لبغداد ومعالمها وشخوصها واماكنها التي تبقى عالقة في الذاكرة ولن يمحيها الزمن من هذه المعالم سلسلة محلات جبار ابو الشربت .
ولد جبار وترعرع في محلة المهدية احدى المحلات القديمة لمدينة الحلة , والده هو عبود العجمي صاحب مقهى ( سومر ) في مركزمدينة الحلة ولقد كان مساعدا ً لأبيه الحاج عبود الكاسب والقهواتي في آن واحد وكان حاج عبود قد مارس بيع المرطبات المثلجة في ايام صيف العراق اللاهب سيما وقد اُنشأت في عام 1952 في الحلة شركة مساهمة ّذات مسؤوليه محدده ذ .م .م اسمها ( الوطنية ) لبيع المرطبات المثلجة (الدوندرمة ) وكان المنادي خلف العربة الخاصة بحفظ المرطبات هو جبار الذي يجوب أزقة الحلة وأسواقها منادياً ( وطن ...وطن ..برد قلبك بالوطن ) وكان الأولاد يهرعون الى آبائهم وأُمهاتهم :لقد جاء ابو الوطن ..أريد وطن .. وربما يبدأ البكاء ,والصراخ والزعل والعويل( بشأن الوطن )ومن هنا و كعادة مجتمعاتنا أرتبط اسم جبار عبود بمهنته و بما يسهل المعرفة به وأصبح يكنى جبار ابو الوطن .....واصبح أولاده من بعده يحملون لقب ابو الوطن . ومقهى سومر هذا كان من المقاهي المتميزة جداً بحسن إدارتها وتنوع ما تعرض لمرتاديها من مشروبات ومأكولات بفضل إبداعات ذويها ولا سيما ( جبار عبود العجمي / جبار أبو الشربت في بغداد فيما بعد ) وشقيقه ( نجم عبود العجمي ) . ففضلاً عن دوندرمة الصيف الممتازة كانت البقلاوة شتاءً والهريسة فطوراً للصباح وهما أمران ما كانا معروفين من بين تقاليد مقاهي الحلة , .
ونعود الى جبار نفسه فقد ازداد عدد افراد اسرته واثقل كاهله وتعددت المطالب , فكان لابد من التفكير في مصدر رزق جديد سيما وان الأقتصاد العراقي انتعش لتحرره من الأرتباط _بالإسترليني _ واصبحت عائدات النفط تدر للعراقيين دخلا ً مهما ً واصبحت التغذية المدرسية دليلا عمليا على ماقاله قادة الثورة بان لجميع العراقيين حصة بالنفط وعوائده وتحسنت العمله العراقية وتبدلت من _ عانه اربع فلوس _ الى عملة جمهورية وبقيمة خمس فلوس وترددت ترنيمة _ عاش الزعيم الزود العانه فلس _ على السنة الناس . وأزاء كل هذا وغيره كان لابد من التفتيش عن مكان ٍ ومنطقة ٍ أوفر حظا ً من الحلة فوقع اختياره على بغداد وفي محل صغير بجانب سينما السندباد وسرعان ما وجدت بضاعته سوقا رائجا ً مما جعله يستأجر محلا _ دكان صغير في شارع ابو نؤاس_تعتليه قطعة كبيرة ( شربت الرمان لصاحبه جبار ) ولم تمضي فترة طويلة حتى غَلب اسم جبار ابو الشربت على الإسم القديم جبار ابو الوطن
ومرت الأيام ... ودارت الأيام وجبار ابو الشربت يغزو بغداد مع ابناءه الستة بشربت الرمان.
وحققق نجاحات قياسية في جماهيرية أو شعبية ما يبيع جبار من نوع خاص به من شرابت الصيف وبمواصفات خاصة غير مسبوقة شربت عصير الرمان ذي اللون الوردي الجميل الهادئ الغارق في جريش الثلج حتى حافات الكؤوس . رجل ناجح جداً ذكي جداً وعملي جداً جداً .فإشتهر في بغداد إسمه التجاري وصار يعرضه للبيع مقابل عمولات معينة.
ولكن الدنيا لاتدوم على حال اذ سرعان ماكشرت انيابها بوجه عائلة جبار اذا اعتقل اخوه الاصغر ( ابراهيم عبود ) والذي لم يكن قد مضى , ,على زواجه اكثر من ثلاثة أشهر, و كان يعمل في معمل نسيج الحلة بتهمة سياسية وتم اعدامه ليودع في تراب الوطن اما بقية افراد عائلة جبار في الحلة فقد تم تسفيرهم وحشروا بسيارة عسكرية وتم رميهم على الحدود مع ايران بتهمة التبعية اما جبار وعائلته في بغداد فلم يسفروا لاسباب مجهولة ,ضل جبار يحمل هم عائلته وغربتهم وانقطاع السبل بينه وبينهم حتى وفاته ًوحيدا في بيته في منطقة المشتل بمدينة بغداد المشتل في بغداد في مثل هذا اليوم 28 /5/2005
منقول.....