دعوني ارّوح عنكم بعد عناء الضجيج و(الضغبرة) واروي لكم واحدة من اقدم الحكايات التي سمعتها ممن علمني القراءة.. وقد سمعها الكثيرون..تقول الحكاية: منذ مائة عام – تقريبا- وفي مكان منعزل من (هور الجبايش) عاش الرجل المسمى (شيخ دبس) في (سلف) عامر برعاة الجاموس والصيادين.. وقد جمع شيخ دبس كل (السلطات) بين يديه، يساعده في ذلك (مذروب السلف). من ثم وضع قواعد لحياة السلف غدت أشبه بالقوانين، فيما بعد. وكان قد اختار لها صياغات محكمة، حتى يسهـل استظهارها وتداولها، اذكر منها قوله حول ميراث الميت: (ثلث لشيخ دبس. وثلث لمذروب السلف.. وثلث للقصّر الأيتام !) ومنها قوله في الصيد: (لو صدت بنية وشبوط، الخيار لشيخ دبس ولو صدت حرة وجوشمة كلمن يندل أهله الحرة للحر !! والجوشمة للصياد) ومن حين لأخر يبيع الشيخ الجليل – شيخ دبس – بضعة اذرع في الجنة، لبعض العجائز، والشيوخ مقابل (طاسة روبه) أو (دالوجة) زبد.. وعلى العموم فقد كان الشيـخ الجليل – الذي لا يقرأ ولا يكتب.. ولا يفقه من أمور دينه شيئا – يعيش في (بحبوحة) ونعيم.. حتى حملت عليه ريح لعينة، شيخا (حقيقي) اسمه شيخ علي – لا يدري كيـف.. من ذا الذي دله على هذا المكان المنعزل.. وقدّر شيخ دبس، إن أيام النعيم توشك على الانتهاء.. وان أمره سيفتضح على يـد هذا (الطويرني) الذي يقرا ويكتب ويعرف الكثير من أمورالدنيا.. وفكر الشيخ الجليـل – شيخ دبس مع نفسه: (إذا لم اتغد به، سيتعشى بي). وأجهد فكره بحثا عن وسيلة ثم بعد جهد هتف لنفسه (لكَيتها) ونصب الفخ، جيـدا، لاصطياد خصمه، والتخلص منه.. وحالما اكتمل عقد الديوان في ربعة (مذروب) السلف. توجه شيخ دبس الى شيخ علـي قائلا: - شيخنا سوعال ؟! - تفضل مولانا.. - تكَدر تكتب (حيه) ؟فسارع شيخ علي يكتب (حيه) حاء.. ياء.. هاء.. فتناول القلم (شيخ دبس) من يد صاحبه ورسم ازاء كلمة (حيه) صورة حيه بلسانها الاسود،وذيلها الطويل !.. ثم حمل الورقة، ودار بها على الحاضرين، مصوتا: - سامع الصوت عليكم.. بحظكم وبختكم.. يا هي الحيه الصدكَ اللي سواها هذا المومن يو اللي انه كتبتها ؟ فدقق الحاضرون النظر (وكلهم اميون) واعلنوا: - الحجاية للبخت.. الحيه الصدكَ اللي كتبها شيخ دبس !! وهنا التفت الى خصمه مزهوا، وجمع السبابة والابهام، وحرك ذراعه بقوة وقال: - اشحسبالك ؟؟ هذاالعلم !!حية شيخ دبس