خيمياء العلم: برج ينقّي الهواء من السخام ويحوله إلى مجوهرات رائعة!
جميعنا يعلم تلك المعلومة المزعجة: الهواء الذي يملأ صدورنا الآن ليس نقيًا… ليس كما كان منذ سنة؛ لم يكن هكذا منذ أن عبّت رئتك في جشع أول نفس لها بعد ولادتك؛ لم يكن هكذا قبل عام 1890 تحديدًا؛ لم يكن هكذا منذ أن كانت صرخات النمر سيفي الأسنان تملأ الفضاء بينما يغرق في بحيرات القار! وكما تعلمون كانت بحيرات القار عبارة عن فخاخ مميتة لكثير من الحيوانات، وكانت تلك البحيرات تغطى بالماء عندما تمطر السماء، مما يغري كل ذو روح بالذهاب إليها ليروي عطشه، فكانت الحيوانات تقع في القار اللزج و لا تستطيع أن تتملص منه. ومع صرخات الاستغاثة التي تملأ الفضاء وهي تحاول التملص، كانت المفترسات تتلقى الدعوة بلا تفكير، فكانت بدورها تقع في فخ القار هي الأخرى.
عمّ كنا نتحدث؟ الهواء، صحيح. الأمر يزداد سوءً في الواقع!
فوفقًا لدراسة جديدة قام بها باحثون في جامعة كاليفورنيا في بركلي UC Berkeley، يقتل السخام ما يقارب 4 آلاف شخص يوميًا في الصين! رقم مفزع، أليس كذلك؟ يمكننا مع هذا الرقم المخيف تفهم بعض الإجراءات غير الاعتيادية التي لجأت لها الصين لمكافحة السخام كما رأينا في مقال “بعد إطلاقها الإنذار الأحمر للمرة الثانية بتاريخها: حلول خارج الصندوق لعلاج أزمة تلوث هواء الصين!” وهو عنوان طويل حقًا مما يوحي بخطورة الأمر.
لذا، وللمساعدة في تنقية هوائنا الذي نتنفسه، قام المصمم الألماني دان روزيجاردي Daan Roosegaarde بابتكار منقي هواء عملاق بارتفاع 23 قدم، ويدعى برج بلا سخام Smog Free Tower. الجهاز المرتفع كالبرج يعمل على شفط الهواء المحمل بالسخام كما تفعل المكنسة الكهربية وسحبه عبر الجزء العلوي منه، ليطلق بعدها الهواء النقي عبر الفتحات العديدة سداسية الأوجه به. وهو بالقوة التي تمكنه من تنقية ما يزيد عن 30 ألف متر مكعب من الهواء كل ساعة بينما يستهلك 1400 وات من الطاقة النظيفة.
استغرق المشروع، الذي حصل على تمويله من موقع التمويل العالمي الشهير Kickstarter، من روزيجاردي أكثر من ثلاث سنوات كاملة من البحث والتطوير، لكن ها هو أخيرًا يقوم بعرض النموذج الأولي لمنقي الهواء العملاق هذا الأسبوع في روتردام؛ ووفقًا لموقع روزيجاردي، فقد تم تصميم هذا الجهاز ليعمل بشكل أفضل في الحدائق العامة.
يصف روزيجاردي الطريقة التي يعمل بها جهازه على صفحته بموقع Kickstarter:
بشحن برج بلا سخام Smog Free Tower بتيار موجب بسيط، سيطلق قطب إلكترود كهربائي أيونات موجبة في الهواء، والتي بدورها ستلتصق لذرات الغبار الدقيقة في الهواء. بعدها سيقوم سطح مشحون سلبًا، وهو قطب الإلكترود المعاكس، بجذب الأيونات الموجبة، حاملًا معها ذرات الغبار الدقيقة التي التصقت بها. هكذا يتم تجميع ذرات الغبار الدقيق مع الأيونات داخل البرج وبشكل تعجز عنه أنظمة التنقية المعتادة.
هنا يأتي الجزء الأكثر إثارة في الموضوع. فبرج التنقية بارع التصميم لا يغسل الهواء فحسب، بل يحول السخام المجمع إلى مجوهرات رائعة!
قد يكون هذا صعب التصديق للوهلة الأولى، لكن جزيئات الكربون الناعمة التي يجمعها البرج يمكن ضغطها وتكثيفها لتتحول إلى جواهر سوداء صغيرة يتم دمجها في قطع الحُلي مثل خواتم اليد وأزرار الأكمام. المدهش هنا هي الفكرة: كل حجر أو جوهرة سوداء يساوي 1000 متر مكعب من الهواء المنقى!
وبينما يظل ما نراه في الصور بالأعلى نموذجًا أوليًا يتم تجربته في روتردام، إلا أن روزيجاردي يهدف إلى توزيع نماذج أخرى قريبًا في بكين، ميكسيكو سيتي، وباريس، ولوس إنجلز.
فهل نراه في عالمنا العربي قريبًا؟