(شعاع في الظلام) يضيئ الدرب أمام الشاعر زاهد محمد
خفايا العلاقة بين الجواهري وعزيز الحاج
عكاب سالم الطاهر
بغداد
جاء في الجزء الاول من (موسوعة اعلام وعلماء العراق)، لمؤلفها الباحث حميد المطبعي، مايلي: (الدكتور زاهد محمد، خبير بالأدب والتراث الشعبي. ولد في مدينة الحي بمحافظة واسط، عمل في الاذاعة العراقية بدأ من عام 1958. فأسس (ركن الأدب الشعبي) بعيد قيام ثورة 14/ تموز/ 1958.
كتب الشعر العامي (الشعبي) ونشره في الصحف المحلية واذاع قسماً منه في الاذاعة. طبع من كتبه (افراح تموز) 1959، و (شعاع في الليل) شعر 1961. والف كتاباً بعنوان (دراسات عن الملاّ عبود الكرخي) طبعته وزارة الاعلام عام 1971.
لم.. النافية
(لم) نكن من مدينة واحدة.. و (لم) تجمعنا مرحلة دراسية.. و (لم) يكن توجها الفكري والسياسي، متقارباً.. وتتعدد (لم) النافية.. لتفضي الى لقاء أدت فيه المصادفة دوراً كبيراً. كان ذلك في صيف عام 1974 (لعله في شهر ايلول)، حين كانت هيئة التخطيط بعيد المدى في وزارة التخطيط تقيم احتفالية في مطعمها الفخم ببنايتها الحديثة المطلة على نهر دجلة، مجاور جسر الجمهورية (جانب الكرخ).
الاحتفالية اقيمت من قبل موظفي الهيئة لمناسبة اجتماعية. حضرت الاحتفالية وتصدرتها بصحبة خطيبتي (وهي من موظفات الهيئة).
وتكلم اكثر من زميل لها. وجاء دور شخصية لافتة للنظر: اناقة ووقاراً يمتلك (كاريزما) جاذبة. القى كلمة بالمناسبة. وكان متواضعاً حين اصر على التحدث واقفاً.
سألت. وكان الجواب: انه الدكتور زاهد محمد زهدي. حفظت هذا المشهد الاجتماعي الاحتفالي بين أوراقي الخاصة. كان لقاء (المصادفة) هذا، اول لقاء مباشر مع الدكتور زاهد.
حوار سريع على هامش الاحتفالية
كنت يومها مهندساً وصحفياً في جريدة الثورة. لذلك اغتنمت (المصادفة) لادخل معه في حوار هو الاقرب للقاء صحفي. وهكذا تركت (الخطيبة) والاجواء الاحتفالية، لاجلس بجانب الدكتور زاهد، جارياً وراء سراب الاهتمام الصحفي!؟.
كان حوارنا: حول التراث والمعاصرة. تحدث كيساري عن رؤيته للعلاقة الصحيحة بين وجهي هذه الظاهر: التراث من جهة، والمعاصرة من جهة اخرى. وافترقنا. ولم يتجدد بيننا: لا اللقاء ولا الاتصال. غبنا عن بعضنا.
شخصيات في حياتي
مرت سنوات حبلى بالاحداث الجسام. وتعود (المصادفة) لتؤدي دورها مرة اخرى. فمن احد باعة الرصيف بشارع المتنبي، اشتريت كتاباً حمل عنوان: (راحلون وذكريات- شخصيات في حياتي)، لمؤلفه السياسي العراقي عزيز الحاج. وكان الدكتور زاهد محمد زهدي، احد تلك الشخصيات.
كتب الحاج قائلاً: (زاهد محمد زهدي، كان شاعراً مبدعاً، بالعامية والفصحى. وكان مناضلاً معروفاً، ولا اراني في حاجة للتعريف به).
ومضى الكاتب عزيز الحاج يقول: (دخل زاهد صفوف الحركة العمالية والحزب الشيوعي، وهو يافع. وسجن عام 1948، ونقل لسجن الكوت، حيث كان قادة الحزب الشيوعي، فهد وزكي بسيم وحسين محمد الشبيبي في سجن الكوت ونقرة السلمان. والتقيت به بعد ثورة 14 تموز. كان الفقيد زاهد صديقاً وقريباً ورفيق نضال لعقدين من الزمن..).
زاهد والجواهري
وتذكر المصادر ذات الصلة: ان الشاعر اليساري زاهد محمد شديد الاعجاب بالجواهري. ويعده استاذه الشعري وصديقه. وقد اصدر كتاباً عن الجواهري بعنوان: (الجواهري صناجة الشعر العربي في القرن العشرين).
على ضفاف الكتابة
بقيت متألماً لأنني لم أتواصل مع الشاعر والباحث التراثي زاهد محمد. رغم ان كل المعطيات تفضي الى هذا الانقطاع. حيث هاجر الى خارج العراق. تجول في لندن وبرلين واستوكهولم ونظمت له امسيات شعرية. واخيراً استقر في لندن.
وعانى زاهد مرضاً عضالاً. قاوم المرض، لكن المرض تغلب عليه. ويوم (28/ ايلول/ 2001) انتقل الى جوار ربه، بعد حياة محملة بالمعاناة، لكنها محملة ايضاً بالعطاء.
وحين صدرت الطبعة الثانية من كتابي (على ضفاف الكتابة والحياة)، حرصت على ان انشر فيه صورة تلك المناسبة الاحتفالية التي اقيمت في ديوان وزارة التخطيط، يتصدرها الدكتور زاهد محمد زهدي. رحمه الله..
اقروها كلش حلوهاتمنا تعجبكم
رد مع اقتباس
