نسبه الشّريف عليه السلام
الإمام عليّ بن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب بن عبد المُطلب بن هشام بن عبد مُناف بن قُصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن مُرة بن لُؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة بن خزيمة مدرك بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان عليهم السّلام.
ولادته عليه السلام
أشرقت الأرض بنور ربّنا تبارك وتعالى بولادة الإمام زين العابدين عليه السّلام الذي فجّر ينابيع العلم والحكمة في الأرض، وقدّم للنّاس بسيرته أروع الأمثلة والدّروس في نكران الذّات، والتّجرد عن الدّنيا، والانقطاع إلى الله. وقد استقبلت الأسرة النّبويّة بمزيد من الأفراح والمسرّات هذا الوليد المُبارك الذي بشّر به النّبيّ صلّى الله عليه وآله، وقد شملت الابتهاجات جميع من يتصل بأهل البيت من الصّحابة وأبنائهم، وقد ولد - فيما يقول بعض المؤرخين - ضعيفاً نحيفاً، يقول السّيد عبد العزيز سيد الأهل: لقد ولد ضعيفاً نحيفاً تلوح في نظراته ومضات خافتة، وكأنّها ومضات همّ مُنطفئ، فهذه الومضات المكسورة أن دلّت فإنّما تدلّ على حزن قادم يوشك أن يقع... لقد رافقته الخطوب وصاحبته الآلام منذ ولادته، فقد اختطفت يد المنون أمّه الزّكيّة، وهو في المهد، وتتابعت عليه المحن بعد ذلك يتبع بعضها بعضاً، فلم يبتل أي إنسان بمثل ما أبتلي به هذا الإمام العظيم.
وسارع جدّه الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام أو أبيه الإمام الحُسين عليه السّلام إلى إجراء مراسيم الولادة الشّرعيّة على الوليد المُبارك، فأذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليُسرى، وقد أقام بذلك في قلبه معبداً ينبض بأحاسيس التّقوى والصّلاح، فكانت نغماً حيّاً يسيّره نحو البر والعمل الصّالح.
إن أوّل ما استقبل به الإمام زين العابدين في هذه الحياة، هو صوت الله أكبر. وقد طبع في قلبه ومشاعره، وصار في ذاتياته ومقوماته. وفي اليوم السّابع مع ولادته عقّ عنه أبوه بكبش، وحلق رأسه، وتصدّق بزنته فضة أو ذهباً على المساكين عملاً بالسنّة الإسلاميّة المُقدّسة.
مكان ولادته عليه السّلام
اختلف المؤرخون في المكان الذي حظي بولادة الإمام زين العابدين عليه السّلام، على أقوال، منها.
القول الأوّل: ولد عليه السّلام في الكوفة.
القول الثّاني: كانت ولادته عليه السّلام في يثرب.
والقريب من الرّوايات الصّحيحة، أنّ ولادته كانت في الكوفة، وإنّه ولد قبل وفاة جدّه أمير المؤمنين عليه السّلام بسنتين، ومن المقطوع به أنّ الإمام الحُسين وأفراد عائلته كانوا مع الإمام أمير المؤمنين في الكوفة، ولم يقم أي أحد منهم في يثرب طيلة خلافته.
زمان ولادته عليه السّلام
وأيضاً تضاربت أقوال المؤرخين في الزّمان الذي كانت فيه ولادة الإمام عليه السّلام، حيث قالوا:
القول الأوّل: ولد عليه السّلام في اليوم الخامس من شعبان سنة 38 هـ وذلك في يوم الخميس.
القول الثّاني: ولد عليه السّلام في يوم الجمعة لتسع خلون من شعبان سنة 38هـ.
القول الثّالث: ولد عليه السّلام في النّصف من جمادى الأولى سنة 38 هـ.
القول الرّابع: ولد عليه السّلام يوم الجمعة 26 جمادى الآخرة سنة 38 هـ.
القول الخامس: ولد عليه السّلام في شهور سنة 33 هـ وهذا القول شاذ ومخالف لما أجمع عليه الرّواة والمؤرّخون من أنّ ولادته كانت سنة 38 هـ.
والمشهور عند الإماميّة أعلى الله مقامهم هو القول الأوّل، فإنّهم يقيمون مهرجاناتهم العامة إحياءً لذكرى ولادته في اليوم الخامس من شعبان.
أسماؤه عليه السلام
الشّيء المُحقّق الذي أجمع عليه المؤرخون والرّواة هو أنّ الرّسول الأعظم صلّى الله عليه وآله قد سمّى حفيده بعليّ بن الحُسين، ولقبه بزين العابدين، وذلك قبل أن يخلق بعشرات السّنين، وكان ذلك من العلامات الباهرة لنبوّته صلّى الله عليه وآله... وقد تظافرت الأخبار بنقل ذلك عنه، وهذه بعضها...
1- روى الصّحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: كنت جالساً عند رسول الله صلّى الله عليه وآله والحُسين في حجره، وهو يداعبه، فقال صلّى الله عليه وآله: يا جابر، يولد له مولود اسمه عليّ، إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم سيّد العابدين، فيقوم ولده، ثمّ يولد له ولد اسمه مُحمّد، فإن أدركته يا جابر فأقرئه منّي السّلام...
وأذاع جابر هذا الحديث كما أنّه أدرك الإمام مُحمّد الباقر عليه السّلام وبلغه هذه التّحيّة من جدّه الرّسول صلّى الله عليه وآله، فتلقاها الإمام بمزيد من الغبطة والسّرور.
2- روى الحافظ ابن عساكر، بسنده عن سفيان بن عيينة، عن ابن الزّبير، قال: كُنّا عند جابر فدخل عليه عليّ بن الحُسين، فقال له جابر: كنت عند رسول الله صلّى الله عليه وآله فدخل عليه الحُسين فضمّه إليه، وقبّله، وأقعده إلى جنبه، ثمّ قال صلّى الله عليه وآله: يولد لابني هذا ابن يُقال له: عليّ بن الحُسين، إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش ليقم سيّد العابدين، فيقوم هو.
3- روى سعيد بن المُسيب، عن ابن عباس: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين زين العابدين؟ فكأنّي أنظر إلى ولدي عليّ بن الحُسين يخطر بين الصّفوف... هذه بعض النّصوص التي أثرت عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله في تسميته لحفيده بعليّ ومنحه بلقب زين العابدين، كما فيها الإشادة بأهميّته ومكانته عند الله تعالى.