لا تقنطي أبداً من رحمةِ المَطَرِ..
فقد أُحبّكِ في الخمسينَ من عُمُري..
وقد أُحِبُّكِ، والأشجارُ يابسةٌ
والثلج يسقطُ في قلبي، وفي شَعري
وقد أُحبُّكِ، حين الصيفُ غادَرَنا
فالأرضُ من بعدهِ، تبكي على الَثَمَر
وقد أُحِبُّكِ، يا عصفورتي، وأنا
مُحَاصَرٌ بجبال الحزنِ والضَجَر..
قد تحملُ الريحُ أخباراً مُطَمْئِنةً
لناهديكِ، قُبَيْلَ الفجر، فانتظري..
لَنْ تخرجي من رهان الحبِّ خاسرةً
عندي تُراثي.. وعندي حِكْمَةُ الشَجَرِ..
فاستمتعي بالحضاراتِ التي بقيتْ
على شفاهي، فإنّي آخرُ الحَضَرِ..
***
قرأتُ شعري عليها .. وهي نائمةٌ
فما أحسَّتْ بتجريدي، ولا صُوَري
ولا تحمَّسَ قلبها لقافيةٍ
ولا استجاب لقَيْثَارٍ ولا وَتَرِ..
هَزَزْتُها من ذراعَيْها.. فما انْتَبَهَتْ
ناديتُ: يا قِطّتي البيضاءَ.. يا عُمُري
قُومي.. سأُهديكِ تيجاناً مُرَصَّعةً
وأشتري لكِ ما في البحر من دُرَرِ..
وأشتري لكِ بلداناً بكاملها...
وأشتري لكِ ضوءَ الشمس.. والقَمَرِ..
***
ناديتُ .. ناديتُ.. لكنْ لم يُجِبْ أحَدٌ
في مخدع الحُبِّ، غيرُ الريحِ والمَطَرِ..
أَزَحتُ أثوابَها عنها.. فما اكترثتْ
كأنَّها يئِستْ مِنّي.. ومن خَطَري..
***
وكان ليلي طويلاً.. مثلَ عادتِهِ
وكنتُ أبكي على قبريْن من حَجَرِ
نزار قباني