نجح تطبيق سناب شات Snapchat، المُتخصص في مُشاركة الصور ومقاطع الفيديو بآلية ذاتية التدمير (مؤقتة)، في إنشاء تجربة استخدامه الخاصّة التي تخرج بشكل أو بآخر عن ما هو مذكور في الكتاب.
فبعد تشغيل التطبيق تظهر لنا واجهة الكاميرا لالتقاط صورة أو مقطع فيديو بشكل فوري، وبالسحب من الأعلى نحو الأسفل في نفس الشاشة نصل إلى نافذة الملف الشخصي Profile، أما بعكس حركة السحب فنصل إلى ميّزة الذكريات Memories الجديدة لتخزين الصور ومقاطع الفيديو سحابيًا على الإنترنت.
هذا ليس كل شيء، اسحب الشاشة من اليمين نحو اليسار لتنتقل إلى صفحة الحكايات Stories الخاصّة بالأصدقاء أو اعكس اتجاه السحب لتنتقل إلى الرسائل الخاصّة. كما يُمكنك تكرار نفس التفاعلات بعد التقاط الصورة أو تسجيل مقطع الفيديو للحصول على تأثيرات فورية قبل المُشاركة.
هذه التفاعلات مع الشاشة لو قُدّمت على ورق قبيل إطلاق التطبيق لظن البعض أنها ضرب من الجنون لأنها تُخالف الكتاب الذي يوضح ضرورة توفير انتقال منطقي بين النوافذ وفي اتجاه واحد لتجنّب ضياع المُستخدم.
لسنا بصدد تحليل الأداء والواجهات وقابلية الاستخدام، لكن نموذج سناب شات لا يُمكن الاستهانة به وتحديدًا آلية التطوير السريعة التي أوصلته إلى ما هو عليه اليوم. هذه المكانة التي حصل عليها دفعت كُبرى الشركات إلى الاستفادة من تجربته في الخروج عن النص لصالح المُستخدم فبكل بساطة افتح تطبيق الموسيقى في أجهزة آبل العاملة بنظام iOS 10 وشاهد طُرق الانتقال بين النوافذ والمُحتوى التي استخدمت الشكل التقليدي لفترة طويلة من الزمن.
باختصار، طموح سناب شات هو أن يكون تطبيق الكاميرا الأول أمام المُستخدمين من خلال توفير واجهة التصوير بعيد فتح التطبيق على غرار تطبيق الكاميرا الموجود بشكل افتراضي. وبعد إطلاق خاصيّة الذكريات لتخزين المُحتوى على الإنترنت فإنه ببساطة تطبيق اتبع سياسة توفير الحلول أمام المُستخدم دون إدخاله في تفاصيل لا حصر لها مثل الخصوصية وضبطها.
كل شيء يُخزّن على الذكريات يبقى للمُستخدم فقط إلا إذا قام بمشاركته بشكل يدوي ليظهر للجميع لمدة 24 ساعة فقط مع إمكانية حذفه في أي وقت.

وبكل تأكيد لم يقف مارك زوكربيرج، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، مكتوف الأيدي وقدم عام 2014 عرضًا للاستحواذ على سناب شات وصل إلى 3 مليار دولار أمريكي، وهو عرض قوبل بالرفض.
ومنذ ذلك الوقت وحتى هذه اللحظة وسناب شات ينمو بثبات حتى أصبح لدينا نموذجين مُختلفين لتطبيقات مُشاركة الصور على الإنترنت، الأول سناب شات، والثاني نموذج ذو شكل تقليدي مُستخدم في فيسبوك، تويتر، أو انستجرام – النعجة المُدللة لدى مارك وفيسبوك.
افتح تطبيق انستجرام الآن واسحب الشاشة من اليسار إلى اليمين وراقب النافذة الجديدة التي تظهر، أو حتى دون سحب الشاشة فقط انظر إلى أعلى التطبيق لتجد شريطًا علويًا جديدًا غير مفهوم حتى هذه اللحظة. أخيرًا اسحب الشاشة من اليمين نحو اليسار لتنتقل إلى الرسائل الخاصّة.
طبّق هذه الحركات في تطبيق فيسبوك أو فيسبوك مسنجر ولن تجدها – إلا لفتح قائمة جانبية – لأنها تطبيقات اتّبعت تعليمات المؤلف وهو حال انستجرام سابقًا قبل أن يتحول إلى شيء جديد كُليًا.
انستجرام غيّر قبل فترة آيقونته الافتراضية التي استمرت لسنوات طويلة، وهو أمر أثار حفظية الكثير من المُستخدمين، لكنها كانت على مايبدو الخطوة الأولى في رحلة الخروج عن المألوف بشكل كامل التي وصلت إلى خطوتها الثانية بعد نسخ سناب شات بشكل حرفي.
كان انستجرام ذلك التطبيق الهادئ الذي تنتقل بين نوافذه بسهولة تامّة ونسخ بشكل حرفي ميّزات سناب شات دون خوف أو تردد، فميّزة الحكايات الجديدة التي يُمكن الوصول إليها من خلال سحب الشاشة من اليسار نحو اليمين ما هي إلا تكرار لسناب شات الذي يسمح لأي مُستخدم مشاركة مُحتوى ضمن حكايته اليومية التي تتدمّر ذاتيًا بعد 24 ساعة.
ليس هذا فقط، بل وبعد التقاط صورة أو مقطع فيديو داخل الحكايات – بالمناسبة تسمية الحكايات Stories هي نفس التسمية الموجودة في سناب شات أيضًا – يُمكن تطبيق تأثيرات من خلال سحب الشاشة من اليمين نحو اليسار أو العكس، وهذا أيضًا موجود في سناب شات !
انستجرام ولفترة طويلة وفّر مفهوم شريط التأثيرات الذي يظهر أسفل الصورة أو مقطع الفيديو، فلماذا لم يتم استخدام نفس المفهوم في ميّزة الحكايات الجديدة؟
بكل وضوح أثار سناب شات ومفهومه وضربه للعادات والتقاليد، المُتّبعة أثناء تصميم تجربة الاستخدام، عرض الحائط حفيظة مارك زوكربيرج الذي لم يجد وسيلة للاستحواذ عليه، فما كان منه سوى أن ردّ بنسخ المُحتوى كاملًا دون خجل، في حين أنه كان قادرًا على توفير مفهوم المحتوى ذاتي التدمير بطريقة أُخرى.
وهنا نأتي للسؤال أو التكهنات أو سمّها ماشئت التي انتشرت على الإنترنت، هل دمّر مارك زوكربيرج بهذه الخطوة تطبيق سناب شات؟
بصراحة وبرأي الشخصي المتواضع لم ولن يُدمّر مارك ولا انستجرام تطبيق سناب شات للكثير من العوامل أهمّها أنه تطبيق يعمل باحترافية عالية ويقف خلفه فريق عمل موهوب قادر على الانتقال بسرعة كبيرة. أي أن سناب شات نموذج ناجح يعمل دون مشاكل.
أما انستجرام فكان المكان الذي نقصده لمشاركة صور أو مقاطع فيديو نُريدها أن تبقى موجودة على الإنترنت، يُمكنك اعتباره مُحتوى مُنمّق يعكس جزء صغير من واقعنا اليومي، وبالتالي فإن قائمة الأصدقاء في انستجرام يُمكن اعتبارها نسخة لما هو موجود في فيسبوك أيضًا، على عكس سناب شات الذي اتجه إليه مُعظم المُستخدمين لمشاركة المُحتوى بعيدًا عن تعليقات الأقارب والأصدقاء الغير مُقربين وما إلى ذلك.
بتقديم ميّزة مُشاركة القصص في انستجرام توفرت لمُستخدميه أداة جديدة رُبما لم يستخدموها من قبل، وبالتالي هُنا يأتي مفهوم القيمة المُضافة التي يتفوق بها انستجرام على بقية تطبيقات مُشاركة الصور ومقاطع الفيديو عبر الإنترنت. لكنه لن يكون برأي عاملًا يدفع مُستخدمي سناب شات لهجره والانتقال إلى انستجرام.
إن لم تشتريه فانسخ منه ماشئت، هكذا فقط يُمكن تلخيص فعلة فيسبوك ومارك، لكن في المُقابل فتح المُنافسة يعني مزيدًا من الإبداع وبالتالي أفكارًا جديدة لأن فريق سناب شات أوصل التطبيق إلى قيمة سوقية تُقدر ب 20 مليار دولار أمريكي، وهو قادر على رفع هذه القيمة بالمزيد من الابتكار.