شعراء وكتاب عراقيون وظفوا سحر الأهوار في قصائد وأعمال فنية وأدبية تتغنى بجمال هذه المنطقة الخصبة، التي تمثل أكبر نظام بيئي من نوعه في العالم.
إرم نيوز ـ خاص
يختزل وصف “جنات عدن” الذي أطلقته التوراة على أهوار العراق، السحر الذي تتمتع به هذه المسطحات المائية الفريدة التي أدرجتها منظمة اليونسكو، الأحد، ضمن قائمة التراث العالمي.
والأهوار هي المساحات المائية الكبيرة التي تتشكل، في جنوب العراق، من مياه نهري دجلة والفرات، قبل أن تصب في الخليج العربي
ويعيش سكان الأهوار في جزر صغيرة طبيعية أو مصنعة، ويستخدمون نوعًا من الزوارق يسمى بالمشحوف في تنقلهم وترحالهم.
وتلعب الأهوار دورا كبيرا في الحياة الاقتصادية لسكان المنطقة، فهي مصدر أساس لتوفير الكثير من المواد الغذائية من الأسماك والطيور والسلع الزراعية التي تعتمد على وفرة وديمومة المياه مثل الرز وقصب السكر
ووظف شعراء وكتاب عراقيون سحر الأهوار في قصائد وأعمال فنية وأدبية تتغنى بجمال هذه المنطقة الخصبة، التي تمثل أكبر نظام بيئي من نوعه في العالم.
وتبلغ مساحة هذه المستنقعات المائية الشاسعة نحو 16 ألف كيلومتر مربع، أي أكبر من مساحة دولة لبنان، لكن هذا الرقم يرتفع في فصل الربيع، مع غزارة المياه.
وتمثل الأهوار، التي تمتد بين ثلاث محافظات جنوبية عراقية هي ميسان، ذي قار، والبصرة طرق عبور الطيور المهاجرة ما بين القارات، ونقطة استراحة وتوقف لآلاف الطيور المهاجرة بين سيبيريا وأفريقيا، وتوفر بيئة مناسبة لأنواع من الحيوانات المهددة بالانقراض.
وتؤمن هذه البيئة المكان المناسب لتجمعات مهمة من الحياة البرية المستوطنة والمهاجرة، ولكون هذه البيئة المائية محاذية للمحيط الصحراوي، فإن لذلك تأثيراً كبيراً على الحد من التصحر في المنطقة.
وتتميز الأهوار، أيضا، بالغطاء النباتي المتنوع، حيث نبات القصب في وسط الأهوار بعده يأتي نبات البردي والذي ينمو على حواف الانهار والأهوار الموسمية وهناك بعض النباتات التي تتحمل الملوحة العالية مثل “النسل” و”الخويصة” و”العرمط”، ولكل نوع من هذا التنوع النباتي فوائده واهميته البيئية، كما ان له استخداماته الخاصة من قبل السكان.
وإضافة إلى أهميتها البيئية، تعتبر مناطق الأهوار تراثاً إنسانياً لا نظير له، فقد كانت موطناً للسكان الأصليين منذ آلاف السنين.
وتشير الدراسات والبحوث التاريخية والأثرية إلى أن هذه المنطقة هي المكان الذي ظهرت فيه ملامح السومريين وحضاراتهم، وتوضح ذلك الآثار والنقوش السومرية المكتشفة.
وقدّر الباحث غافن يونغ عُمْرَ هذا المجتمع بخمسة آلاف سنة.
وكانت منطقة الأهوار حاضنة للكثير من المعارضين للأنظمة السياسية على امتداد تاريخ العراق، وذلك لوجود متاهات عديدة تخفي مئات الأفراد، ومنها انطلقت العديد من الثورات
وخلال الحرب مع إيران بين الاعوام 1980 و1988، أنشئت عدد من السدود وجففت المنطقة في التسعينيات بدعوى إخراج المتمردين الذين كانوا يختبئون وسط النباتات التي تنمو بالقرب من مياهها.
وبعد سقوط نظام صدام حسين في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة العام 2003 دمر سكان الكثير من السدود للسماح باندفاع المياه مرة أخرى، وساهمت منظمات بيئية في بث الحياة مرة أخرى في الأهوار.
وأثنى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الأحد على قرار اليونسكو وقال إنه يأتي “متزامنا مع الانتصارات العسكرية المتتالية في الحرب” على داعش.
ويرى خبراء أن انضمام الأهوار إلى لائحة التراث العالمي يوفر العديد من المزايا الحيوية على المستوى الاقتصادي والتنموي والبيئي منها، أن منطقة الأهوار سوف تحافظ على منسوبها المائي من خلال اتفاقيات دولية برعاية الامم المتحدة التي سوف تراقب مستوى المياه والحالة الطبيعية في الأهوار، وهذا يعني أنه من الآن ليس بمقدور تركيا أن تخفض من مستويات ضخ المياه للعراق أو بناء السدود لتقليل نسبة المياه الداخلة للعراق.
وستخصص أموال من قبل اليونسكو للحفاظ على الأهوار التي تعاني من الاهمال والفقر مما يعني إقامة مشاريع تنموية للسكان الموجودين، وإمكانية عودة السكان المهاجرين منها بسبب الفقر والجفاف.
ويمكن أن يحول هذا القرار الأهوار إلى موقع سياحي هام في منطقة الشرق الأوسط