Sun, Aug 5, 2012
الخلاف التاريخي بين السنة والشيعة لن يُحسم وعلى الجميع ادراك ضرورة التعايش

التعرض لسبطي الرسول يثير جدلا دينيا وسياسيا في الكويت


يتسائل عبد الرحمن الراشد عن السبب الذي يجعل من الطوفان الطائفي قضية تشغل الجميع اليوم، في وقت تُثار فيه النعرات من قبل بعض المتطرفين بين السنة والشيعة في اكثر من بلد. ويأتي تسائل الراشد في وقت يدور جدل واسع في الكويت حول تعرض مقامي سبطي رسول الله الحسن والحسين من قبل متطرفين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث دخل الديوان الأميري الكويتي على خط الحادثة معربا عن بالغ استنكاره وإدانته الشديدة لما نُشر مؤكدا "ان هذا الفعل شنيع ومنكر أثار مشاعر المسلمين قاطبة لما فيه من اساءة بالغة وتعد على مقام آل بيت رسول الله ".

وكان الكاتب السعودي محمد عبد اللطيف آل الشيخ هاجم قبل ذلك في مقال له في صحيفة الجزيرة السعودية، "إثارة النعرات من قبل بعض المتطرفين بين السنة والشيعة في السعودية".
وتسائل عبد الرحمن الراشد في صحيفة الشرق الاوسط عن السبب الذي يجعلنا نصاب بالحساسية عندما يتجادل المختلفون.
ويشير الراشد الى اهمية ما حدث في الكويت منبها الى انه " حتى أمير الكويت يتدخل بسبب تغريدة، من شخص نكرة تعرض فيها لسبطي الرسول (صلى الله عليه وسلم) الحسن والحسين (رضي الله عنهما)، حتى تعمل حكومة الكويت على استصدار قانون يجرم الكراهية، والذي يهدف لوقف التقاذف بين السنة والشيعة، وكذلك وقف النعرات القبلية".
وفي العراق تثير حوادث التعرض لآل البيت وصحابة الرسول، وامهات المؤمنين، من قبل متطرفين سنة وشيعة، نعرات طائفية تعّرض السلم الاهلي لخطر الاقتتال الطائفي بين الفينة والأخرى.
والخلافات الدينية والطائفية، وحتى داخل تفرعات المذهب الواحد، كانت موجودة على مر التاريخ، وستستمر إلى قرون طويلة، فهي جزء من طبيعة ثقافة المعتقدات، بل ومن أسس الإيمان في كل الأديان، و تسببت في حروب طويلة بين المسلمين، وفي الأديان الأخرى أيضا، كما كانت سببا يقصد به إشعال حروب سياسية وحربية.
وبحسب الراشد فان السبب "ليس وجود خطاب الكراهية، بل لأن الخطاب تضخم وصار خطرا.. صار شعبيا وعاما ومنتشرا.. ومن لا يستعجل ويضع الغطاء على القدر الطائفي فإنه منفجر لا محالة".
وكان الديوان الاميري الكويتي اصدر بيانا أكد فيه " شدة صلابة وقوة وتماسك الشعب الكويتي".

وتضمن البيان "اطلع الديوان الاميري بكل تأثر على ما نشر في احد مواقع التواصل الاجتماعي والذي تم التعرض فيه بكل وقاحة وخبث لمقامي سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين رضوان الله تعالى عليهما والذي اثار مشاعر المسلمين قاطبة لما فيه من اساءة بالغة وتعد على مقام ال بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والديوان الاميري اذ يعرب عن بالغ استنكاره وادانته الشديدين لهذا الفعل الشنيع والمنكر ليؤكد انه قد اصدرت التوجيهات الفورية لاتخاذ جميع الاجراءات والتدابير اللازمة لمحاسبة من يسيء الى ثوابتنا الاسلامية الراسخة".
وبحسب صحيفة الوطن الكويتية، فقد أثار التعرض لسبطي الرسول ردود أفعال كبيرة من قبل نواب وناشطين، وألقوا باللوم على وزارة الداخلية التي قال عنها النائب يوسف الزلزلة انها "مغيبة عما يدور في البلد من ضرب لمشاعر المسلمين، مستغربا عدم تحركها"، مشيرا الى ان ذلك يعني ان "البلد في خطر وأن هذه الحكومة لا تستحق ان تستمر بجميع أعضائها".
و طالب النائب عدنان المطوع وزارة الداخلية والنيابة العامة بالتحرك ضد من أعمى الله بصره وبصيرته عندما تجرأ على سبطي الرسول حتى ينال أشد الجزاء لتعرضه للمقدسات والثوابت الاسلامية.
كما دعا النائب عدنان عبدالصمد الحكومة الى تفعيل أجهزة الرقابة وألا تتوانى عن تطبيق القانون على كل من يسيء للمقدسات الاسلامية.
من جانبه، قال النائب محمد هايف المطيري إن شتم الصحابة وبغضهم نفاق وحبهم دين وايمان فما بالك بالحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة فلا يشتمهما الا جاهل أو منافق.
واعتبرت صحيفة الجريدة الكويتية، التعرض للرموز المقدسة " ممارسة خبيثة لن تنال من قوة وتماسك الشعب الكويتي".
كما اشارت صحيفة النهار الكويتية الى سلسلة مواقف طائفية متشابهة تتكرر بين وقت وآخر، فمن " قضية محمد المليفي إلى تعدي محمد الجويهل على قبيلة مطير وصولاً إلى تجرؤ وافد خليجي على سبطي النبي،الحسن والحسين، تدخل البلاد في أزمة مجتمعية وتخرج من أخرى".

ويرى الراشد انه من الصعب إطفاء التعصب أو وقف المتعصبين، مشيرا الى ان " الخلاف التاريخي والديني بين السنة والشيعة عمره عمر الإسلام تقريبا، أربعة عشر قرنا، ولم يمكن حسمه، ولن يمكن حسمه، وبالتالي ليس على المؤمنين من الطرفين إلا إدراك هذه الحقيقة البسيطة، وإدراك ضرورة التعايش".
ويدعو الراشد الى إقرار تشريعات تعاقب عليها وسائل التواصل الإعلامية والاجتماعية التقنية، تعمل على "جعل الاختلاف الطائفي الكلامي يرقى اليوم إلى خطر رفع السلاح".
ويزيد القول " ما نراه اليوم هو حقا نذر حرب مقبلة في مجتمعاتنا التي يفترض أن تنخرط في دولة عصرية تحفظ لكل شخص حقه في التدين، وتحول بينه وبين المس بمعتقدات الآخرين. فالجدل الطائفي والقبلي أسهل وسيلة لإشعال الحروب، ومن دون وضع قواعد للعلاقة بين فئات المجتمع فلا يتعدى فريق على آخر، تكون الدولة طرفا ويكون البلد في خطر. والذين يشعلون الحروب بعضهم يفعلون ذلك بحثا عن الشعبية عند العامة الذين تأخذهم غيرتهم على معتقداتهم إلى ما لا حد له".