ماهي درجة خطورة الزئبق على النفس البشرية؟
لنبدأ بحقيقة لاجدال فيها: إن الزئبق مادة سامة وخطيرة بصورة لاتصدق..فنقطة واحدة منه على اليد البشرية قد تكون مميتة بصورة لاعكوسة,كما أن قطرة واحدة منه في بحيرة تجعل كل السمك الموجود فيها غير مأمون أكله.
يعد الزئبق,الذي كثيراً مايشار اليه باسم الفرار,المعدن الشائع الوحيد الذي يوجد سائلا في درجة حرارة الغرفة.وقد اعتقد الخيميائيون (من كانوا يمارسون الخيمياء وهي ضرب قديم من الكيمياء),بمن فيهم اسحق نيوتن الشاب,بأنه مصدر الذهب.أما في العصور الحديثة,فقد أصبح من المكونات الشائعة للطلاء,ومدرات البول ومبيدات الهوام,والبطاريات والمصابيح الفلورسنتية,وكريمات الجلد,والأدوية المضادة للفطريات,واللقاحات التي تعطى للأطفال,وموازين الحرارة,بطبيعة الحال.
وربما كان بعضه موجودا في فمك الآن: فحشوة الأسنان المسماة بالفضية تحتوي – في الحقيقة – على 50% من الزئبق.
تعتمد درجة سمية الزئبق على نمط التعرض وطريقة وصوله الى الجسم,فبوسعك ابتلاع النوع السائل من الزئبق العنصري دون خوف كبيرلأنه لايخترق بسهولة بطانة المعدة والأمعاء.ومن ناحية أخرى,فالزئبق السائل يتبخر في درجة حرارة الغرفة,فإذا استنشقت هذا البخار فسينتقل مباشرة من الرئتين الى تيار الدم ومنه الى الدماغ.ومن الممكن أن يتسبب بخار الزئبق المنبعث من ميزان حرارة مكسورة الى تسمم جو غرفة كاملة – وهو أحد الأسباب التي دعت بعض المدن والعديد من الولايات لحظر بيع موازين الحرارة المحتوية على الزئبق.
يقول بويد هارلي وهو عالم بالكيمياء الحيوية في جامعة كنتاكي:"يمكن للزئبق تدمير الوظيفة البيولوجية لأي بروتين يرتبط به".
وقد علم الباحثون مقدار الزئبق الذي يمكن للجسم تحمله من الدراسات التي أجروها على ضحايا التسمم المأساوي,مثل اليابانيين الذين أصابهم المرض نتيجة لتناول أسماك خليج ميناماتا,والعراقيين الذين تناولواالحبوب المعالجة بمواد حافظة مشتقة من ميثيل الزئبق في أوائل السبعينيات من القرن العشرين,لكن هذه الدراسات لاتظهر الحد الأدنى اللازم من الزئبق لإحداث الأدنى.عند تشخيصها,كان دم عالمة دارتموث يحتوي على 4000 ميكروغرام من الزئبق لكل لتر,كما يمكن لغذاء يحتوي على كمية من الزئبق لكل لتر من الدم,هو مقدار يقل بكثير عن الجرعة المميتة,لكنه قد لايزال غير آمن أيضاَ.
وتستحوذ المخاوف حول التسمية المنخفضة المستوى على مناقشات العلماء حول مصدر آخر واسع الانتشار للتعرض للزئبق,وهو الزئبق العنصري والذي يمثل 50% من حشوات الأسنان الفضية,وينبعث عنه غبار الزئبق,تماما كما يفعل الزئبق السائل.ويمثل الغبار المنطلق عن الملغم السني المصدر الرئيسي لكمية الزئبق التي تتراوح بين 1- 8 مغم.
وقد اشارت احدى الدراسات الى حدوث شذوذات عصبية وسلوكية طفيفة في إطباء الأسنان,والذين يستخدمون ما مجموعه 300 طن متري من الزئبق في الحشوات السنية (الملغم) سنويا,والذين كثيرا مايحتوي بولهم على 2- 5 أضعاف التركيز النمطي من الزئبق.
يقول هالي: والذي يصرح على الملأ بمخاطر حشوات الأسنان:"أعتقد أن الزئبق الميثيلي الموجود في السمك هو أقل مصادر تعرضنا للزئبق سمية".ولم يتم اختبار سلامة حشوات الأسنان الفضية مطلقا,يقول أبو شيان :"لن يتم حل لعز الملغم حتى نقوم بإجراء تجربة إكلينيكية مثل تلك التي نجريها على المعدات الطبية الأخرى".
أما ستيرن,الذي يرى أن القضية تزداد تعقيداً باحتمال حدوث ذعر وملاحقات قضائية,فيقول :"ليس من الواضح حقاً ماالذي يحدث للملغم السني,إنه مثل وكر للثعابين.