لفت خبراء روس إلى مكالمة هاتفية أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الإيراني حسن روحاني، ولوح بتشكيل "تحالف ثلاثي" يضم روسيا، ما سيتطلب تعديل الموقف التركي من سوريا.
ويعتقد ستانيسلاف تارانوف مدير مركز الدراسات "الشرق الأوسط-القوقاز" التابع للمعهد الدولي للدول الناشئة حديثا، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد فشل عملية السلام الشرق أوسطية، حاول توسيع نفوذه الجيوسياسي "على أجنحة حلف الناتو". لكنه خسر لعبته أمام الشركاء الغربيين ووجد نفسه منجرا إلى نزاع إقليمي شامل بمشاركة سوريا والعراق.
وسبق لوكالة "إيرنا" الإيرانية أن نقلت عن أردوغان خلال المكالمة التي جرت يوم الاثنين الماضي قوله: "إننا اليوم عازمون أكثر من أي وقت مضى، على أن نسير جانبا إلى جنب مع إيران وروسيا، لنساهم بالتعاون معهما في حل القضايا الدولية، كما أننا مصممون على تكثيف الجهود الرامية إلى استعادة السلام والاستقرار في المنطقة".
بدوره أشاد روحاني بالشجاعة التي تحلى بها الشعب التركي ونضجه السياسي، إذ نهض ليدافع عن السلطة الشرعية في مواجهة الانقلابيين. وأردف قائلا: "يؤثر الاستقرار والهدوء في تركيا بشكل إيجابي على الأجواء في المنطقة برمتها. ولا شكوك لدينا في أن الهدوء في دول العالم الإسلامي لا يروق للإرهابيين ولبعض الدول الكبرى على حل سواء". وتابع أن الأحداث الأخيرة في تركيا أظهرت من هـم الأصدقاء ومـن هـم الأعداء لتركيا، داخل وخارج حدودها على حد سواء.
وقال تارانوف تعليقا على وضع أردوغان فيما بعد الانقلاب، إن الرئيس التركي أدرك منذ فترة طويلة، أنه وقع في فخ السياسة الغربية، علما بأن سياسة الغرب هذه هي السبب الرئيس وراء قضية اللاجئين، وسبق لأردوغان أن تحدث عن ذلك علنا مرارا حتى فتح ممرات لهؤلاء اللاجئين إلى أوروبا، ما عرض الأمن الأوروبي لخطر كبير.
وأضاف الخبير أن مطالب أردوغان بتسليم الداعية الإسلامي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة لتركيا، دون تقديم أي أدلة تثبت تورطه في تدبير الانقلاب، تدل على توجه أنقرة لتعقيد علاقاتها مع واشنطن عمدا، وعلى نية أردوغان الاعتماد على "الورقة الشرقية" مرة أخرى.
وأعاد تارانوف إلى الأذهان تصريحات سابقة لأردوغان هدد فيها بتوجه تركيا نحو منظمة شنغهاي للتعاون في حال إغلاق أبواب الاتحاد الأوروبي في وجه أنقرة.
ولفت الخبير إلى الحركة المفاجئة لأنقرة التي بدأت تبذل جهودا مكثفة لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل وروسيا على حد سواء، ليأتي بعد ذلك مباشرة الهجوم الدموي في مطار أتاتورك باسطنبول. وبعد الإعلان عن قرب عقد لقاء ثنائي بين الرئيسين الروسي والتركي، جاء الانقلاب العسكري. ويعتقد تارانوف أن ذلك ليس مصادفة.
وذكر الخبير بأن الفرضية الأولى التي طرحتها أنقرة بشأن سبب الانقلاب، كانت تشير إلى وجود مجموعة ضباط أتراك ساعوا لإحباط عملية التقارب مع إسرائيل وروسيا.
أما الفرضية الثانية فتحدثت عن مجموعة ضباط تربطهم صلات بالاستخبارات المصرية والإماراتية، فيما أعلن أردوغان نفسه عن الفرضية الثالثة بتوجيه أصابع الاتهام إلى فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة.
كما لفت تارانوف إلى مصادفة غربية أخرى – إذ تزامنت مساعي أردوغان لتعزيز سلطته وتعديل الدستور لتحويل تركيا لدولة رئاسية، مع تقديم حليفه الرئيس الأذربيجاني إلحام علييف مشروع قانون يقضي بتمديد فترة صلاحياته لتبلغ 7 سنوات، أمام المحكمة الدستورية.
وأعاد تارانوف إلى الأذهان أنه سبق لـ باكو أن تمكنت من إحباط مؤامرة انقلابية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لتظهر بعد ذلك معلومات عن وجود صلات بين المتآمرين الأذربيجانيين وبعض الشخصيات في أنقرة.
ولم يستبعد الخبير أن تكون باكو هي المصدر الذي حصل منه أردوغان على المعلومات عن خطط الانقلابيين الأتراك، والتي سمحت له بإحباط تلك الخطط.
وأردف تارانوف قائلا: "تتغير الصورة الجيوسياسية. وإذا كان أردوغان يمارس نهجه السياسي بثبات، وأنا أعني هنا اقتراحه حول تشكيل تحالف مع إيران وروسيا، فعليه أن يقر بفعالية نظام الأسد، وأن يجري المفاوضات في هذا السياق، وهذا ما يفتح الآفاق لتسوية الأزمة السورية".
وذكر الخبير أن التصريحات التركية التي صدرت حتى الآن، لم تدل على أي تغيير جذري في موقف أنقرة من حكومة بشار الأسد. لكنه اعتبر أنه من غير المستبعد أن تواجه تركيا مزيدا من الأزمات في القريب العاجل، على خلفية مساعي المعارضة التركية الموالية للغرب.
وأضاف الخبير: "من المفهوم أن أنقرة في مثل هذا الوضع تدخل في تحالفات تكتيكية. وتحاول السلطات التركية أن تحشد دعما من جانب الحلفاء الذين يمكنهم أن يلعبوا "دور التوازن" في العلاقات المتهورة بين تركيا والغرب".
المصدر: سفوبودنايا بريسا