في ارض الحجاز عاشت قبيلة قريش ، أبرز القبائل العربية ، " قصيّ بن كلاب " هو الجدّ الرابع لسيدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) ، وله ولاية البيت العتيق .

وقبيلة قريش بيوت متعددة أبرزها بنو هاشم ، وهاشم رجل شريف سخيّ يتمتّع باحترام أهل مكّة .

كان يصنع للحجاج طعاماً على سبيل الضيافة ، و قد سُمِّيَ هاشماً ، لأنّه هشم الثريد لقومه بمكة ، بعد ما أصابهم القحط . و إليه تعود تجارة قريش في الشتاء والصيف ، ومن أجل هذا دعاه الناس "سيّداً " وما يزال الذين ينتسبون إلى هاشم يُدعون بالسادة .

بعد هاشم جاء ابنه المطلب ، وأعقبه عبد المطلب لزعامة قريش .

كان عبد المطلب رجلاً مهاباً ، يحترمه الناس ، وفي زمانه هجم أبرهة الحبشي على مكة لتحطيم الكعبة ، ولكن الله ردّ كيده إلى نحره ، وارتفع شأن عبد المطّلب بين القبائل.

كان لعبد المطلب أولاد كثيرون ، ولكن عبد الله كان أفضل أولاده وأعزّهم لديه ، كان في الرابعة والعشرين من عمره عندما اقترن بـ " آمنة بنت وهب " ، وكان ثمرة هذا الزواج المبارك أن وُلِدَ سيِّدُنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) بعد شهرين من عام الفيل .

توفي أبوه وهو في بطن أمه ، ثم ماتت أمه وهو ما يزال صبياً فتكفّله جدُّه " عبد المطلّب " ، وهكذا نشأ يتيماً.

عاش محمد في مكة ، في كنف جده العظيم ، وعانى الكثير من مرارة اليُتْم .

ولمّا أصبح شابّاً عرف أهل مكة فضلَه وأمانته ، واشتهر بلقب الصادق الأمين ، فكانوا يُودِعون أموالهم لديه .

كان يحبّ الفقراء والمساكين . . . يدافع عنهم ، ويتناول الطعام معهم ، يصغي لهمومهم ، ويسعى في حلّ مشاكلهم .

وعندما أسّس شبابُ مكّة حلفَ " الفضول " للدّفاع عن المظلومين والانتصاف من الظالمين ، سارع " محمد " فانضمّ إليه ، لأنه ينسجم مع أهدافه وأخلاقه .

اشترك في إحدى قوافل " خديجة " التجارية بطلب من عمّه " أبي طالب " وتزعّم قيادة القافلة .

وعندما لمسَتْ خديجةُ – عن قربٍ _ أمانته وصدقه وحسن سيرته عرضتْ عليه الزواج فوافق على ذلك ، وكانت خديجة امرأة فاضلة ثريّة .

وكانت ثمرة زواجهما بنتاً هي " فاطمة " ( عليها السلام ) سيدة النساء ، ومنها كان نسلُ الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) .