رجل صيني، إمرأة ذات ملامح هندية، طفل يمكن الترجيح أنه ماليزي.
طرق سريعة تخطفك منها الاشجار والمساحات الخضراء المحيطة بها. ناطحات سحاب تجاورها المعابد والمساجد والكنائس.
أسواق شعبية تتكئ على أكبر المراكز التجارية. هدوء الغابات والمحميات الطبيعية يرقص على أنغام موسيقى الحفلات وصخب الأجواء الليلية.
يمكن سماع الهدوء والسكينة في هذه المدينة التي تسابق الزمن. إنها سنغافورة
لمحة تاريخية
عرفها العرب قديماً أثناء رحلاتهم التجارية، فموقعها الاستراتيجي جعل من مينائها مقصداً للسفن المتوجهة الى الشرق الاقصى. أما تاريخها الحديث، فيعود الى الاستعمار البريطاني الذي جعلها قاعدة لأسطوله البحري الى أن ظهر «السير رافلز» وأخذ يخطط لإنماء الجزيرة وإنعاشها.
وتوالت الأحداث بعدها الى أن أتى اليوم الذي استقلّت فيه سنغافورة بعدما اندمجت مع ماليزيا حوالي السنتين، وأصبحت عام 1965 جمهورية مستقلّة. وما زال الازدهار في اطّراد مع المحافظة على البيئة وجمالياتها.
وتعد سنغافورة من أهم النماذج الناجحة عالمياً بالنسبة الى التطور الاقتصادي. اما اسمها، فمعناه «مدينة الاسد»، وتقول الاسطورة إن أحد أمراء تلك البلاد كان في رحلة بحرية وصل خلالها الى جزيرة لمح فيها أسداً، ولذلك سماها مدينة الأسد.
والمفارقة أن لا أسود مطلقاً في سنغافورة سوى «ذا ماريليون» رمزها الوطني، وهو عبارة عن تمثال نصفه الأعلى أسد والنصف الثاني سمكة. ويعتبره الشعب حامياً للبلاد ورمزاً للقوة والخير معاً.
"ذا ماريليون"رمز سنغافورة الوطني
مطار شانغي الدولي
اذا كانت الرسالة تُقرأ من عنوانها، فعنوان سنغافورة هو مطار شانغي، وكأنه يختصر البلاد بأكملها أو كأنّه مصغر عنها. النظافة، التنظيم، الترتيب، الديكور والشتول الخضراء وازهار الاوركيد، الأماكن الخاصة بالأولاد، خدمة التدليك، والتسوق طبعاً.
أكثر أساليب الراحة وأفضل الخدمات متوافرة على درجة رجال الاعمال على متن الطيران السنغافوري والترحيب الحار والابتسامات الساحرة هي من اختصاص المضيفات و الملفت هو
زيهن المزدان بالباتيك التقليدي (هو الرسم بطريقة فنية على القماش) صممه بيار بالمان قبل حوالي الاربعين سنة وما زال جميلاً ولافتاً لا بل مبهراً.
فندق ريتز كارلتون
لن أسرد الكثير عن حسن الضيافة والاستقبال والمهنية العالية لدى العاملين في هذا الفندق، ولا عن الفخامة والضخامة والصالات والاجنحة والمطاعم.
فندق ريتز كارلتون
و الملفت هو تصميمه. مدخله عبارة عن ممر تلجه معتقدا انك تدخل غابة أو حديقة غناء، فالاشجار والنباتات تحاصرك يميناً ويساراً على طول الممر الى أن تصل الى مدخل الفندق حيث تستقبلك منحوتة ضخمة تمثل شخصين منحنيين للفنان التشكيلي الصيني «زو واي»، كأنها تخبرك أن الفندق مهتم جدا بالفن المعاصر، وهو يعرض 4200 قطعة فنية في أرجائه.
أما الواجهة المقابلة، فحرص المهندس العالمي كيفن روش على ملاءمتها لمعتقدات أهل البلاد، فكانت المياه المتساقطة كشلال، والتي باعتقادهم تجلب الحظ والخير. انه تقليد مهم في سنغافورة اذ ترى المياه المتدفقة كشلال تقريباً في كل مكان.
هذا الفندق عمل فنيّ بحد ذاته ينمّ عن دراية واسعة وإبداع وذوق مرهف ورؤية ثاقبة. أدهشتني هندسته الخارجية والداخلية على حد سواء.
الحي العربي Kampong glam
حبذا لو كانت أحياء العرب كلها تتمتع بالنظافة والنظام والجمال التي رأيتها هناك.
مبان مؤلفة من طبقتين تصطفّ على جانبي الطريق متبرجة بأجمل الألوان، تزينها الشتول والازهار في المدخل ووسط الطريق. محلات تجارية تبيع السجاد والأقمشة والتذكارات. مطاعم ومقاه تقدّم الشيشة، نعم الشيشة في بلاد يغرّم فيها من يدخّن سيجارة أو يرمي عقبها على الطريق.
الحي العربي
أما ما يزيد هذا الشارع جمالاً فهو مسجد سلطان الذي بُني بإرادة المسلمين في سنغافورة، فقد عمدوا الى جمع المال عن طريق بيع قوارير الزجاج الفارغة وكان مردودها يعود لترميم المسجد وتوسيعه.
وهو ليس مجرد بناء ضخم وجميل انما جعلوه عبرة لإخوتهم وأبنائهم اذ أدخلوا الزجاجات الفارغة في تصميمه الهندسي تحت القبة مباشرة وطلوها باللون الاسود تخليداً للرحلة الشاقة التي قاموا بها ليكون هذا المسجد العظيم على ما هو عليه اليوم.
الحي الصيني China Town
تقلّصت الصين وانتقلت بألوانها وبهرجتها وعظمتها لتشكل شارعاً في سنغافورة. متاجر وحوانيت صغيرة تحتشد على طرفي الشارع تبيع التذكارات والاكسوارات والهدايا على أنواعها. بالإضافة الى المقاهي والمطاعم التي تفوح منها الروائح الزكيّة.
الحي الصيني
تلتفت حولك فيأسرك مبنى غريب. انه معبد «سري مريامان» الهندي الذي لم تشبع منه عيناي. انه حقاً متعة للنظر، خاصة تلك القبة العظيمة التي تعرض لمئات المجسمات التي يعتبرونها مقدّسة. إنه تحفة فنيّة.
معبد سري مريامان
وليس بعيداً عنه يشمخ معبد «بوذا توث ريليك» بعظمة وجمال استثنائيين، وداخله لا يقل عظمة عن الخارج وهو مكوّن من مئات الكيلوغرامات من الذهب ويحتوي على عدد كبير من المجسّمات والتماثيل. واسمه انعكاس لما يحتويه، ففي داخله ايضاً مزار لأحد أسنان بوذا. ويتوافد اليه البوذيون بكثافة للصلاة.
يعكس هذا الشارع روح البلاد وشخصيتها، فالتنوّع ملازم لها حتى في أصغر الاحياء.
العجلة الدوّارة Flyer
تمتع بمناظر بانورامية لسنغافورة من خلال الكبسولات المعلّقة على العجلة الأكبر في العالم والتي تدور في رحلة تستمر نصف ساعة تستمتع خلالها بسحر المدينة بكاملها وبـ 360 درجة من المشاهد التي تتغير مع الارتفاع والدوران.
ومن فوق يمكنك أن ترى ايضاً الجزر الاندونيسية والماليزية المجاورة. ولمضاعفة المتعة تستطيع زيارة الغاليري التفاعلي حيث باستطاعتك التعلّم والاستمتاع بمعلومات وصور وافية عن تصميم هذه العجلة وعن سنغافورة في الماضي وكيف أصبحت اليوم والعديد من النشاطات التفاعلية.
ولجرعة إضافية من المتعة، إختر حجز كبسولة للاحتفال بمناسبة خاصة مع الشريك أو العائلة أو حتى الاصدقاء فهي تتسع لـ 28 شخصاً. لا تنسَ أن تتناول أحد الاطباق المحلية، فالمطاعم الموجودة هناك ستكون بانتظارك.
هورت بارك وساوثرن ريدجز Hort park & Southern Ridges
محمية طبيعية حيث الخضرة لامتناهية. انه المكان الامثل للهاربين من صخب المدينة ووتيرتها السريعة، هنا يتوقف الزمان فتذوب اللحظات وتنصهر مع الجمال الطبيعي.
Hort park & Southern Ridges
فتسير دون حساب ودون أن تشعر بتعب أو ملل. تمتد هذه الجنة على مساحة 9 كيلومترات، غابات عذراء لا تطأها الأقدام، فقد بنيت الجسور على طول المسافة بعلو يسمح بالتمتع بالغابة التي أنت فيها وكذلك المناظر الخضراء المحيطة.
أما حديقة هورت بارك، فهي مثالية للعائلة وخاصة الاولاد حيث المساحات الواسعة للعب ولاستكشاف النباتات والازهار المنوّعة وحديقة الفراشات حيث مرح الألوان الصاخب لتلك المخلوقات الرقيقة والمرهفة.
ممنوع أو تغرّم:
•العلكة (اللبان): سوف تغرم اذا ضبطت وانت تحاول تسويقها لذلك ليس من عادات السنغافوريين مضغ العلكة، فهي غير موجودة في الاسواق.
•الأكل أو الشرب في المترو أو مجرد حيازة فاكهة ال«دوريان» لأن رائحتها قوية (جرّبها مع الباعة المتجولين، فبالرغم من رائحتها النفّاذة مذاقها لذيذ جداً).
•إطعام الحيوانات البريّة.
•حيازة المفرقعات.
•التدخين في الاماكن المغلقة والمبردة .
•رمي النفايات في الشارع.