كانت الفيلسوفة والمفكّرة الاندونيسية أرينا هاندونو، راهبة تهتم بالدراسات الدينية، وتنتسب إلى إحدى الكنائس الكاثوليكية، فاختارها قسيس من قساوستها لتدرس الإسلام اعتقادا منه أنها إن درسته فسوف تستطيع بفضل ذكائها وثقافتها الواسعة على انتقاده، وكشف ثغراته، فتؤثر على عوام المسلمين، وتشككهم في دينهم. وتبشر بالمقابل للمسيحية.
لكن حدث وانقلب السحر على الساحر، لأن أرينا توّجت مسعى دراستها للإسلام باعتناقه،وجاء هذا القرار بعد أن غاصت في أعماقه أصولا وفروعا، وفهمت نبل وسمو رسالته الحضارية، فتقزّمت أمامه كل المعتقدات والملل.
وكانت أرينا عندما تقرأ القرآن يتجلى لها تكامل الإسلام بشقيه عقيدة وشريعة، وتجد أن أصغر سوره وآيته تجيب عن الكثير من التساؤلات التي تشبع الفضول، وتتوافق مع الفطرة، فسورة الإخلاص تعكس التصور التوحيدي الخالص في الإسلام المتناقض كليا مع التثليث الذي تعلمته ودرسته واعتقدته كراهبة في الكنيسة.
وبعد محاورات كثيرة مع الرهبان القساوسة حول حقيقة الألوهية في النصرانية وتاريخية ترسيم العقيدة التثليثية، رست بها سفينة التفكيرعلى مرفإ الإسلام، وأصبحت من أكثر الشخصيات دفاعا عنه.
وبحكم انتسابها السابق لكنيسة كاثوليكية حيث يضرب التعصب بأطنابه، فهي تدرك جيدا أن أعداء الإسلام إذا ما أرادوا محاربته، وتحجيم انتشاره، فلن يجدوا سلاحا أفضل من أفعال بعض المنتسبين إليه.
لذلك تنبري لكل من يحمّل الإسلام وزر أفعال الإرهابيين وتقول: "لا علاقة للإسلام بالإرهاب؛ لأنه جاء رحمة للعالمين، ولا توجد آية واحدة في القرآن تدعو للكراهية أو العنف.. علينا أن نميز بين المسلم والمؤمن فهما أمران مختلفان، فالمسلم هو من دينه الإسلام، ولكن لا يطبق بعض شعائره الدينية، أما المؤمن فهو من يحرص دائما على تطبيق كل الأمور الدينية، ولكن علينا أن نفهم أمرا وهو وارد في القرآن في سورة البقرة الآية 120 وهو قوله تعالى: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ )
وكانت الفيلسوفة أرينا هاندونو قد أسست مركزا فكريا وهيئة للعمل الخيري لإنقاذ أطفال إندونيسيا المشردين من خطرين في نظرها؛ هما المافيا التي تستغل الأطفال للكسب غير المشروع، والحركات التنصيرية التي تستغل الفقر لتنصير الناس. وأشارت إلى أن نشاطها ليس عقائديا وحسب، بل هو إنساني كذلك حيث تعمل من خلال مؤسسة خيرية إنسانية على رعاية الطفولة الإندونيسية المشردة ومواجهة الحركات التنصيرية، مؤكدة أن هذه الحركات تلقى دعما من أمريكا وأوروبا والفاتيكان.