السعادة والبحث عنها قضية شغلت الفلاسفة منذ القدم، فما سر السعادة؟ هل هو في البحث عنها داخليًّا أم خارجيًّا؟ أم أنها تأتي حين لا نرهق أنفسنا في البحث عنها؟
نشر موقع «بيزنس إنسايدر» تقريرًا يعرض آراء أعظم 13 فيلسوفًا ومفكرًا عبر التاريخ عن السعادة والسبيل إليها، علَّ حكمتهم تساعدك في إيجاد العنصر الذي تفتقده الجموع الغفيرة التي تنتظر بعض عروض الأفلام على شبكة نتفليكس لتشعر بالسعادة.
1- بوذا (500 ق.م)
«لا يوجد طريق للسعادة، فالسعادة هي الطريق».
على غرار الشعار المنتشر أن الرحلة هي الهدف، فإن بوذا يؤكد ضرورة إيجاد الإشباع والاستمتاع في تجربة الحياة نفسها، عوضًا عن التركيز في جهة الوصول.
فبالنسبة لبوذا، نحن نصنع سعادتنا على الطريق، وليس بعد الوصول.
2- برتراند راسل (1800)
«من بين كل أنواع الحذر، الحذر في الحب هو الخطأ الأكبر الذي يمنع الوصول للسعادة الحقيقة».
برتراند راسل المحب للرياضيات والعلوم والمنطق، يخلع عباءته ويخوض في نقاش جدلي كالسعادة. يرى أن السعادة يمكن إيجادها في الاستسلام للشعور العميق بالحب، ويبدو أن العلم المعاصر يؤيد رأيه.
3-فريدريك نيتشه (القرن الـ19)
«السعادة هي الشعور بأن قوتك تزداد».
نيتشه العدمي ذو الشارب المميز، يرى أن السعادة تأتي من سلطة لدى الفرد على ما حوله.
الفيلسوف الألماني كتب كثيرًا عن أثر السلطة أو انعدامها في الخبرات الحياتية للفرد. فعندما يقاوم الناس، يستعيدون إدارتهم. فيتولد شعور بالذات يمكن أن يتحول إلى السعادة.
4- سقراط (450 ق.م)
David - The Death of Socrates.jpg
«سر السعادة ليس في السعي للحصول على المزيد، إنما بتنمية قدرتك على الاستمتاع بالقليل».
سقراط هو أحد أعظم الفلاسفة القدماء، ويعتقد أن السعادة لا تأتي من المكافآت الخارجية، إنما تأتي من النجاح الداخلي الخاص بالفرد.
بتقليم احتياجاتنا يمكننا تعلم تقدير المبهجات البسيطة.
5- أفلاطون (القرن الرابع قبل الميلاد)
«من يجعل كل ما يقوده للسعادة يعتمد عليه فقط، ولا يعتمد على الآخرين، فقد تبنى أفضل منهجًا للعيش سعيدًا».
بالطبع هناك تشابه بين تعريف أفلاطون للسعادة، وبين تعريف معلمه سقراط.
أما نسخة أفلاطون فتنبع من نضج شخصي؛ إذ يستقي الإنسان شعوره بالرضا والإشباع من الإنجاز نفسه، وليس بما تكسبه من تلك الإنجازات. وقد يكون الإنجاز في الأمور البسيطة كقراءة عدد كتب أكثر من العام الماضي، أو زيادة مسافة الجري التي تقطعها ميلًا.
6 – أرسطو (300 ق.م)
«سعادتنا تعتمد على أنفسنا».
وبالطبع قد يتشابه مفهوم أرسطو مع مفهوم أستاذه أفلاطون، إلا أن الفكرة تبلورت حول كون السعادة شيئًا نغذيه نحن في أنفسنا.
فالسعادة ليست هبة من الآخرين، أو بعبارة أخرى هي شيء نخلقه نحن لأنفسنا، من داخلنا، ونكون مسؤولين عن حمايته.
7 – جون ستيوارت ميل (1806)
«السعادة تكمن في الحد من رغباتي، وليس في محاولة إشباعها كلها».
جون ستيوارت ميل أحد جبابرة الليبرالية، وربما أهم شخصية في التاريخ، فهو الذي نشر ترنيمة الحرية حيثما ذهب.
تبنى ميل حكمة اليونان القدامى عن السعادة، وآمن بالمنطق النفعي للوصول للشعور بالسعادة. آمن باستخدام الأشياء لغاية، وما لم تكن له فائدة أو استخدام حقيقي قرر استئصاله من حياته.
8- كونفوشيوس (500 ق.م)
«كلما تأمل الإنسان في الأفكار السعيدة، صار عالمه أفضل».
تردد مفهوم كونفوشيوس عن السعادة على مر العصور، على سبيل المثال تجده في كتاب «قوة التفكير الإيجابي»، وفي الدراسات الحديثة في مجال العلاج النفسي السلوكي الذي يساعد الناس في إدراك الارتباط بين أفكارهم ومشاعرهم وسلوكياتهم.
يعتقد كونفوشيوس أن السعادة «نبوءة محققة لذاتها»، تتجلى في حياتنا كلما أوجدنا الظروف المناسبة لتحقيقها.
9 – سينيكا (4 ق.م)
«أعظم النعم للبشرية في أنفسنا وفي متناولنا. الرجل الحكيم يسعد بما لديه أيًّا كان ولا يتمنى ما لا يملكه».
سينيكا المحبوب من عباقرة الفلسفة المعاصرة. فقد آمن بما يطلق عليه علم النفس اليوم «موقع مركز الضبط».
يكون مركز«التوجيه» لدى بعض الناس خارجيًّا، فيشعرون أن القوى الخارجية هي ما ترشدهم، أما البعض الآخر يكون مركز توجيههم داخليًّا.
10 – لو تسو(600 ق.م)
«إذا كنت محبطًا، فأنت تعيش في الماضي، إذا كنت متوترًا، فأنت تعيش في المستقبل، أما إذا كنت تشعر بسلام فأنت تعيش في الحاضر».
حقيقةً لا يعرف أحد من هو «لو تسو» وترجمتها من الصينية «رجل عجوز»، إلا أن حكمته أن السعادة في عيش اللحظة تجاوزت حدود الزمان.
يعترف علماء النفس بفائدة حكمة «لو تسو»، تقترح بعض الأبحاث أن الناس يصلون لأقصى سعادة عندما يندمجون في عيش حاضرهم، سواء كانت محادثة ممتعة أو مهمة إبداعية أو علاقة جنسية.
11- مينسوس (350 ق.م)
«هناك آلاف الأشياء الكاملة داخلنا، ولا توجد بهجة أعظم من أن تنعكس علينا، وتصبح أصيلة صادقة فينا».
مينسوس (الفيلسوف الصيني) هو أشهر مفكر كونفوشي بعد كونفوشيوس، ويعتقد أن البشر بطبيعتهم خيّرين، ويزيد إحساسهم بالرضا والإشباع بالتعلم وتأديب النفس، ومع ذلك هم لديهم القدرة على إفساد إمكاناتهم الكامنة.
ففي نهاية المطاف، السعادة تتوقف على قرار المرء برعاية البهجة داخله.
12- سورين كيركغارد (القرن الـ19)
«الحياة ليست مشكلة تحتاج لحل، إنما واقع نعيشه».
كيركغارد، الفيلسوف الهولندي الذي ألهم البشرية في القرن التاسع عشر، آمن أن
السعادة تأتي من الانغماس في عيش الحاضر والاستمتاع بالرحلة. وبمجرد توقفنا عن تحويل الظروف حولنا إلى مشاكل تحتاج الحل، وإدراك أنها خبرات نحتاج عيشها، يمكننا حينها استقاء الرضا منها.
13 –هنري ديفيد ثورو (1817)
«السعادة كالفراشة، كلما طاردتها فرت منك، لكن إذا انشغلت عنها بأشياء أخرى ستأتيك هي».
ربما من المدهش أن تجد المؤلف والفيلسوف المؤمن «بالفلسفة المتعالية»، والذي يدعو للعصيان المدني، يتبنى موقفًا سالبًا من السعادة.
فقد فصل فكرته في «والدن» ووضح أثر مخالفة الفكرة المعتادة في السعي وراء السعادة. يؤمن أن في تجنب العادة وربما يصاحبها التزام العشوائية يمكنه إيجاد شيء أكبر أو معنى كوني للسعادة.