خلال مراحل دراستنا الأولى انشغلنا كثيرًا بالتفكير في زهرة دوار الشمس التي تتبع حركة الشمس، وتساءلنا كثيرًا كيف يحدث ذلك، فلا توجد معلومات كثيرة حول الموضوع. لكن، وبعد قرون طويلة انشغل فيها العلماء بتفسير الآلية التي تتّبعها زهرة دوار الشمس في تتبع الشمس، تمكّنوا من حل اللغز.
فقد تبيّن أن هذه التقلبات التي تحدث للزهرة، هي بسبب إيقاع الساعة البيولوجية، أو ساعة الجسم، كما اتضح أن هذه الحركة اليومية لا تحسّن فقط من حجم الورقة، إنما تجعلها أيضًا جذابة للنحل. منذ العام 1898، لاحظ العلماء أن زهرة تباع الشمس تبدأ اليوم بالاتجاه نحو الشرق، ومن ثم مقابلة الجهة الغربية بمرور الوقت، ومن ثم تعود في ليلة وضحاها إلى الشرق، لكن لم يستطع أحد معرفة آلية هذه العملية.
ولاختبار إن كان لدى النبات ساعته البيولوجية الخاصة به، والتي تضبطه يوميًا، أم أنه يسير وفق جدول زمني محدد مسبقًا، أجرى فريق من الباحثين سلسلة من التجارب. فوضعوا النباتات في مختبر مغلق مع إضاءة صناعية ثابتة، وقد لاحظوا أن تلك النباتات قد تأثرت جيئة وذهابًا، وهو السلوك المتوقع من آلية تقودها ساعة داخلية.
في التجربة التالية، قام الباحثون بإنشاء دورة إضاءة صناعية يومية، بتحويل الضوء إلى الشرق في الصباح، وإلى الغرب مساء. فكانت الأزهار قادرة على مزامنة حركتها مع الإضاءة حين كانت الدورة اليومية 24 ساعة، لكنها لم تستطع المتابعة حينما امتدت تلك الدورة إلى 30 ساعة، وهو ما جعل العلماء يفترضون ارتباط زهرة دوار الشمس بدورة حركة يومية مقدارها 24 ساعة.
لكن ما الذي يجعل هذه النباتات تتحرك؟
توّصل فريق البحث إلى ذلك، نتيجة لنمو جذع في طرف أسرع من الآخر، وهذا يتوقف على الوقت من اليوم، وهو ما يؤدي للحركة. لذلك، فقد وجد الباحثون أن أنواعًا محددة من الجينات تكون في أعلى مستوياتها في الطرف الشرقي من جذع النبات، وخلال المساء ينقلب هذا الشيء.
ولحركة النبات هذه، فوائد كبيرة، فقد أظهرت التجارب أن النباتات التي تكون بعيدة عن الشمس تكون أوراقها أصغر 10% من المتوسط، كما أن النباتات التي اتجهت إلى الغرب في بداية اليوم، حصلت على عدد إضافي من النحل أكثر مما لو كانت متجهة نحو الشرق، بمعنى أن هناك فوائد من مطاردة الشمس بين الشرق والغرب.
قد يبدو كل ذلك واضحًا أمام البستانيين، بمشاهدة تنقل الزهرة من الشرق إلى الغرب والعكس، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الربط بين التعبير الجيني وسلوك النباتات في الحديقة. كما تبيّن أهمية إيقاع الساعة اليومية وتأثيرها على نمو النباتات.