هل يمكن أن تعيش القصة فصولا لا تختلف في مدلولاتها عن ثيمة القصة الواحدة!! وان تنسج واقعا مختلفا في تفصيلاته وموحدا في مدلولاته! وهل يمكن أن تنجح هذه القصة الواحدة في إعطاء المتلقي أفكارا اجتماعية وتنويرية وفكرية تسهم في تغيير بنية المجتمع لتحقيق انتقالة حضارية في المنهج والسلوك والقيم الهادفة.!!.
هذه الأسئلة هي بؤرة العمل القصصي العراقي بعد أن دخلت القصة في عمق الجرح النازف واغترفت منه مرويات تتحدث عن مأساة تباعد ما بين الإنسان والوجود – والإنسان والانتهاء. ثنائية الصوت الإنساني لا يمكن أن تعود لترتدي جسدا آخر يغازل مناطق غير متطابقة مع واقعنا الحالي الذي ينسج أمكنة وأزمنة وحوادث وأشخاصا وانتقالات تتقارب في ما بينها عبر صناعة الشخصية العراقية المأزومة بتشظيات متعددة ومتكاتفة ببؤرة الرفض لكل ما يجري على تحركات الشخصيات التي هي نسخة عن واقع ممتد على زمن عقود عديدة.
عاش بطل القصة العراقية تداعيات مجتمعه، وكان صوتا قويا في تشخيص الخلل الأمني والسياسي والطائفي والاثني والمجتمعي المتعدد في الإسقاطات الإقليمية ودول الجوار، ولم يكن صوتا متخاذلا ولا مستكينا بقدر ما كان مواجها صلدا حتى وهو تحت مطرقة الجلاد «المريض نفسيا وذهنيا» الذي جاهد أن يجعل صورته طاغية على مشهد يعترض مسالكه المتهالكة بحقدها فما استطاع أن يجد موطئ قدم متسع لتدخل من خلاله قصة تجد سببا مقنعا لكل ما يجري.
رفضت القصة الواحدة وجود هذا «المسخ» في الجسد العراقي النظيف، وسجلت تشوهاته عبر كل الصور التي جسدتها على أرض مشهد عراقي اتسع ليضم أمراض اللاإنسانية وهي تحاول وأد الحياة بطريقة همجية بربرية تذكرنا بما عاشته المجتمعات الأوروبية ابان العصور الوسطى وسيطرة الكنيسة بكل أمراضها عليها، التي تخلصت منها تلك المجتمعات بطريقة منظمة فكريا وشعبيا ومجتمعيا وهو ما يسعى اليه الأدب العراقي بخطى حثيثة تسجل حضورها الفاعل في كل نتاج العطاء الإبداعي المحلي.
قصة الإنسان ووجوده الحقيقي جسدتها القصة العراقية الآن، ولم تترك مكانا يليق بتواجدها ولم تدخل فيه، وبهذا استطاعت أن تروي قصصا ضمن القصة الواحدة، وأن تترك بصمتها الذكية في خارطة الرد الإنساني لإرهاب العقل المدمر.