لعل أكثر الشخصيات التي يشاهدها متابعو دورة الألعاب الأولمبية "لندن 2012"، هما "وينلوك" و"مانديفيل".فالأولى تمثل تميمة دورة الألعاب الصيفية، التي أنطلقت في 27 يوليو/ تموز الجاري، بينما الثانية هي تميمة دورة الألعاب البارالمبية، لذوي الاحتياجات الخاصة، والتي ستبدأ في 29 من أغسطس/ آب الحالي،
وكلاهما يمثلان نقطتين من الفولاذ المصهور.
وينلوك:
تأتي تسمية التميمة "وينلوك" نسبة إلى بلدة "ماتش وينلوك" الريفية في مقاطعة شروبشاير غربي إنجلترا، ورغم تعدادها السكاني الذي لا يتعدى 2600 نسمة، إلا أن هذه البلدة الصغيرة تركت أكبر الأثر على خارطة الرياضة العالمية بشكل عام، وعلى الألعاب الأولمبية بشكل خاص.فمن المتعارف عليه أن دورة الألعاب الأولمبية القديمة انطلقت من قلب الحضارة الإغريقية في اليونان في العام 776 قبل الميلاد،
واستمرت إلى أن أحكمت الإمبراطورية الرومانية قبضتها على العاصمة الإغريقية، إذ يتفق المؤرخون على أن آخر دورة للألعاب الأولمبية القديمة أقيمت في العام 393 قبل الميلاد.هذا إلى أن طرأت في عام 1850 فكرة إقامة دورة ألعاب رياضية سنوية في مخيلة الدكتور ويليام بيني بروكس، الحكيم والجراح المحلي في بلدة "ماتش وينلوك"، بهدف الترويج لتعزيز التطور الأخلاقي والبدني والفكري لسكان البلدة والمناطق المجاورة لها،
لاسيما الطبقة العاملة منها، من خلال تشجيعهم على ممارسة النشاطات الرياضية والترفيهية الخارجية وتقديم جوائز سنوية لمكافأة المهارات الرياضية والبراعة الثقافية والفكرية. وبذلك انطلقت في عام 1850 ألعاب وينلوك الأولمبية الأولى، التي لا تزال تُقام إلى يومنا هذا.وفي عام 1890، وبدعوة من الدكتور بروكس، حل البارون الارستقراطي الفرنسي بيير دو كوبرتان ضيفاً على بلدة "ماتش وينلوك"، حيث شهد خلال فترة إقامته دورة ألعاب وينلوك الأولمبية. واستلهم بعد عودته إلى باريس فكرة إقامة لجنة دولية تشرف على الألعاب الأولمبية، وأطلق على أثرها اللجنة الأولمبية الدولية، التي اتفقت على إعادة إحياء دورة الألعاب الأولمبية وتنظيمها مرة كل أربع سنوات، والاتفاق على عقد أول دورة أولمبية في موطنها الأم بأثينا في العام 1896.
مانديفيل:
أما تميمة الألعاب البارالمبية "مانديفيل"، فيأتي اسمها نسبة لمستشفى "ستوك مانديفيل" المتخصص بإصابات العمود الفقري وإعادة تأهيل المصابين، والذي يتخذ من منطقة آيلزبيري في مقاطعة بكنغهامشاير مقراً له.ويُعد هذا المستشفى حجر الأساس لدورة الألعاب البارالمبية، حيث رأى أخصائي الأعصاب المقيم في المستشفى، لودويغ غوتمان، في العام 1948 أن لذوي الاحتياجات الخاصة مكان على الساحة الرياضية، وفي مقولته المشهورة قال:
"قد يصبح لذوي الاحتياجات الخاصة دورة أولمبية خاصة بهم في يوم من الأيام."وشرع غوتمان في تنظيم أول دورة ألعاب رياضية للجنود المصابين في الحرب العالمية الثانية بمستشفى "ستوك مانديفيل"،
أطلق عليها اسم "ألعاب ستوك مانديفيل"، بهدف تأسيس حدث رياضي سنوي لذوي الاحتياجات الخاصة مشابه لدورة الألعاب الأولمبية.وعقب النجاح الذي حققته الدورة الأولى من الألعاب، قرر غوتمان تنظيم الحدث بشكل سنوي حيث شارك في دورة العام 1952 رياضيون من هولندا،
لتصبح بذلك أول دورة رياضية دولية لذوي الاحتياجات الخاصة.وأصبحت رؤية غوتمان في تنظيم دورة رياضية على مستوى دولي مماثل لدورة الألعاب الأولمبية واقعاً ملموساً في العام 1960،
حين استضيفت دورة ألعاب ستوك مانديفيل في روما، جنباً إلى جنب مع دورة الألعاب الأولمبية لذلك العام، لتعرف منذ ذلك الحين بدورة الألعاب البارالمبية الأولى.