كلمة الشهيد في اللغة العربية تعني أن يشهد الإنسان على شيء، فالشهيد هو شاهد على اتباع الحق ونبذ الباطل.
الشهادة في الإسلام هي عندما يُقتل المسلم منطوياً تحت راية الحق في نصرة دينه كأن يُقتل أثناء الدفاع عن المسلمين أو أثناء مهمة مدنية تصب في هذا السياق أو أثناء أدائه واجب معين لوجه الله سبحانه وتعالى كأن يموت أثناء الحج بسبب مصاعبه أو الأم التي تموت أثناء التوليد بسبب مضاعفات الولادة وغير ذلك الكثير مما يطرأ على المسلم بسبب ممارسة دينه ويؤدي إلى وفاته.
الشهيد يقدم حياته وهي أغلى ما يملكه الإنسان في سبيل الله عز وجل. والله يكافئه بأعلى المراتب في جنانه الفسيحة إلى جانب الأنبياء وأوليائه الصالحين. وبذلك يكون آمناً من كل ما ينتظر الإنسان عادة في الآخرة من مصاعب وحساب. فهو لا خوف عليه لأن الله سبحانه وتعالى كتب له الجنة.
والقرآن الكريم ينص أيضاً على أن الشهيد حي عند ربه لا يموت كما تعبر عنه الآيات الكريمة (169 - 171) في سورة آل عمران (3):
وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ
تلك الآيات وغيرها تعبر أجمل تعبير عن منزلة الشهيد وعلو مقامه ويظهر منها أن الشهيد وصل إلى أعلى المقامات الإلهية وتحوطه العناية والرحمة الإلهية بأعلى مراتبهما.
ولذلك فإن الشهادة في سبيل الله مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية ووسام لا يهديه الله سبحانه وتعالى إلا خاصة أوليائه بعد أن اجتاز العديد من العقبات التي تحول بينه وبين ذلك المقام الرفيع. ولذلك فإن المجتمع الإسلامي يهنئ عائلة الشهيد باستشهاده بسبب وصوله لهذا الوسام الرفيع.
وقد قدم العديد من صحابة النبي محمد (ص) حياتهم دفاعاً عن الإسلام مستشهدين في سبيل الله لتكون دماءهم جسراً تعبر منه الأجيال للسعادة الدنيوية والأخروية من أمثال الحمزة ابن عبد المطلب الذي استشهد في معركة أُحُد وعمار ابن ياسر الذي استُشهد مع الإمام علي (ع) ضد معاوية ابن أبي سفيان. كما أنه يمكن القول بأن أهل البيت (ع) الذين أمر الله بمودتهم وطاعتهم استشهدوا جميعاً في سبيل الله ماعدا الإمام المهدي (ع) الذي مازال على قيد الحياة. وقد نبأ النبي محمد (ص) في حياته بشهادتهم عليهم السلام كما فعل مع ابنته فاطمة (ع) أو مع أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (ع) أو مع الحسين (ع) سيد الشهداء الذي استشهد في كربلاء في يوم عاشوراء.
ويسمى البعض الذين نجوا من القتل في سبيل الله بعد أن كادوا يقتلون بلقب الشهيد الحي كما هو الحال عند الإمام الخامنئي الذي نجا من عدة محاولات لاغتياله كادت تودي بحياته.
لقب الشهيد ورفعته لم تقتصر على المجتمع الإسلامي فحسب بل استعاره أيضاً غيره من المجتمعات كالهندوس الذين كانوا يطلقون كلمة "شهيد" على من قُتل أثناء مقاومة الاحتلال البريطاني للهند.
وقد مجدًّت الروايات عن النبي محمد (ص) والأئمة الإثنا عشرالأطهار (ع) وكتب الكثير من العلماء والمفكرين الشهيد وأظهروا مكانته الرفيعة.
عن النبي محمد (ص) أنه قال: "فوق كل ذي بر بر حتى يُقتل المرء في سبيل الله فليس فوقه بر"
كما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "الشهداء عند الله على منابر من ياقوت في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله وعلى كثيب من مسك فيقول لهم الله ألم أوف لكم وأصدقكم؟ فيقولون بلى وربنا" (كنز العمال)
وعن الإمام علي ابن الحسين زين العابدين (ع) روي أنه قال: ما من قطرة أحب إلى الله من قطرتين قطرة دم في سبيل الله, وقطرة دمعة في سواد الليل لا يريد بها العبد إلا الله عزَّ وجلّ" (ميزان الحكمة)
ويقول الإمام الخميني (قدس سره): "إحدى مميزات الإسلام اعتقاد المسلمين أن الشهادة درجة عظيمة وفوز كبير والمسلم الحقيقي يستقبل الشهادة بقلب منفتح لأنه يعتقد أن ما وراء هذا العالم وهذه الدنيا عالم أفضل وأنور من هذا العالم"
أما الإمام الخامنئي فقد مجد الشهادة والشهداء ودروهم في المجتمع في العديد من خطبه نذكر منها:
" إن حياتنا في التاريخ رهينة تمنّي الشهــادة، ونعتبر هذه السّجيّـة الإسلاميّة ، هي التي أثمرت مجاهدات وبطولات شعبنا. وأول درسٍ تعطينا هذه النّظريّة ، هو المحافظة على نظام الشهادة المنير."
كما أثنى على عوائل الشهداء ودورهم العظيم في المجتمع. ومثال ذلك ما قاله في إحدى خطبه أمام عوائل الشهداء في أذربيجان:
"إذا كانت العزّة لشهدائنا وكانت ذكراهم طيّبة ونستضيء بهم في تاريخنا مثل النّجوم، فاعلموا -يا أسر الشهداء- بأنكم مساهمون في هذا الإعتزاز والفخـــــر، وإذا كان السّهم الأوفر للشهداء، فالسّهم الذي يليه لكم يا أسر الشهداء."
كما أنشد المنشدون في كل اللغات أناشيد تعبر عن عظمة الشهادة. ومن أول تلك الأناشيد ما كان باللغة الألمانية من إصدار جمعية الصراط الإسلامي والذي تم إصداره مع غيره من الأناشيد بشكل كاسيت تسجيلي وكانت كلماتها وألحانها عمل شخصي من الجمعية.
للأسف في وقتنا الحاضر يستغل الكثيرون مفهوم الشهادة لإغراء الكثيرين للإقدام على أعمال إرهابية لا تمت للإسلام ولا للشهادة والشهداء بصلة فيوه