سبحان الخالق السلام على سيد البلغاءالمُغتلمة للضراب . اُحيلك من ذلك علي معاينة ، لا كمن يُحيل علي ضعيف إسنادُه . ولو كان كزعم من يزعم أنّه يُلقح بدمعة تسفُحها مدامعه ، فتقف فى ضَفّتى جفونه ، وأنّ اُنثاه تطعم ذلك ، ثمّ تبيض لا من لقاح فحل سوي الدمع المنبجس ، لما كان ذلك بأعجب من مُطاعمة الغُراب ! تخالُ قصبَه مدارى من فضّة ، وما اُنبت عليها من عجيب داراته وشُموسه خالص العقيان وفلذ الزبرجد .
فى بيان عجائب خلقة الطاووس ـ :
ومن أعجبها خلقاً الطاووس الذى أقامه فى أحكم تعديل ، ونضّد ألوانه فى أحسن تنضيد ، بجناح أشرج قصَبه
، وذنب أطال مسحبه . إذا درج إلي الاُنثي نَشرَه من طيّه ، وسما به مطلاًّ علي رأسه كأنّه قِلعُ دارىٍّعَنَجَه نُوتيّه
يختال بألوانه ، ويميس بِزَيفانه ، يُفضى كإفضاء الديكة ، ويؤرُّ بملاقحه أرَّالفحول
فإن شبّهته بما أنبتت الأرض قلتَ :
جنًي جُنى من زهرة كلّ ربيع . وإن ضاهيته بالملابس فهو كمَوشىِّ الحُلل ، أو كمُونق عصب اليمن . وإن شاكلته بالحُلىِّ فهو كفصوص ذات ألوان ، قد نُطّقت باللُّجين المكلّل .
يمشى مشى المرح المُختال ، ويتصفّح ذنبه وجناحيه ، فيقهقه ضاحكاً لجمال سرباله وأصابيغ وشاحه ، فإذا رمي ببصره إلي قوائمه زقا مُعوِلاً بصوت يكاد يُبين عن استغاثته ، ويشهد بصادق توجّعه ; لأنّ قوائمه حُمش كقوائم الديكة الخِلاسيّة ، وقد نجمت من ظُنبوب ساقه صِيصيةٌ خفيّة ، وله فى موضع العُرف قُنزُعَةٌ
خضراء موشّاة . ومخرج عنقه كالإبريق ، ومغرزها إلي حيث بطنه
كصبغ الوسِمة اليمانيّة ، أو كحريرة مُلبسة مرآة ذات صِقال ، وكأنه متلفّع بمِعجر أسحم، إلاّ أنّه يُخيّل لكثرة مائه وشدّة بريقه أنّ الخضرة الناضرة ممتزجة به . ومع فتق سمعه خطّ كمُستدقّ القلم فى لون الاُقحوان أبيض يققٌ ، فهو ببياضه فى سواد ما هنالك يأتلق .
وقلّ صبغ إلاّ وقد أخذ منه بقسط ، وعلاه بكثرة صقاله وبريقه وبصيص ديباجه ورونقه ، فهو كالأزاهير المبثوثة لم تُربِّها أمطار ربيع ولا شُموس قيظ . وقد ينحسر من ريشه ، ويَعري من لباسه ، فيسقط تتري ، وينبت تباعاً ، فينحتّ من قصبه انحتات أوراق الأغصان ، ثمّ يتلاحق نامياً حتي يعود كهيئته قبل سقوطه ، لا يخالف سالف ألوانه ، ولا يقع لون فى غير مكانه ! وإذا تصفّحت شعرة من شعرات قصبه أرتك حمرة ورديّة ، وتارةً خُضرة زَبرجديّة ، وأحياناً صفرة عسجديّة. فكيف تصل إلي صفة هذا عمائق الفِطن ، أو تبلغه قرائح العقول ، أو تستنظم وصفه أقوالُ الواصفين ؟ ! وأقلّ أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه ، والألسنة أن تصفه ! فسبحان الذى بهر العقول عن وصف خلق جلاّه للعيون فأدركته محدوداً مُكوّناً ، ومؤلّفاً مُلوّناً ، وأعجز الألسن عن تلخيص صفته ، وقعد بها عن تأدية نعته !
من خطبة الامام علي عليه السلام وهو يصف الطاووس..
احسنت اخي على هذه الاضافه االقيمه
يعجز القلم عن الشكر
جزاك الله خيرا وجعلها في ميزان حسناتك