TODAY - July 12, 2010اهواري مع مشحوفه وسط المياه التي اعتبرتها التوراة جنة عدن (الغارديان)
جنة عدن تعود الى الحياة: المياه تتدفق الى أكثر من نصف الأهوار
لندن - جولييت جويتعادت المياه والحياة الى جنة عدن في العراق بعد ان قام نظام صدام حسين بتصريف المستنقعات مما ألحق دمارا بيئيا كبيرا بالمنطقة. والآن بدأت الطيور والانهار تعود ثانية.
وقد تم تصريف مياه هذه المستنقعات في تسعينيات القرن الماضي كعقوبة لسكان الاهوار المتمردين على الدولة. وكان تصريف نظام صدام حسين لمياه المستنقعات الواقعة ما بين النهرين في العراق، والتي تعتبرها التوراة جنة عدن، من اكثر الاعمال مجلبة للسمعة السيئة للنظام السابق. وقد تركت منطقة واسعة من الدلتا النهرية التي كانت يوما ضاجة بالحياة تركتها جافة تماما، صحراء يغطيها الملح وفارغة تماما من الطيور والحشرات والناس الذين اعتادوا العيش فيها.
ولكن بعد عقدين من الزمن لاحقا عادت المنطقة تدندن وتزقزق ثانية بعد ان قام الناس هناك يعاونهم جيل جديد من العراقيين الساعين للمحافظة على البيئة باعادة معظم ما كان موجودا في الهور الذي يعتبر ثالث اكبر هور في العالم. وعاد الهور الى مجده السابق.
ان قصة العودة، التي تعتبر شبه مستحيلة، وثقتها الصور في المعرض الخاص بها والذي تم افتتاحه في المملكة المتحدة. وتظهر هذه الصور مساحات القصب الكثيفة والماء الواسع المفتوح. والبقعة المائية تعادل الآن نصف مساحة هور ايفرجلاد في فلوريدا وهو هور يغطي معظم جنوب فلوريدا وتكون على مدى آلاف السنين بسبب مياه الفيضانات التي سببتها الامطار. وعادت النباتات والاسماك والحشرات مما كون منطقة اطعام واسعة تسمح بهجرة الطيور اليها وتربيتها هناك. ومن الطيور ابو منجل الطائر الملوكي وطائر البصرة والزرازير اضافة للبط ذي اللون الرخامي وآكلات النحل وانواع اخرى مثل(الخضيري والبعيجي والططوة والغرنوق والدراج ودجاج الماء- المترجم).
ويقول ريتشارد بورتر، مستشار الشرق الأوسط لمجموعة حمايةَ الطيور الدولية والذي يساعد على تدريب علماء الاحياء والخبراء الآخرين بحماية الطيور المحليين المختصين بطبيعة العراق «ان هذه الاهوار ندعوها محطات توقف للطيور انها مهمة مثل تربية الطيور وارضية لقضاء الشتاء . فاذا انت اردت ان تقوم برحلة من وسط افريقيا شمالا الى اوربا وآسيا ولاتملك شيئا من الغذاء فانك ستأكل بنهم».
وتشكل اهوار بلاد ما بين النهرين منطقة تعادل ثلاثة اضعاف حجم منطقة نورفلوك اصلا كما يبين ذلك معرض الصور في هولت. وتمتد الاهوار لمسافة آلاف الكيلومترات المربعة لتشكل منبسطا لفيضانات نهري دجلة والفرات وتتشعب في شبكة من الروافد المتعرجة لتصب في بحر العرب جنوبا. وكانت الاهوار مأوى لأكثر من ثمانين نوعا من الطيور وكلاب الماء والخفافيش طويلة الاصابع وآلاف عرب الاهوار الذين يزرعون الرز والنخيل ويربون جواميس الماء ويصيدون الاسماك ويبنون بيوتهم وزوارقهم من القصب.
وانتهت هذه الحياة بشكل مفاجئ في التسعينيات عندما أمر صدام حسين بصرف مياه المستنقعات كعقوبة للسكان المحليين بعد انتفاضتهم في اعقاب فشل احتلال الكويت. وتفاقمت المشكلة باستمرار بناء السدود بوجه المياه.
وكانت السلطات قد بررت تجفيف الاهوار بالسعي لتحويلها الى اراض زراعية. وأمر صدام حسين ان تطوق المنطقة بحيطان طينية تمتد لمسافة أربعة آلاف كم وبارتفاع يبلغ سبعة امتار حول الارض الريفية البكر. وتراجعت الاهوار لتشكل مامقداره 5-10 من حجمها الاصلي حسب تقرير وكالة البيئة التابعة للأمم المتحدة عام 2001.
وبعد سقوط صدام حسين على يد القوات الاميركية عام 2003، عاد عزام علوش من الولايات المتحدة، وطنه الذي تبناه، الى المنطقة التي عاش فيها جزءاً من طفولته وتعلم فيها صيد البط وحفر خنادق الري مع ابيه. ووجد علوش السكان الذين لم يغادروا قد بدأوا بهدم الحيطان الترابية بالجرافات والمعاول اليدوية وواصلوا عملهم ذاك.
و قال لصحيفة الغارديان ان الناس تمكنوا من تحطيم 98 % من السدود والسواتر، ولايعود ذلك الى انهم من محبي الطيور او من عشاق الاشجار ولكن المنطقة هي مصدر دخلهم ، ولأن بامكانهم الآن ان يحصدوا القصب ويبيعوه. وهم يمكن ان يصيدوا السمك ويطعمون عوائلهم او يبيعونه لكسب دخل اضافي.
وعلوش مهندس مدني اسس منظمة « طبيعة العراق» وينظم برامج تدريب للخريجين الذين يساعدون في مراقبة العمل. ويقول»نحن نجلب معنا حراسا مزودين ببنادق الكلاشنكوف. ولكن اكثر الاجزاء صعوبة هو الطريق بين بغداد والاهوار. اما في الاهوار فالامان اكثر توفرا».
وتمت اعادة ما يقارب نصف الهور الاصلي او حتى اكثر من النصف. لكن كانت هناك نكسة السنة الماضية بسبب الجفاف. ووضعت منظمة
«طبيعة العراق» الآن خطة لمعالجة تضاؤل تدفق الماء من السدود التي بنتها تركيا عن طريق اعادة توجية مياه الري لتعود ثانية الى الانهار، وبناء سدود للاحتفاظ بمياه الثلوج الذائبة في الجبال وخلق فيضانات الية « يتم التحكم بها» تجدد انعاش المياه العذبة التي ستغسل الاهوار في كل ربيع.
ويحاول علوش وفريقه ايضا ان يعالج مشكلة الصيد المحظور رغم انه يتعاطف مع اولئك الذين لا تتوفر لديهم مصادر دخل بديلة، ويأمل ان يساعد اتساع الصناعات النفطية بخلق وظائف جديدة.
ويقول علوش «لقد قمنا ببعض الاعمال لغرض تعليم الناس في المنطقة. اذهب واسعى واقبل بالقليل.احصل على عشرة دولارات يوميا وليس من الضروري ان تكون عشرين دولارا. وغدا احصل على عشرة ، وهكذا اواصل العمل وعليك ان لاتستسلم».
عن صحيفة (الغارديان) البريطانية