معمر حبار
في ظرف 48 ساعة، تم تفجير في الكرادة بالعراق، والذي أودى بهلاك 500 قتيل حسب مراسل فضائية “بلادي” العراقية، وهناك رقم أعلى من ذلك نتعمد عدم ذكره، حسب امرأة عراقية نقلت شهادتها إحدى الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية.
وانفجار في القطيف بالسعودية، وانفجار بمستودع السيارات قرب المسجد النبوي أدى إلى قتل 4 من رجال الأمن السعوديين.
وبدورنا نترحم على الجميع دون استثناء وآخرون لا نعلم أسماءهم ولا أوطانهم، ونقول رحمة الله عليهم جميعا، وعظم الله أجرهم، ورزق أهلهم الصبر والثبات، وحفظ الله بلدان إخواننا في سورية، والعراق، والسعودية، واليمن، وليبيا، وأفغانستان، وباكستان، وتركيا، وبلاد أخرى لا نعلمها.
لكن لماذا تم التركيز على موتى مستودع السيارات بالسعودية المجاور للمسجد النبوي حيث 4 قتلى، وتم تجاهل قتلى 500 قتيل بالكرادة وقتلى آخرين في سورية واليمن وليبيا.
وقد قرأت لإعلامي يقول: “فلنتحرك جميعًا لمواجهة الفكر المتطرف بعد حادث مدينة رسول الله”، وعليه نقول..
فعلا نتحرك جميعا لمواجهة العنف، لكن في كل الأماكن، ونقف جميعا مع الأنفس البريئة الزكية في أيّ مكان سقطت فيه غدرا. ولا يمكن للعاقل بحال أن يقف مع قتلى مكان دون مكان، فإن ذلك من التطرف الذي يجب أن نقف ضده جميعا، مهما كان اسم المكان وصاحب المكان.
ومن الظلم للأنفس البريئة والاعتداء عليها، تفضيل التي قتلت في مكان على التي قتلت في مكان آخر. فزهق الروح جريمة في أيّ مكان كان، والمرء يحزن ويتألم لفقدانها، سواء التي قتلت في المدينة أو مكة، أو طنجة أو جاكارتا، أو بريطانيا أو الهند. ومن العنف المذموم الذي لا يقل عنفا عن زهق الروح، أن تجيّش الأقلام والألسنة لقتلى مكان بعينه دون مكان آخر.
والتمييز بين قتلى العرب والمسلمين تطرف بحد ذاته، لأنه رفع موتى على حساب موتى ، وجعل المكان خير من الإنسان، والتراب أفضل من الروح الزكية.
والروح مقدسة بغض النظر عن المكان الذي لقيت فيه ربنا. والتألم لقتلى مكان بعينه وتجاهل قتلى مكان آخر، هو عنف وتطرف بحد ذاته، يفوق هول الانفجار والخسائر، وفضاعة الأشلاء المتطايرة.
ورحم الله الذين قتلوا جميعا ودون استثناء ولا تمييز في المدينة، ومكة، والعراق، واليمن، وسورية، وليبيا، وأفغانستان، وباكستان، وتركيا .. وفي مواطن أخرى لا تعلمها.