لا نجيز شرعاً نقل أي من تلك الدروس العقائدية إلا على مسؤولية وإسم موقع القائم


[قاعدة التجلّي والتجافي
القاعدة الأولى
للتذكير عندما شرحنا المقام الأول قلنا أن الله ذاته المقدسة بسيطة (لإنتفاء التركيب) ، ذاته مجرّدة (لإنتفاء المادة) إذن المجرّد يظهر من خلال أثر أو فعل لإنه هو بنفسه غير قابل للظهور. كذلك لكل موجود ذات ، فلا يظهر بذاته أبداً بل يظهر بفعله وأثره.

قاعدة فلسفية
الصدور يكون على نوعين:
1. على نحو التجافي
2. على نحو التجلّي

1- تعريف الصدور على نحو التجافي
أي أن الشيء يظهر أو ينتقل من مكان الى مكان آخر ولكن عند ظهوره في المكان الجديد يفقد المكان الأول وهذه القاعدة تنطبق على كل الأشياء المادية فإذا ظهرت في المكان الجديد تفقد المكان الأول فأن الأشياء المادية لا يمكن أن تظهر في مكانين بوقت واحد.
الآيات القرآنية الدالة على قاعدة التجافي :
• { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون } إشارة الى البعد عن الفراش حتى لا تسوّل لهم أنفسهم النوم .
• (اللهم ارزقني التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل حلول الفوت).
• يوجد أسباب تمنعنا من الإحساس بالتجلّي منها الاستمرارية مثل : الجاذبية لإنها مستمرة لا نحس بها




2- تعريف الصدور على نحو التجلّي
مشتقة من كلمة "جلا" ، أي أن الشيء إذا صدر أو انتقل من مكان الى مكان لا يفقد المكان الأصلي وهذا يتحقق في الأشياء المجرّدة فقط مثل عزرائيل عليه السلام كيف يقبض روح شخص في الكويت وبنفس الوقت يقبض روح شخص واحد في لبنان من قبل كانوا يتساءلون هل يمكنه أن يتواجد في مكانين في آن واحد؟ نعم لإن عزرائيل مخلوق مجرّد
• جلا القومُ عن أَوطانهم يَجْلُون وأَجْلَوْا إِذا خرجوا من بلد إِلى بلد.
• كما نقول الجالية اللبنانية في الكويت أي مجموعة من الناس يعيشون في دولة الكويت إنما لا يزالون ينتمون الى بلدهم الأصلي لبنان فلا نطلق عليهم كلمة "مواطن كويتي".

هل يوجد عندنا وبين أيدينا أمثلة على التجلّي حتى نقرّب المعنى الى الأذهان :

بالطبع يوجد أمثلة كثيرة عن التجلّي :
مثال 1
هل يمكن أن نشاهد العقل في إي إنسان ؟ بالطبع لا فيأتي هنا السؤال كيف إذن نميّز بين العاقل والمجنون ؟
الجواب : من خلال الأفعال بما أن العقل حقيقة مجرّدة يظهر نفسه من خلال أثر أو فعل فأفعال العاقل متّزنة أما أفعال المجنون غير متّزنة.

مثال 2
كيف نميّز بين من لديه روح عمّن فارقته الروح ؟ هل سنبحث عن الروح لنراها في كل إنسان ؟ لا لإنها غير قابلة للرؤية
بل أن الذي لديه روح نراه حيّ وعليه أثر الحياة مثل التنفس – أي أن الروح تتجلّى بمظاهر الحياة في الإنسان مثل التنفّس.
وأن الإنسان الذي فارقته الروح سنراه أمامنا ميّت فاقد لمظاهر الحياة مثل الحركة والتنفس سنعرف أن الروح قد فارقت هذا البدن فغابت عنه تجلّيات الروح وهي الحياة.

إذن لكل موجود مجرّد تجلّياته الخاصة به وعلى مستويات مختلفة : مثلاً –
• تجلّيات العقل – أدناها التعقّل والإتزان وأقصاها الحكمة
• تجلّيات الروح – الحياة
• تجلّيات الفيروس في الجسم – الألم – أقلّه الألم البسيط – ثم حرارة على الجسم أقصاها مثلاً إعاقة للبدن يستدعي مثلاً إجراء عملية جراحية أو علاج.

هل يوجد آيات قرآنية تدلّ على قاعدة التجلّي؟
بالطبع يوجد :
مثال 1
((وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)) الأعراف:143]
قال ابن عباس : تجلّى للجبل أي أظهر إشراقة نور للجبل فصار ترابا.

مثال 2

(إنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا والذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)

ما معنى الولي ؟ هو الذي يدير حياة المتولّى عنه بجميع شئونه ((النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم)) (الأحزاب 6 ) أي أن الرسول له الحق بالتصرّف الكامل في حياتنا وجميع شئوننا ، وكذلك أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام .

في يوم الغدير قال رسول الله (ص): **ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا بلى. قال ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا بلى قال من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه وعاد من عاداه**

الله أعطى مقام الولاية للرسول وأمير المؤمنين التي هي بالأصل له ((إنما وليكم الله)) ولكن عندما أعطى هذه الولاية للرسول والأئمة هل انتفت ولاية الله ؟ لا

إذن نقول إن ولاية الرسول والأئمة هي مظهر ولاية الله، أي أن ولاية الله تتجلّى أي تظهر بولاية الرسول وأمير المؤمنين أي كلّما بموالاتك لعليّ صلوات الله عليه أنت توالي الله سبحانه وتعالى .

مثال 3

((أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم))
الطاعة هي أولاً وأصلاً لله ، إنما نقول إن طاعة الرسول والأئمة هي مظهر طاعة الله أو بعبارة أخرى أن طاعة الله تتجلّى في أن نطيع أوامر الرسول والإمام ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)) سورة الحشر آية 7.

مثال 4
((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)) – هذه الآية تجيب من يتساءل هل الله يحبّني ؟
يأتي الجواب بالقرآن صريحاً أنظر إن كنت تتبع الرسول سيحبك الله لإن محبة الله تتجلى في اتباع الرسول.

ملاحظة :
عندما نتكلّم عن الذات الإلهية "أنه لا يخرج منها شيء" نقصد دائماً الخروج المادي لإن الخروج المادي يوجب التعلّق والتعلّق يوجب الشرك . من هنا دحض إدعاء النصارى بأن جعلوا لله ولدا أعوذ بالله أنى يكون له ولد والقرآن يجيب على هذا الإدعاء ((لم يلد ولم يولد)) وهذا الكلام القرآني موجّه للتجلّي الغيبي للذات الغيبية، لإن الذات لا تقع عليها الأحرف والكلمات ، ولا نظر يقتضيها ، ولا فكر يحويها ، ولا تباشر الأفعال ، ولا غامض الظنون في الأسرار.
كذلك كلمة التجلّي هو مصطلح فيه تسامح إن لم نقل فيه خطأ إنما فقط لتقريب المعنى من الأذهان ولا نقصد أبداً فيه التجلي يعني الظهور جلّ ربّي وعلا عن ذلك علوّاَ كبيرا إنما هو فيض غيبي من الغيب المطلق الى الغيب المفاض.

http://www.alqaaem.com/portal/articl...show-id-92.htm