ذكرياتي مع بركان
في يوم من الايام واثناء جلسة ودية مع احد الاصدقاء وهو من الذين يجنون ويملكون كثير من الابل ... فقلت له كم اتمنى لو يكون لدي حوار ( جمل صغير ) ضحك وقال لى ماذا تفعل به فقلت له مجرد النظر له فرحة للقلب وانتهى الموضوع على ذلك .
بعدها بيومين اخبرني حارس المزرعة بان سيارة احضرت جمل صغير وانزلوه داخل الشبك وذهبوا ... بعدها ارسل لى صديقي رسالة يبارك بالهدية فشكرته كثيرا لكرمه .
ذهبت الى المزرعه وكم كنت فرحا به انا والاطفال ... جمل صغير ابيض يسر الناظرين
اول يوم ابلغني الحارس بانه يرفض الاكل فقلت له انه حديث فطم عن الحليب وسيجوع وياكل لاحقا ... الا انه رفض الاكل باليوم الثاني واصبح ينوح بشدة .
فقلت للحارس انه يفتقد امه وسوف يعتاد لاحقاً وعلمته طريقه لكي يشربه الماء عن طريق الحقن الاجباري من الفم وكذلك بعض الاكل السائل
الا انه كان يقاوم بشدة واصبح يؤرقني حزنه ودموعه التي ترجمتها مباشرة كدموع طفل يفتقد امه ... كانت دموعه خد حفرت خده الجميل بشكل واضح ومميز
فى اليوم الرابع قررت ان اعيده الى امه لان منظره اصبح يدعو للشفقة بشدة فاتصلت بصاحبي وشكرته كثيراً ورجوته ان يقبل بان اعيد الحوار الى امه لان منظره يتعبني واخاف ان يموت
فضحك وقال ستاتيك امه ايضا هدية هنا قلت له الامر غير معقول ولن اقبل فحلف بالايمان انها ستاتي الى ابنها ولن يعيد عطيته مهما كان
احرجت كثيراً وانا اعلم ان الناقة غالية الثمن فقلت فى نفسى ساحضر من يقدر ثمنها وادفعه له مهما كان
احظرت الام بنفس اليوم وكم كان اللقاء مهيباً ومفرحاً بنفس الوقت ولاتفاجأ بان الناقه ايضاً دموعها قد حفرت خدها للفراق ... وكان مفرح ايضا عندما اخذ الصغير يرضع من امه بلهفه بعد جوع لايام
اطلقت على الناقه اسم ( منوه ) ام الحوار فقد اسماه اطفالى ( بركان )
مع الايام لاحظت ان الناقه كم هي لطيفه وعاطفيه بشكل رهيب حتى انها ان رأتني انا او الاطفال تفرح وتعبر بكل الصور عبر اشتياقها للاحتضان والمسح
كنت امنع الاطفال من الدخول لها لان حجم الناقه الكبير قادر على تكسير عظامهم ولو بالخطأ الا انها كانت عطوفه معهم حتى انهم تجرأو بالركوب عليها رغم انها غير مدربة على الركوب
ساويت الامر مع صديقي بعد ان دفعت له ما يعوض قيمتها وبالكاد قبل الا انى اصريت عليه بالقبول حتى يتم كرمه علي
فبشرني بان الناقه قد تعرضت للتلقيح وباذن الله يبكون ببطنها رزق .. وقد افرحني هذا الامر وقد نصحنى بمدارتها وابعاد اي ازعاج عنها او ما يروعها فى فترة الحمل
حمل الناقة طويل ويستمر سنة كاملة ولن يتضح الا بعد فترة شهور
كنت اتلهف للذهاب لها ورؤيتها هى وولدها ولكي اقودها خارج الشبك لتطلق ارجلها بالمشى الرتيب .. وكم كان بركان يفرح بذلك وينطلق ذهاباً واياباً بركض مجنون فهو تواق للحرية
بعد فترة بدأت ملامح بركان تتغير فهو يكبر سريعاً وبدأ حليب الام ينضب والذى كنت اشاركه معه انا واطفالى .. فقد كان حليبها المالح الشافى السريع لولدي من مرض هشاشة العظام
فى يوم من الايام الكئيبة اتصل بي الحارس ليلاً يخبرني بضرورة الحضور لان الناقة تعاني من سوء كبير وعند حضوري شاهدتها بوضع مزري وقد اسقطت حملها .
قال لى الحارس بان احد الاطفال المشاكسين قد اطلب بالقرب منها قنبلة صوتيه مما افزعها واسقط حملها
اتصلت بالدكتور البيطري وحضر وقام باللازم باخراج باقى المشيمه واعطائها علاجات .
حضر والد الطفل الذى تسبب باذيتها واعتذر كثيرا مما خفف حنقى وحقدى عليه وجعلنى اتناسى الموضوع
لاحقاً ومع اشتداد الحراره ارسلتها الى الصحراء مع قطيع ابل لكي تنعم بصحة اكثر وبعد مرور 4 سنوات اصبح لديها 3 ابكار وازورها بشكل منقطع .
اما بركان الصغير فقد كبر وبعته لان صاحب الابل لا يستطيع جعله معها خشية عليه من الفحول الكبيرة ولا اعلم اليوم هل هو حر في قطيع اخر ام انه انتهى فى بطون البشر .