كشف ضابط الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق يوسي الفر، الذي شهد أكثر العمليات السرية في الجيش الإسرائيلي، كشف لصحيفة "يديعوت" الإسرائيلية، مساعدة الجيش الإسرائيلي السعودية في حربها باليمن عام 1962 ضد الجمهوريين الذين تم دعمهم من قبل مصر والاتحاد السوفيتي.
وفي منتصف 1960، خدم اللفتنانت يوسي الفر كضابط في واحدة من أكثر الوحدات سرية في الجيش الإسرائيلي – وحدة الاستخبارات العسكرية المسؤولة عن الاتصال مع أجهزة الاستخبارات الأخرى في الكيان الإسرائيلي، الشاباك والموساد.
وقد عهد إليه بمهمة سرية، كما يقول خلال المقابلة التي أجرتها معه صحيفة "يديعوت" الإسرائيلية: "اضطررت للذهاب تحت جنح الظلام إلى قاعدة القوات الجوية الإسرائيلية "تل نوف"، لأتحقق بدقة من خلال أكوام ضخمة من المعدات العسكرية، والأسلحة والذخيرة على وجه الخصوص، والتأكد من أنها لا تحمل أية علامات مميزة لإسرائيل – أو اي رمز يدل على الجيش الإسرائيلي، لا شيء من شأنه أن يكون قادراً على ربط المعدات بنا اطلاقاً".
وعند استكمال جولته التفقدية، وقع الفر على وثيقة للتأكد من أن كل شيء كان سليما، وتم تحميل المعدات والأسلحة على طائرة شحن تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي وطارت إلى الوجهة التي فقط عدد قليل جدا في إسرائيل على علم بها. حتى أن اسم العملية Rotev كانت سرية.
في تلك الأيام، كما هو الحال الآن، أيضاً، تورطت اليمن في حرب أهلية طاحنة – بين الملكيين والجمهوريين الذين تم دعمهم من قبل مصر والاتحاد السوفييتي. آنذاك، في منتصف 1960، ومع ذلك، كان الملكيون يتلقون الدعم في الواقع من المملكة العربية السعودية.
وفي الوقت نفسه، قام ممثل الإمام بدر، زعيم الملكيين في اليمن، بالاتصال المباشر مع عملاء الموساد في أوروبا وحتى أنه تم إحضاره في زيارة إلى الكيان الإسرائيلي.
ويقول الفر: "السعوديون لا يهتمون أنهم كانوا زيدية، كان من المهم بالنسبة لهم الحفاظ على نفوذهم في اليمن، ومعارضة التدخل السوفييتي المصري".
حينها لجأ السعوديون إلى بريطانيا للمساعدة، حيث تم تجنيد أعضاء سابقين من قوات النخبة البريطانية لهذه المهمة. حيث كانت تعمل انطلاقاً من مقرها في لندن ولديها قواعد في عدن، اليمن، وبهذا لجأت بريطانيا إلى الكيان الإسرائيلي – العدو الرئيس لمصر – لمساعدتها.
ومنذ بداية المواجهة نجحت السعودية في إيصال الدعم للملكيين عبر طرق الجبال، ولكن هذا لم يدم طويلاً. ومع طول المعارك والمخاوف من استمرار عزلتهم، بحث الملكيون عن طرق جديدة لإيصال الغذاء. وفي النهاية، فكرت المملكة في حل على هيئة تموين مظلي، غير أن سلاح الجو الملكي لم يتمكن من تنفيذه مباشرة، بسبب إعلان السياسيين البريطانيين عدم تورط بريطانيا في الحرب. وبعد جس النبض في موضوع نقل جوي كهذا بين قادة دول المنطقة المعتدلة (التي خافت من العقاب المصري) توجه البريطانيون إلى الكيان الإسرائيلي.
وفي 31 مارس 1964، وفي عز الليل، دهمت طائرة نقل إسرائيلية سماء اليمن. قاد الطاقم الجوي، الطائرة باتجاه شمال البلد بين معسكرات الجيش المصري. وبعد لحظات حدث الإنزال. حلقت درزينة حاويات خشبية ممتلئة بالسلاح، الذخيرة والمؤونة الطبية، ببطء نحو الأرض.
دعم نجاح الإنزال أمن الطرفين. ونتيجة لهذا، أقام كيان الاحتلال الإسرائيلي 13 رحلة طيران أخرى إلى اليمن لتموين الملكيين على مدار العامين التاليين. ولكن كان من الضروري الحفاظ على السرية البالغة بسبب حساسية الموضوع. فباستثناء حفنة أشخاص في قمة القيادة الملكية، لم يعرف أحد هوية الدولة التي تمدهم بالدعم، ولم تعلن حتى للسعوديين هوية حلفائهم بسبب الخوف من سحب أيديهم من دعم الإمام.
ويقول الفر، لكن الأمر انتهى بالحصول على بعض المعلومات الاستخبارية عن أنشطة الموساد في اليمن وتحسين العلاقات مع البريطانيين والسعوديين.
يقول الفر، إنه من أجل تنفيذ عمليات الإنزال الأولى في المكان، والتأكد من أن المعدات وصلت إلى المكان والجهة المناسبة، تم إرسال عضوين من قسم العمليات الخاصة في الموساد، إلى اليمن والتنسيق مع أجهزة الاستخبارات البريطانية، حيث يتم تسليم الأسلحة عن طريقهما إلى الجهة والمكان المحدديين.
يضيف الفير، أنه حتى الآن، بعد سنوات، فإنه من الصعب فهم شدة الدراما، والمخاطر، وسرية العملية الإسرائيلية – البريطانية – السعودية – اليمنية في ذلك الوقت.
وفي يناير 1965 شن المصريون هجوماً على طول الجبهة، وتكبد الملكيون إصابات قاسية، وأوشكوا على الانكسار. وعقب هذا، عرض البريطانيون خطة جريئة: أن يقصف سلاح الجو الإسرائيلي قواعد المصريين في صنعاء والحديدة، ويدعي الملكيون أن تلك كانت طائرات وجهها مرتزقة أوروبيون. أيد عيزر فيتسمان قائد القوات الجوية الإسرائيلية، آنذاك، ورجال الطاقم الجوي الفكرة، ولكن قائد الأركان إسحاق رابين ورئيس الحكومة ليفي إشكول، منعا ذلك.
وفي أغسطس 1965 تم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار بين مصر والسعودية، بمشاركة ممثلين يمنيين عن الجانبين. ثم توقف السعوديون عن تمويل جيش الإمام، بمن فيهم المرتزقة. حاول الأخيرون معارضة الحكم القاسي، ولكنهم في النهاية اعترفوا بحالة اللاحرب. وفي مايو 1966 توجهوا إلى الكيان الإسرائيلي، ولكن رحلات الطيران لم تُستأنف على رغم محاولة استئناف التدخل (تم تداول أفكار مثل إرسال مرتزقة أميركيين إلى اليمن بدعم إسرائيلي، وتدريب جيش الإمام في منطقة على الأراضي الإيرانية في عهد الشاه، وحتى جس نبض ملك السعودية، فيصل، في موضوع إنزال مؤونة إضافية في فبراير 1967).
وبعد النجاح الباهر للكيان الإسرائيلي في حرب الأيام الستة، والذي نبع في أكثره من ضعف مصر عقب أزمة اليمن، وفي مفارقة شرق أوسطية مميزة، حدث تقارب مصري سعودي وانسحبت قوات الحملات من اليمن. وعام 1970 انتهت الحرب تماماً بانتصار الجمهوريين الثوريين.
http://www.alalam.ir/news/1847669