انتشرت في الآونة الأخيرة مبادرات تحرص على حماية البيئة من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في المدن، وتبلور مشاريع لمدن مستقبلية خاليه من هذه الانبعاثات. غير أن الأزمة المالية العالمية وأزمة العقارات أثرتا على نجاح هذه المشاريع.وتتميز مدن المستقبل -الخالية من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون- بقصر طرقها بشكل يجعل ساكنيها يصلون إلى أماكن مختلفة مشيا على الأقدام أو بواسطة دراجات هوائية. وتسعى هذه المدن إلى الاقتصاد في الطاقة.
غير أن هذا لا يعني بالضرورة أن هذه المدن ستكون صغيرة المساحة، فكل حي من أحيائها صمم بشكل يكون فيه مرتبطا بشبكة نقل عمومية، ويمكن للمواطنين ترك سياراتهم جانبا أو التخلي عنها بشكل نهائي واستخدام وسائل النقل العمومية.
وتظهر دراسة أشرف عليها كل من بيتر شون وأندري مولير من المعهد الاتحادي الألماني للبناء والشؤون الحضرية، نماذج لوحدات سكنية بمساحات مختلفة حاولت كسب الرهان وتقديم نفسها كمشاريع رائدة لمدن المستقبل الخالية من غاز ثاني أوكسيد الكربون.
"
بوسط شوارع المدينة الصديقة للبيئة يتولى "برج الرياح"
جمع الهواء النقي للأعلى ثم يقوم بإرسال نسمات باردة إلى الشوارع
"
تجربة إماراتية
في الإمارات العربية المتحدة، نفذت مدينة نموذجية صديقة للبيئة في بيئة صحراوية قبل ست سنوات وأطلق عليها اسم Masdar City.
ولتفادي عرقلة سير الراجلين تم جمع كل الشوارع التي تمر منها السيارات بهذه المدينة في أماكن محددة، وقام المهندسون المعماريون بتجريب مختلف الخلايا الشمسية في ظروف صحراوية صعبة.
وبوسط شوارع هذه المدينة يتولى "برج الرياح" جمع الهواء النقي للأعلى، ثم يقوم بإرسال نسمات باردة إلى الشوارع.
وتُضفي النباتات المحلية حلة خضراء على المدينة، لكن لسوء الحظ فقد حالت الأزمة المالية دون استكمال هذا المشروع. وما يمكن رؤيته فيها الآن يقتصر على بعض البنايات المحيطة بمعهد الأبحاث الذي يتولى الإشراف على المشروع. مدينة صينية
في المقابل يوجد مشروع ثان لمدن المستقبل تحت اسم Lingang New City، الذي أنشئ بمدينة شنغهاي الصينية.
والمدينة تتفرع شوارعها بشكل يشبه النجمة انطلاقا من بحيرة اصطناعية دائرية الشكل. كما تتوفر بهذه المدينة النموذجية محلات للتسوق وأماكن الخدمات قرب المباني السكنية. وتتوفر وسائل النقل العمومية بكثرة لساكني هذه المدينة، مما يساعدهم على التخلي عن استخدام السيارة.
وسعيا منهم للمحافظة على البيئة يعمل مشرفو المدينة على استخراج الطاقة من الرياح والشمس ومياه المحيطات.
وحسب مولير المشرف على هذه الدراسة، فإن المشروع تم دعمه من الحكومة الصينية ليكون نموذجا لمدن جديدة صديقة للبيئة تواكب النمو الديمغرافي الكبير الذي يشهده العالم، خاصة أن المدن الأسيوية ستعرف في السنوات المقبلة نموا سكانيا قد يصل إلى نصف مليار شخص، بحسب تقديرات. النموذج الأميركي
على صعيد آخر تعمل مدينة بيئية جديدة بضواحي توسان في ولاية أريزونا الأميركية تسمى Civano، على توفير نصف الاحتياجات من الطاقة. ورغم عدم توفير توربينات للرياح أومسالك خاصة بالدرجات، إلا أنه يعد من المشاريع التي تحافظ كثيرا على البيئة.
وبنيت البيوت من القش ونفايات مواد البناء بعد تدويرها. واتخذ المهندسون المعماريون من أكواخ الهنود نماذج لهم في تصميم البيوت، حيث مكنهم هذا التصميم التقليدي الذي يتناسب مع البيئة الصحراوية من اقتصاد نصف الطاقة المستخدمة في التبريد التي تحتاجها عادة مدن ولاية أريزونا.
وبالمقارنة مع باقي المدن الكبرى في الولايات المتحدة والتي تتميز باتساع أطرافها بشكل يجعل المرء مضطرا لاستخدام السيارة في أغلب الأوقات واستهلاك نسبة كبيرة من البنزين، فإن هذه المدينة البيئية بنيت بشكل يجعل كل المرافق الضرورية قريبة من بعضها بعضا، وبالتالي تساعد على الاقتصاد في الطاقة.
وفي أوروبا تتركز الجهود على تحديث المباني الموجودة، من خلال تجهيزيها بخلايا الطاقة الشمسية وزرع النباتات الخضراء على أسطحها.
لكن الأهم من ذلك هو وجود برامج تحفيزية لأصحاب المنازل ومشروع عمل لدى المسؤولين على التخطيط في المدن. المصدر:دويتشه فيلله