ي ع
شفق نيوز/ بينما تغرق بغداد في العنف الدموي والفوضى السياسية، تزداد شعبية “تفحيط السيارات” بين الشباب في بغداد أكثر من أي وقت مضى للتنفيس عن أوضاعهم. البعض يعتبرها رياضة وترفيه للهروب من الواقع، والبعض الآخر يرى فيها وسيلة احتجاج.
في ليلة كل جمعة، يُسمع هدير محركات السيارات في جميع أنحاء حرم جامعة بغداد.، حيث تصطف السيارات في منطقة معبدة من ساحة الحرم الجامعي الخضراء وتصدر أصواتاً عالية لجذب انتباه المتفرجين. ويجلس شبان على سياراتهم المتوقفة يدخنون الشيشة بانتظار لحطة انطلاق “التفحيط”.
يحضر المئات لمشاهدة فعالية “تفحيط” بغداد الأسبوعي، حيث يشحط المشاركون بسياراتهم فوق الإسفلت مسببين سحباً من الدخان الناجم عن احتكاك إطارات السيارات بالإسفلت. ويقول المنظمون، إن أعداد المشاركين والمتفرجين في ازدياد. هذا النوع من الفعاليات يسمح للعراقيين بنسيان الواقع الكئيب لمدينتهم التي تغلب عليها التفجيرات والاحتجاجات والوضع الاقتصادي الصعب.
وحين يتدفق الجمهور، يومئ ثائ فيداوي لأول سائق كي ينطلق، وهكذا يأتي دور السيارات الأخرى، بعضها بمفردها وأحيانا عدة سيارات في نفس الوقت. “هكذا يعبر الشباب عن أنفسهم ويستمتعون”، يقول فيداوي البالغ من العمر 23 عاما والذي ينظم الفعاليات في الحرم الجامعي منذ عام 2013.
“أكثر من تمزيق إطارات السيارات”
بدأ الناس يتجهون لمشاهدة “التفحيط” في بغداد عام 2010، وازداد هذا النوع من “الهوايات” شعبية منذ ذلك الحين؛ “لا يوجد وسائل كثيرة للاستمتاع في بغداد، لذلك نستمتع بالتفحيط”، يقول علي البالغ من العمر 30 عاما. “ننتظر طوال الأسبوع قدوم يوم الجمعة حتى ننسى أحداث الأسبوع من تفجيرات وقتل. لدينا فقط يوم الجمعة لأنفسنا”، يقول حارث الدليمي البالغ من العمر 25 عاماً وأحد نجوم “التفحيط”.
يشعر الدليمي أن “التفحيط” بدأ يحصل تدريجياً على الاعتراف الذي يستحقه بمساعدة الصور والفيديوهات المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي. “البعض يعتبره وكأن أطفالاً يمزقون إطارات، لكن ومع نشر الفيديوهات بدأ الناس يلاحظون أن التفحيط رياضة”، يقول حارث الدليمي.
“طريقة مختلفة للاحتجاج”
وينتهي العرض بتفحيط يقوم به سائقو سيارات رياضية أمريكية غالية الثمن ينبعث دخان من محركاتها. ثم يتجمهر المتفرجون لالتقاط الصور والفيديوهات للدخان الكثيف الأبيض وهدير المحركات، بعد ذلك يبدأ الجمهور والمشاركون بالانفضاض والعودة إلى المدينة، حيث التفجيرات شبه اليومية والتي تكلف الكثير من الأرواح، وحيث الفوضى السياسية والأوضاع الاقتصادية الصعبة.
سنتان من الحرب ضد “تنظيم الدولة الإسلامية” خلقتا أزمة عميقة في العراق وعاصمته بغداد وخاصة ما شهده حي الكرادة في بغداد، كرد على طرد “داعش” من مدينة الفلوجة. لذا، لا يعرف عشاق التفحيط إن كانوا سيعودون في الجمعة القادمة، إذ قد يسقطون ضحية إحدى التفجيرات الإرهابية. أو قد يكونوا أحد المشاركين في التظاهرات التي تشهدها المنطقة الخضراء مؤخرا في أيام الجمعة، وهي مظاهرات احتجاج ضد فساد الحكومة وعدم كفاءتها.
وإذا لم يكن هناك مظاهرة، فإن الشباب يتجمعون بسياراتهم في الحرم الجامعي للتفحيط: “لدينا طريقتنا الخاصة في الاحتجاج”، يقول الدليمي.