في رمضان الفائت فوجئنا جميعاً بقرار أحمد الشقيري بإيقاف برنامج خواطر وأن الموسم الحادي عشر منه هو الموسم الأخير له، وبدا لنا قراراً نهائياً لا تراجع فيه ذكّرنا فيه كل يوم في رمضان الفائت في شارته (وختام خواطر فلنأمل لشباب اليوم غدا أفضل…).
والحقيقة أنه لا يمكن لأحد أن ينكر أن البرنامج على مدى إحدى عشر عاماً ترك بصمة كبيرة في نفوس متابعيه وفي مواسمه الأخيرة بدأت بوادر جميلة من نشاطات وفعاليات شبابية ومؤسساتية متأثرة بما عرضه البرنامج طيلة مواسمه المختلفة من مشاكل نواجهها ومرات حلول موجودة في عالمنا العربي أو بلاد أخرى لنستفيد منها كما عرض لنا طيلة موسمه الخامس في دولة اليابان التي صارت بالنسبة لنا كوكباً آخر يعملون فيه ويتعلمون كما لا نفعل، ثم عرض لنا مباشرة في الموسم الذي يليه اختراعات عربية ومبادرات جاءت من بلاد العرب في عصور ازدهارهم العلمي، ثم عاد ليخبرنا عن المستنقعات التي وقع فيها بلاد الغرب حين حادوا عن الصراط المستقيم…
إحدى عشر موسماً لا يشبه أحدهم الآخر فكانت خيبتنا كبيرة حين قرر التوقف وكما اعتاد على مفاجأتنا كانت مفاجأته الكبيرة في إعلان برنامجه الجديد لهذا العام (قمرة) الذي هو عبارة عن برنامج من مشاركات الجمهور من فيديوهات من تصويرهم وتصميمهم بمدة لا تتجاوز الدقائق الثلاث ولن يكون له دور فيه سوى بعض التعليقات وتجميع الفيديوهات لعرضها في حلقات البرنامج.
وانقسم الناس إلى فئتين… فئة متحمسة وتبحث عن فكرة وشركاء لتشارك في البرنامج وربما استنفروا شهراً للعمل على المشاركة وفئة متحمسة لتشاهد الانتقالة الكبيرة بين خواطر بعد إحدى عشر موسماً وقمرة كتجربة جديدة جداً في الإعلام العربي…
وسأقوم بتلخيص أهم الفوارق بين خواطر وقمرة، دون أن نعتبرها مقارنة بينهما لأنه لا أفضلية لبرنامج منهما على آخر فكل منهما حمل خصوصية ميزته عن غيره…
من ناحية الشكل
يبدو أن الشقيري تعمد في قمرة ألا يحمل ديكور البرنامج أي خصوصية تتعلق به شخصياً كما كان يحدث في خواطر، فبعض المواسم حملت شعارات معينة التزم فيها في الغرافيك التي تعرض ضمن الحلقة وأحياناً على اللباس الذي يرتديه خلال الحلقات مع ديكور المكان الذي يصور فيه الفواصل.
في قمرة، أراد أن يوصل للمشاهدين أن مهمته هي فقط الوساطة بين هؤلاء المبدعين العرب والمشاهدين، فكان مكان تصوير الفواصل بخلفية بيضاء تماماً مع عدم التركيز على أي لوغو غير عنوان البرنامج وحتى الشارة ركزت كلماتها على هدف البرنامج الأساسي وهو مشاركات الناس في أعمالهم عبر البرنامج الذي كانت مهمته الأساسية منصة وصلة وصل.
من ناحية المضمون
بالنسبة لي قمرة هي نتاج عمل فريق خواطر لكل هذه السنوات، وكل ما قدمه المشاركون من فيديوهات بأساليب مختلفة لا يخرج عما عرضه خواطر طيلة سنواته الماضية، المواضيع مستقاة من كل ما ناقشه خواطر من قبل عن التعليم والأكل الصحي والزواج والتطرف وغيرها من المواضيع وأعتقد أني لو كنت مكان احمد الشقيري لكنت فخورة جداً بهذا البرنامج لأنه أثبت بدون شك أن خواطر وكل جهوده لم تذهب سدى وأنها كانت ذو تأثير عميق في وعي الجيل وترك بصمة عميقة فيها.
من ناحية العمل
قمرة هي نتاج مجهود جماعي من كل من شاهد خواطر وكان له تأثير عليه، بينما خواطر كانت عبارة عن مجهود فردي أو فريق البرنامج فقط، فهنا يمكن أن نقول إننا انتقلنا من التقديم من طرف واحد إلى التقديم من أطراف كثيرة بإشراف شخص مبدع ذو خبرة عظيمة في برامج التوعية والدعوة إن صح التعبير…
من برنامج إلى مسابقة
التغيير الأوضح لكل المشاهدين كان انتقال أحمد الشقيري من برنامج توعوي إلى مسابقة بصيغة برنامج وفتح مجال التصويت للمشاهدين وهناك جوائز جمهور ولجنة تحكيم وهذا كان تصرفاً حكيماً منه، فالناس تحتاج لمحفزات لتقوم بمجهود كبير في عمل مثل تلك الفيديوهات التي تم عرضها ومن العدل تقديم جوائز ولو رمزية لكل من بذل جهداً وشارك في البرنامج فكان هو عماد من أعمدة نجاح البرنامج ويستحق المكافأة…
بعض الأرقام عن قمرة
تتوزع جوائز البرنامج على فئتين، الأفراد والشركات، ويحصل الفائزون من كل فئة على الجوائز التالية:
الفائز الأول: جائزة مادية قيمتها 500,000 ريال سعودي، والفوز بلقب المركز الأول في جائزة قُمرة للإحسان الإعلامي.
الفائز الثاني: جائزة مادية قيمتها 300,000 ريال سعودي، الفوز بلقب المركز الثاني للجائزة.
الفائز الثالث: جائزة مادية قيمتها 200،000 ريال سعودي، والفوز بلقب المركز الثالث للجائزة.
جائزة الجمهور: فهي جائزة مادية قيمتها 100,000 ريال سعودي.
شارك في البرنامج أكثر من (8000) مشاركة تقريباً توزعت على 30 موضوع.
أيهما أفضل؟
لا أحد ينكر أن خواطر وخصوصاً مواسمه الأخيرة كانت أكثر من ممتازة من جميع النواحي الإعلامية، المواضيع المنتقاة بعناية وطريقة العرض المميزة والأفكار المتجددة والتي تنبع من الواقع ومن احتياجات الأمة وأيضاً موجهة لجميع الشرائح والفئات المختلفة…
لذلك لو أردنا المقارنة سنكون ظالمين لقمرة ولمجهود الشباب الجدد الذين بدؤوا يدخلون الإعلام ويفهمون كيف يكون الإعلام الهادف الذي يحمل فكرة ومضموناً وأسلوباً مواكباً للعصر.
قمرة أضاف الكثير للمحتوى الالكتروني العربي الذي هو فقير جداً أصلاً ويحتاج جهداً عظيماً لتطويره والوصول به لمستوى المحتوى الأجنبي.
منقول