كم من مرة تجادلت فيها مع الآخرين حول رائحة ما، فيجدها البعض جميلة، فيما تجدها أنت مُنفرة ومزعجة؟! لا تقلق، المشكلة ليست بك ولا بمن حولك، فهناك سبب علمي يقف وراء ذلك، يتعلق بحمضك النووي!
يتم ترميز نظام حاسة الشم بمجموعة محددة من الجينات، كما أن لكل منّا أحماضه الأمينية المختلفة، وكل منهما يتفاعل مع الروائح المختلفة بطرق مختلفة، بمعنى أننا نشم ذات الروائح بطرق مختلفة! إنها واحدة من الأشياء التي تلاحظها بدون التفكير فيها، فبعض الأشخاص يفضلون روائح محددة، لكن البعض يجدها مقززة!
تفضيل روائح محددة، وكره أخرى ليس خيارًا شخصيًا
ولكشف هذا الأمر، قام باحثون من جامعة ديوك بتتبع السبب الذي يجعلنا نشم ذات الرائحة بطرق مختلفة، واتضح أنه أمر أكثر تعقيدًا من مجرد مسألة تفضيل من عدمها. فوجد الباحثون أن هناك 400 جين مسئول بشكل مباشر عن تزويد الكود لمتسقبلات الروائح في الأنف، وعند تقسيمها إلى جزيئات أصغر، فيكون هناك أكثر من 900 ألف مجموعة من جينات الروائح.
وهناك سبب آخر يلعب دورًا هامًا في اختلاف الروائح من شخص لآخر، فغياب أو وجود حمض أميني واحد يعني اختلافًا في استنشاق الروائح. ولمعرفة حجم الاختلافات التي تقف الأحماض الأمينية وراءها، قام العلماء بعزل 500 من المستقبلات لدى 20 شخصًا، كان هناك اختلاف طفيف بينها، وفي بعض الحالات كان الاختلاف في حمض أميني واحد.
بعد ذلك، تم تعريض المتسقبلات لكميات ضئيلة من روائح مختلفة، بما يسمح بتتبع أي من تلك المستقبلات تفاعلت مع أي من الروائح، وبالتالي إظهار كيف أن كل شخص استقبل معلومات الرائحة بشكل مختلف.
تفاعل الروائح في أدمغتنا
هذا لا يحدث فقط في التجارب والمختبرات، فحين نشم شيئًا، فإن الرائحة تدخل إلى الأنف، وتضرب المستقبلات، والتي تقوم بدورها بتزويد المعلومات إلى الدماغ، لإبلاغنا عما إذا كانت الرائحة سيئة أو جيدة. ووجود 900 ألف احتمالية لطريقة برمجة تلك المستقبلات في أدمغتنا يعني تنوع الطرق التي نستقبل بها الروائح.
المستقبلات البصرية وعلاقتها بالمستقبلات الشمية
هناك الكثير من الاختلافات بين الناس، فإذا ما أخذت شخصين وقارنت بين طريقة تفاعلهما مع الروائح المختلفة ستجد أن هناك اختلافات بما نسبتها 30%. وقد تمت مشابهة هذه العملية بالنظام البصري، لكن بدرجات أدق، فالاختلافات في المستقبلات البصرية تعمل على تغيير الطريقة التي نرى بها الألوان، هذا ما يجعل بعض الناس مصابين بعمى الألوان، ينطبق ذات المبدأ على حاسة الشم. الآن هل عرفت السبب الذي يجعلك تكره روائح يفضلها من حولك؟