د عزيز الدفاعي
منذ فتره مبكره من حياتي استهواني كاتب مسرحي وقاص وشاعر ومنظّر ومخرج مسرحي ألماني هو برتولت بريخت (بريشت) Bertolt Brecht(1898-1956) بعد ان قرات بشغف مسرحيه «الأم الشجاعة وأولادها» Mutter Courage und ihre Kinder التي كتبها في عام 1939 والتي استمد أحداثها من روايه «حرب الثلاثين عاماً» للكاتب غريملزهاوزن Grimmelshausen.
و تحكي المسرحية قصة البائعة الجوالة التي تريد تحقيق ربحها الصغير من الحرب الكبيرة التي اشتعلت بين إمارات متصارعة تتحرك بينها لبيع بضائعها واستغلال ظروف الحرب فتخسر جميع أولادها وممتلكاتها، من دون أن تعتبر من الدروس القاسية التي تلقتها.
تفجير تركيا الانتحاري لهذا اليوم في أهم نقطه حساسه هي قلب مطار اتاتورك في اسطنبول و في ذروه موسم السياحه فيها بغض النظر عن الجهة الارهابية المنفذه ودوافعه انما هو حصاد سياسات فاشلة قادها اردوغان وحزب العدالة والتنميه الذي فقد منظره رئيس الوزراء السابق احمد داوود اوغلو واضع نظريه (تصفير المشاكل) والتمدد على حساب المحيط العربي واستعاده الدور العثماني عبر سوريا والعراق من خلال الحركات الارهابية وتبني الخطاب الطائفي ، ومن قبله استقال الرئيس السابق عبد الله غول بحيث بات اردوغان اليوم مثل ثور يضرب راسه بصخره بدت له صغيره لكنها ادمته حين دعمه الغرب ليكون( الرئة) الأساسية لداعش في المنطقه من حيث تهريب النفط لصالحها وتدريب المقاتلين الأجانب وإرسالهم مع الاسلحه الغربية والاموال لجيرانه وهو يحلم بان يكون الخليفه الجديد بعد انتهاء ألخلافه على يد اتاتورك عام 1926 لااحد يستطيع ان ينكر دور اردوغان في سقوط الموصل واحداث سوريا الداميه لغايه الان .
سواء كانت الدوافع وراء هذه العمليه الدمويه التي ستهز الاقتصاد التركي وتضعف عملته وتسقط كثيرا من شعبيه اردوغان معاقبه تركيا التي ابتزت غرب أوربا قبل عام بموجات كبيره من النازحين من اجل اجبار المفوضيه الاوروبيه على فتح حدود تلك الدول امام رعايا بلاده دون تاشيره من خلال سياسه الابتزاز التي برع بها اردوغان والتي ردت عليها بروكسل برفعبنفض الغبار عن ملف اباده الارمن ،
او انها نتيجه الزعل الغربي مؤخرا لتقد يمه للاعتذار للرئيس بوتين عن حادث اسقاط الطائره الروسيه العام الماضي دون التشاور مع اسياده في واشنطن والناتو وهو ما سيقلب كثيرا من معطيات الصراع في سوريا والشرق الاوسط وحتى التقارب مستقبلا مع طهران و الذي اغضب الاطراف اللاعبه في المنطقه مع تجديد اردوغان للتحالف الاستراتيجي مع اسرائيل التي لم تعتذر لانقره عن حادث السفينه مرمره
اوانها عمليه ارهابيه ربما لن تكون الاخيره لتطبيق لنظريه ان الذي يطبخ السم لابد ان يتذوقه لكون اردوغان توهم ان بلاده ستكون بمناى عن مخطط تقسيم الشرق الاوسط الجديد عاجلا ام اجلا
فان أي مراقب للاوضاع التركيه سيكتشف ان اردوغان بات يتحرك بلا بوصله او مشروع واضح للسياسه الخارجيه بفعل تورطه في اكثر من ملف وتوتر علاقاته مع دول الجوار وسعيه للتملص من بعضها الى درجه اختلطت لديه الحسابات غير مدرك ان من الصعب احيانا الخروج من المستنقع وبحيرات الدم برداء ابيض ...
لم يعد رفع المصاحف من قبل الاتراك مقنعا لاي احد سوى المقامرين الاقليميين الذين سيخسرون مع الخليفه الذي لايعرف كيف سيلعق جراحه بعد ان تعامل مع الارهاب وكان اهم اداه اقليميه في استراتيجيه التوحش وتقسيم دول المنطقه التي نزفت دما وخسرت ملايين البشر الابرياء بين قتلى ومهجرين ومدن تحولت الى خراب وكان لانقره دور كبير في هذه المحرقه الطائفيه التوراتيه.