علق الكاتب روبرت فيسك على الحدثين الدمويين الأخيرين اللذين وقعا في مدينة ميونيخ الألمانية مساء يوم الجمعة الماضي وفي العاصمة الأفغانية كابل صباح أول أمس السبت بأنه على الرغم من بعد المسافة بين المدينتين فإن ما حدث يقدم درسا مفيدا جدا في دلالات الرعب والنفاق.
وقال فيسك في مقاله بصحيفة إندبندنت إن كلمة "إرهاب" أو "إرهابي" أصبحت النغمة المميزة لكل سياسي سطحي وشرطي وصحفي وباحث مهووس في العالم.
وأشار إلى مسارعة الشرطة الألمانية في ميونيخ والإعلاميين في محطات "بي بي سي" و"سي أن أن" وفوكس نيوز إلى وصف إطلاق النار في ميونيخ بأنه كان "عملا إرهابيا"، وأردف بأن هذا يعني أن من أطلقوا النار كانوا مسلمين، وبالتالي اشتبه فيهم بأنهم من تنظيم الدولة الإسلامية (أو على الأقل تحركوا بوحي منه).
وتبين بعد ذلك أنه كان شخصا واحدا فقط أصيب بهوس القتل الجماعي، وأنه من مواليد ألمانيا وإن كان من أصل إيراني، وفجأة تحولت عبارة "مطاردة لمكافحة الإرهاب" إلى مطاردة بحثا عن "مطلق نار" منفرد، حتى أن صحيفة بريطانية كررت الكلمة 14 مرة في فقرات قليلة، وهذا يعني أن كلمة "مطلق النار" تستعمل في حالة كان القاتل الجماعي ليس مسلما.
قتلى في هجومين تبناهما تنظيم الدولة بكابل (الجزيرة)
وأشار فيسك إلى أنه في حالة تفجير مظاهرة للشيعة صباح أول أمس السبت في كابل -وعلى الرغم من فداحة الخسائر في الأرواح وإعلان تنظيم الدولة مسؤوليته عنها- لم يشر تقرير ولا نشرة غربية واحدة إلى مذبحة كابل كعمل "إرهابي"، وكانت عباراتهم في ذلك "مفجرون انتحاريون" و"مهاجمون".
وتساءل الكاتب مستهجنا: كيف يمكن أن يكون المسلم إرهابيا في أوروبا ومجرد "مهاجم" في جنوب غرب آسيا؟ هل لأن القتلة في كابل لم يهاجموا أناسا غربيين؟ أو لأنهم كانوا يهاجمون مسلمين مثلهم، وإن كانوا من الشيعة؟ واستطرد بأن الإجابتين قد تكونان صحيحتين.
ويرى فيسك أن هوية المسلمين في أوروبا يتم تجنبها إذا كانوا ضحايا ولكنها تكون ذات أهمية سياسية كبيرة إذا كانوا قتلة، أما في كابل عندما يكون الضحايا والقتلة مسلمين فإن أزمتهم تكون ذات هوية دينية وليست ذات أهمية في الغرب، وتوصف مثل هذه المذابح الدموية بـ"مصطلحات فقر الدم".
وختم فيسك بأن الأمر في النهاية ينتهي إلى نفس النتيجة، بمعنى أنه إذا هاجمنا المسلمون فهم "إرهابيون"، وإذا هاجمنا غير المسلمين فإنهم "مطلقو نار"، وإذا هاجم مسلمون مسلمين آخرين فإنهم "مهاجمون".