتحملها الشعب الذي سكت عن المطالب بحقوقه , امّا خوفاً أو خنوعاً ، فلهذا نحتاج أن نحي القوانين الميتة بتوعيةٍ للجماهير ونعافي القوانين المريضة بعلوِ صوتنا على كلِ من يريدُ أن يجعل القانون مريضاً أو ميتاً .
لهذا كان عنوان البحث هو (قراءات في دساتير العراق) ليتوصل القارئ , ومن يبحث عن الحقائق ، أن بلدنا بلد القوانين وان دساتيرنا من طراز دساتير العالم ، وكسائر الدساتير في العالم فيها من الإيجابيات والسلبيات ، ولكن يحتاج الدستور إلى من يحيهِ عندما يريد المتسلطون إن يميتوه بصورة أو بأخرى , ويعافوه عندما يريد السياسيون ان يمرضوه من خلال المطالب ، لان الأنظمة التي توالت على حكم العراق أدت دوراً كبيراً في نشأة الدستور , ولم يكتفوا بذلك حتى عَلَو فوق القانون.
فقد جاء بحثنا هذا مكمّل للبحوث التي جاءت في دراسة الدساتير العراقية , وقد أضفت في تحليل بعض من المواد تحليلاً اجتماعياً و تاريخياً وسياسياً بما تقتضيه لمعرفة نشأه هذه المادة كي لا يتحمل المشرع القصور وحده.