“سأسافر عبر الأرض، باحثاً في كل مكان، عن بوكيمون، أداة السلام قوةٍ لا تُهان.”
هكذا كانت هي كلمات شارة البداية للمسلسل الكرتوني الذي كان الأكثر شيوعاً وإنتشاراً على مُستوى العالم في وقته، المسلسل الذي دارت حوله شائعات تزيد عن عدد حلقاته والتي تخطط تسعمائة حلقة مُقسمين على تسعة عشر موسماً بدأ إصدارها منذ عام 1997 واستمرت لتصدر آخر حلقاتها من موسم XYZ السبت الماضي المُوافق 16-7-2016، أي أن السلسلة استمرت طوال تسعة عشر عاماً تقريباً، وطوال هذه الأعوام، لازم السلسلة الكثير من الإتهامات والآراء الغريبة التي لم نكن لنسمع عنها بما يتعلق بغير هذه السلسلة، فهناك مُسلسلات كثيرة مثل Yo-Gi-Oh وكونان وحتى أبطال الديجيتال، كل هذه المُسلسلات لم تلقى ما تلقته سلسلة Pokémon من إتهامات وشائعات تدور حولها وتربطها بالماسونية ومُعادتها للإسلام وتأييدها لأفكار التطور، حتى وصلنا إلى عامنا هذا، حيث إنطلقت لعبة أثارت ضجة لم نشهدها منذ فترة طويلة حول كل ما له علاقة باسم Pokémon، اللعبة التي أطلقتها شركة Niantic المُنفصلة حديثاً عن Google، وسنقوم في هذه المقالة بعرض كافة المخاطر التي تُعرضك إليها اللعبة، أو دعونا نقول أنه يُقال أن اللعبة تُعرضك لها، وسُنناقشها سوياً.
قبل كل شيء، إذا كنت من المُتشددين لرأيك، وغير مُحبي السماع لرأي الآخرين، فأنصحك بالتوقف عن قراءة هذا المقال في الحال والبحث عن ما يُريح عقلك من البحث والتفكير.
أولاً: شركة Niantic, Inc.
شركة Niantic, Inc. هي شركة أمريكية يقع مقرها في سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، بدأت الشركة في عام 2010 تحت اسم Niantic Labs وكمشروع داخلي لشركة Google، حتى انفصلت عنها في أكتوبر من عام 2015، وهي من تأسيس جون هانك.
عُرفت هذه الشركة بإهتمامها بتصميم وتطوير ألعاب الواقع المُعزز أو ما يُعرف ب Augmented Reality والذي يقوم بالربط بين كاميرا هاتفك المحمول والعالم الواقعي لتظهر الأشكال والرسوم التي في اللعبة بخلفية المكان الذي تُصوره الكاميرا الخاصة بك.
وكانت أول مشاريع هذه الشركة هي لعبة Ingress والتي تُعد أحد أفضل العاب الواقع المُعزز بالرغم من عدم مُنافستها بأي شكل من الأشكال وليدة الشركة الثانية Pokémon Go، حيث أن الاولى وصلت عدد مرات تحميلها على متجر Google Play فقط إلى 10 ملايين تحميل منذ إطلاقها في عام 2013، فيما وصلت Pokémon Go إلى هذا الرقم خلال الأسبوع الأول من إطلاقها، بالإضافة إلى أن لعبة Pokémon Go قد تخطت Twitter في عدد المُستخدمين اليومي.
بعد إنفصال Niantic عن Google، قامت بالإشتراك مع شركتي Nintendo مُطورة الالعاب وجهاز Wii الشهيرة، و The Pokémon Company، والمالكة لحقوق شخصيات وألعاب ومسلسلات وكافة مُنتجات Pokémon ليقوموا بصنع لعبة Pokémon Go، والتي تعمل بتقنية Augmented Reality، والتي تقوم بربط اللعبة بالواقع كما ذكرنا من قبل، وسأحاول العمل على مقال يشرح هذه التقنية بشكل مُنفصل عما قريب.
شائعات وآراء
منذ بدء إطلاق الحلقة الأولى من مُسلسل Pokémon في عام 1997، وجميعنا يسمع الكثير من الأقوال والآراء والشائعات التي تدور حول هذا المُسلسل، وربطه الدائم بالماسونية وترجمة كلماته بترجمات غير منطقية أو عقلانية ليجعل من بعض الكلمات التي سيسمعها الطفل وأقصى ما سيفعله بها هو تسمية حيوانه الأليف بها شفراتٍ يتناقلها الناس بينهم وبين بعض، كأنما عندما يحفظ الطفل كلمة بوكيمون والتي تعني –وفقاً للشائعات حينها- “لا وجود لله” سيُعرض هذا الدول والعالم والدين الإسلامي للخطر، في حين أن هذه الكلمات لم تكن بالأساس ذات معاني خفية، فعلى سبيل المِثال، تعني كلمة Pokémon “وحش الجيب” فهي إختصار لكلمتي “Pocket Monster” حيث أن المسلسل كان يعتمد بالكامل على فكرة أن الوحش يبقى في جيبك في كرة ذات لونين أحمر وأبيض -بعضها كان ذهبياً أو باللون الأخضر في المواسم التالية-.
أما النقطة التالية، فكانت أن المُسسل يُروج لفكرة التطور، والتي في نظر من قاموا بنشر هذه الشائعات مُعادية للأديان السماوية وما إلى ذلك.
لست ضد فكرة التطور أو معها، ولست هنا في مجال يسمح لي بمُناقشة شيء لا أفقه فيه الكثير ويعلم عنه آخرون من هم أفضل مني، لكن صدقني لن تستطيع زرع فكرة التطور والتي تقول أن الإنسان بدايته كانت قرد والتي يتخذها الكثيرين حُجة لإلحادهم في عقل طِفلٍ لم يتخطى عمره السبع سنوات من خلال بعض الرسومات الكرتونية، والتي يُشاهدها الطفل وهو يعلم أنها كرتونية.
وأخيراً، فمع صدور اللعبة، لم تخلو من الشائعات والأفكار والمُزايدات الفكرية غير المنطقية، والتي سأُحاول توضيحها في الاسطر التالية، فبعد أن أصبح الجيل -الذي كان يستمع لآراء تحريم المُسلسل وحُرمة أساميه وأدى ذلك إلى إلقاء كميات هائلة من أوراق اللعب في صناديق المخلفات- بعمر العشرين وما يزيد تقريبا، أصبحت طرق التحذير ونشر الكراهية لهذه اللعبة أكثر عصرية ومُناسبةً لسنه وأفكاره الجديدة، لا أعلم في الحقيقة ما هو سبب كراهية أكثر البشر وبالأخص في العالم العربي لكل ما يتعلق بكلمة Pokémon. فقد أصبحت التحذيرات الآن تتعلق بإنتهاك اللعبة للخصوصية، وبإختراقها لحياتك وكونها جهاز تجسس يُحولك من مُواطن إلى جاسوس مجاني على وطنك، الذي لا يستطيع أن يدخله جاسوس بالطبع كما نعلم جميعاً.
مخاطر لعبة Pokémon Go في أنظار العالم
ننتقل الآن لأهم أجزاء مقالنا اليوم، ما هي مخاطر لعب لعبة Pokémon Go؟، حسناً، نبدأ بذكر الشيء الذي كره الكثيرين في اللعبة وجعلهم يحذفونها، وهو خطر أن تكون
جاسوساً على بلادك.
دعوني في البداية أوضح شيئاً:
–
صدرت لعبة Pokémon Go في دول مُعينة حتى هذه اللحظة هي “الولايات المُتحدة، أستراليا، اليابان، نيوزيلندا، ألمانيا، والمملكة المُتحدة”.
مما يعني أن اللعبة -إلى حد هذه اللحظة- غير مُوجهة لعالمنا العربي، فهؤلاء
الـغـرب قاموا بصُنع وتطوير لعبة وقاموا بإطلاقها في دولهم فقط، ودعوني أقول أنه لم تكن لديهم خطة توسع حالية للعبة وهو ما يُلاحظه الكثيرين بسبب توقف خوادم اللعبة عن العمل كثيراً، وذلك نظراً لعدد المُستخدمين الهائل الذي تخطى التوقعات، حيث أن الشركة قامت بإطلاق اللعبة لدول بعينها، أما ما حدث فهو تحميل باقي المُستخدمين من الدول الأخرى للعبة على هيئة ملف APK قابل للتثبيت على هيئة Unknown Source على الهواتف المحمولة بطريقة غير شرعية.
دعوني الآن أسأل سؤالين وأطلب من كل من يقرأ المقال أن يُجيب عنهما بنفسه:
1- من ذاك الذي سيُصدر لعبة للتجسس في دولته فقط؟ حيث أنه من الدول التي صدرت فيها اللعبة هي “اليابان” وهي مقر شركة Nintendo و The Pokémon Company، و “الولايات المُتحدة الأمريكية” وهي مقر شركة “Niantic, Inc.” مُطورة اللعبة.
2- هل عندما يُريد أن يتجسس عليك أحد الأشخاص باستخدام أحد التطبيقات، لن يُطلقها في دولتك؟ بل ويتفاجئ بهذا وتتعطل خوادمه التي كانت مُعدة لأن يكون المُستخدمين من الدول التي صدرت إليها اللعبة فقط وليس خارجها.
إذا كنت قد انتهيت من الإجابة على هذين السؤالين ولم تقتنع بعد، فشاركني الأسطر التالية كي نرى إذا كانت اللعبة خطرة بحقٍ أم لا.
صلاحيات اللعبة
عندما تقوم بتثبيت أي تطبيق على هاتفك الشخصي يطلب هذا التطبيق منك المُوافقة قبل تثبيته على إعطائه صلاحيات الوصول إلى بعض الأشياء في هاتفك، كالكاميرا وسجل الهاتف والتخزين وغيرها كما نرى في الصورة.
عندما ننظر للصلاحيات التي تطلبها اللعبة، نجد أنها أربع أربعة صلاحيات فقط كما نرى هنا.
وهي:
1- Camera، كون اللعبة من فئة Augmented Reality فهو شيء طبيعي أن تطلب صلاحية الوصول إلى كاميرا هاتفك الشخصي كي تقوم بتصوير ماهو حولك وتُضيف إليه رسومياتها الخاصة.
2- Contacts: تحتاج اللعبة إلى صلاحية الوصول إلى جهات الإتصال الخاصة بك، كونها ستقوم بالربط فيما بعد بينكم كي تصبحون في فرق وما إلى ذلك من خصائص اللعب الجماعي بها.
3- Location: اللعبة تعتمد على تحديد مواقع البوكيمونات بصورة عشوائية، لذا فهي تحتاج إلى إستخدام خاصية GPS الموجودة في هاتفك لتحديد موقعك وتحديد موقع البوكيمونات لتذهب وتقوم بتجميعها.
4- Storage: بالتأكيد أي تطبيق تقوم بتثبيته على هاتفك يحتاج إلى صلاحية التعديل على سعة التخزين، خاصةً لأن اللعبة تقوم تلقائياً بحفظ صور البوكيمونات التي تجدها على هاتفك وهو يحتاج إلى صلاحية تعديل وإضافة الملفات.
إذاً تتطلب لعبة Pokémon Go الحصول على أربعة صلاحيات، دعونا وبدون الإكثار في الحديث نُعلق على هذه الصلاحيات بصورة من الصلاحيات التي يتطلبها أحد أكثر التطبيقات شيوعاً على مُستوى العالم حالياً وهو Messenger.
لا حاجة لكتابة المزيد بالنسبة للصلاحيات، ننتقل الآن لجزئية ثانية، وهي نقل البيانات. يقول الجميع أن اللعبة تُرسل لقطات إلى خوادمها كي تقوم بالتجسس عليك وعلى دولتك، حسناً، أنا قد قمت بلعب اللعبة عدة مرات، وأستخدم هاتف Note 4، والذي أحتاج إلى تصغير حجم الصور المُلتقطة من خلاله كي أستطيع رفعها على مواقع التواصل الإجتماعي بسبب دقة الصور العالية، وبالتأكيد لن تأخذ اللعبة لقطة أو لقطتين فقط، حسناً، لنُلقي نظرة على كمية البيانات المُستخدمة من خلال اللعبة على جهازي.
يظهر هنا أن اللعبة لم تتخطى حاجز 3 ميجابايت من البيانات المُرسلة والمُستقبلة، مما يعني أنه لا صور يتم إرسالها إلى خوادم أمريكا أو أي شيء من هذا القبيل على الإطلاق،
المخاطر الحقيقية
دعونا نتفق على أنه للعبة مخاطر، ولكن ليست مخاطر تتم بسبب مُؤامرات خارجية تُحاول الوصول إلى صورة كرسي في منزلك أو طاولة تجد عليها إحدى البوكيمونات، ولكن المخاطر الحقيقية تكمن في كيفية إستخدام اللعبة، فمن يقوم بإستخدام اللعبة في تتبع البوكيمونات في الطريق على سبيل المِثال مع إطالة النظر في الهاتف عند مرور الشارع وما إلى ذلك قد يُعرض اللاعبين لخطورة التعرض للحوادث.
من ضمن أشهر الحوادث التي حدثت بسبب تلك اللعبة، شابة في التاسع عشر من عمرها، وُجد جسدها طافياً على الماء. وبعد أن أفاقت، قالت الفتاة التي وجدتها أنها كانت تمشي بطول الجسر ووجدت شيئاً طافياً في الماء وبعد أن ألقت نظرة أخرى اكتشفت أنه جسد فتاه، وقد كان يبعد أقدام قليلة عن الشاطئ. ووفقاً للمحققين، كان الجسد قد ظل في نفس البقعة من الماء لحوالي 24 ساعة.
وقد حدثت الكثير من الحوادث الأخرى بسبب لعب اللعبة أثناء القيادة أو أثناء عبور الطريق، حتى أن الحكومة بالولايات المُتحدة حذرت المُواطنين من لعب Pokémon Go أثناء القيادة عبر تغريدة قالت فيها:
“No Pokémoning from behind the wheel.”
أما المُشكلة الأخرى فهي الخطأ التقني والذي أعلنت عنه الشركة المُصنعة للعبة حيث أنها تمتلك صلاحيات كاملة للدخول والتحكم في حساب جوجل الخاص بك، وقد قالت الشركة أن هناك تحديثاً سيصل ليحل هذه المشكلة، أما إلى حد هذه اللحظة، فلحل هذا المشكلة يدوياً قم بقراءة مقال الزميل محمد حمزة:
راجع أيضاً :
Pokemon GO.. أخطاء قاتلة تودي بخصوصيتك إلى الهاوية!
إذاً فالمشكلة الحقيقة حول اللعبة لا تكمن في كونها مؤامرة للتجسس أو لإيصال المعلومات أو غيرها من المخاطر التي يتحدث عنها الكثيرون، ولكن المخاطر الحقيقية تكمن في كيفية إستخدام اللعبة والتعامل معها والذي يُؤدي إلى الحوادث.
قد لا يُعجب هذا المقال الكثيرين، قد يظنني مُتحدثاً رسمياً لشركة Nintendo أو The Pokémon Company، أو انني أجني مالاً من زيادة عدد لاعبين اللعبة، فقط أود أن أؤكد لكم أن مهمتي هي توضيح وتصحيح المفاهيم الخاطئة وبغض الشائعات، وطمئنتكم في حالة لم يكن هناك ما يدعو للقلق، إذا كان لكم رأي آخر لما قد ذكرته فأنا أتقبله بصدر رحب، فقط لا تهاجموا دون إبداء رأيكم.
استمتعوا بوقتكم بلعب اللعبة، فهي لا تحتاج إلى جهد عقلي كبير، وتُساعد في التحرك والإنتقال ولو بقدر قليل، ولمعرفة كيفية لعب اللعبة وتحميلها.
منقول