شايل قزان حجي بكتاش

عبد الله السكوتي

وهذه كناية عن المبتلي بمشاكل غيره، فهو في تعب دائم في امور لاينوبه منها غير التعب، فهو مثل الذي يحمل القدر الذي يوزع فيه البكتاشية الطعام على الفقراء، لايفتأ يدور والقدر على رأسه في عمل لاينتهي، ولايفيد منه شيئا، والقزان كلمة فارسية اصلها قازغان، اي القدر الكبير، قال الكرخي:
( من حاج بكتاش القزان الشايلهْ على راسي ومركته هالسايلهْ
همّه كالوا يعدلون المايلهْ الله يجرّم للوطن احرارهْ )
وحاليا الجميع يدور وهو يحمل قدر حجي بكتاش، ولا يصيبه من الدوران الا التعب والنصب، وآخر ازمة او ازمتين جديدتين سيدخل الاخوة السياسيون بها هي قضية نشر الجيش العراقي واستجواب البارزاني، والقضيتان لاتخضعان للحل، اذا كانت ازمة سحب الثقة من رئيس الوزراء قد حلت بعودة بعض الاطراف، فهذه الازمة غير قابلة للحل، لانها تتعلق بجيش آخر مسلح افضل تسليح، وجيش الاقليم يعتبر نفسه هو الاول والآخر في المناطق المتنازع عليها وغير المتنازع عليها، والا مافائدة حكومة لاتستطيع ان تنشر جيشها لتحمي حدودها، ولاتستطيع ان تستورد السلاح، واي متتبع للتطورات الاخيرة يرى من خلالها ان الاقليم لايمكن ان يقتنع باية صيغة توافقية، ويعلم كذلك ان الطغاة لايمكن استنساخهم ثانية، لان القيادة في كردستان ترى ان الوقت ملائم لمزيد من المكتسبات، ولايمكن الوقوف عند النفط وقوانينه، والرأي الذي طرح من ان العرب سيضطرون في نهاية الامر الى طلب وساطة الاطراف الدولية، لتسمح لنا قيادة الاقليم باقامة الاقليم العربي، وهذا اليوم ليس بعيدا.
ان من اعتاد على الحرب لايمكن ان يتركها ببساطة، وكلنا شهود حين فرضت اميركا بان كردستان منطقة آمنة، واخرجتها عن حكم صدام، ماذا جرى؟ لقد اقتتل الحزبان الكرديان قتالا عنيفا بشأن امور كان من الممكن ان تحل بجلسة حوارية واحدة، فكيف نطلب من احد الان ان يلقي البندقية وهو يرى ضعف الحكومة في بغداد وتنازع الاطراف السياسية وضعف الجيش العراقي، ربما يأتي السلام حين يكون الانسان قويا، واتوقع ان الضعيف لايمكن له ان يحظى بالسلام، لانه سيعطي يوميا تنازلات جديدة والطرف القوي يطالب بالمزيد، والقضية تتضح اكثر واكثر كلما زاد الدم السوري جريانا، لان اكراد سوريا ايضا ركبوا الموجة ويحاولون الاستفادة مما جرى في سوريا كما استفاد اكراد العراق من الذي جرى في العراق.
على هذا الاساس فالنزاع يتعدى كونه نزاعا سياسيا او نفطيا، وانما ارتباط الكرد العراقيين بالاجندة التي خططت لها بعض دول الجوار هو لب المسألة برمتها، ولا ندري الوعود التي اعطتها الاطراف المتحالفة الجديدة التي تنفذ سياسة شرق اوسط جديد، ربما عجزت اميركا نفسها عن تنفيذها، وتنافخ العرب وسلوا سيوفهم على اميركا العراق، لكنهم اصطبغوا بالصبغة الاميركية بمجرد ان خرجت اميركا من العراق، هذا الامر مدروس وحتى دخول القاعدة الى العراق كان مخططا له، لان مع قوة اميركا فقد كانت تتوقع من العراق في 2003 الكثير، وارادت بدخول عملائها ومجنديها ان تضع شركا لصدام في داخل العراق، لكنها تفاجأت بانهياره بسرعة فائقة، ولذا بدأت بضرب الاوكار التي تعرفها وكانت قد ضبطت اماكنها.
لاندري على ماذا اتفقت القيادات الكردية مع الاميركان، وبماذا وعدوها، ولاندري نواياهم وماذا يريدون، سترفض القيادة في كردستان الاستجواب بازدراء لانها تفكر بعقلية عشائرية لاتخضع للحوار، وهي تعرف صوت البندقية وتعتقد ان كل الحكام الذين يأتون الى العراق متشابهون، وان القضية الكردية ستبقى خالدة على مر التاريخ، وما المالكي سوى عبد الكريم قاسم جديد، وحتى الذي يأتي بعده سوف لن يكون مرتاحا من هذا الجانب وستبقى القضية، تشبه الى حد ما قضية الكر والفر، ان الاخوة الكرد يطمحون الى عراق ضعيف يكونون فيه الاقوياء، على الاقل حتى لايتعرض احد منهم الى ما تعرض اليه في ايام زمان من كيمياوي وقصف بالطيارات لان العرب بحسب فهمهم يصدرون من مصدر واحد.