لأنها رضوى
من بيازين غرناطة إلى شاطئ الطنطورية، تسافر بك رضوى عاشور عبر الحدود دون تأشيرة.
تنقلك إلى الزمان والمكان اللذين تريدهما دون أن تحتاج إلى آلة تنقلك عبر الزمان؛ لأن قراءة رواية من روايات رضوى كافية لتقوم بذلك المقام.
رضوى عاشور الروائية المصرية التي تحسبها عند قراءتك للطنطورية بأنها فلسطينية ولك أن تعذرها في ذلك فزوجها فلسطيني.
لكنها ستبدو لك أندلسية أكثر إذا قرأت رائعتها "ثلاثية غرناطة"، فهي تتكلم عن بيازين غرناطة وأهلها وكأنها واحدة منهم، تنقلك إلى الأندلس لتعيش القصة ويا لها من قصة، عندما يتعلق الأمر بدخول القشتاليين إلى الأندلس وما لاقاه مسلمو الأندلس جراء تسليم حكامهم لمدنهم.
أحداث كثيرة بتفاصيل مثيرة، مملوءة بالتاريخ والجغرافيا والثقافة وإلى أعماق المشاعر الإنسانية والتفاعل الإنساني الذي عاشه أهل الأندلس مع تلك الأحداث تنقلك رضوى؛ لأنها فقط رضوى.
أبت رضوى إلا أن ترضي قراءها فلا يستطيع الجميع أن يكتبوا مثلما كتبت رضوى، فقلة هم من يستطيعون أن يجمعوا الأحداث والتاريخ مع قصة الإنسان مع ذلك التاريخ ومع مشاعره مع تلك الأحداث؛ هم قلة من يستطيعون الكتابة مثلما كتبت رضوى، ولذلك خلدهم التاريخ، مثلما خلد فيكتور هوغو برائعته البؤساء.
ولأنهم قلة سيخلد التاريخ رضوى
رضوى التي خرجت برواياتها من بين مخالب "ما يطلبه السوق" نحو "ما يحتاجه الإنسان" وأنقذت المكتبة العربية بعد أن احتلتها الرواية التجارية التي لا تهدف إلا للبيع أكثر ولو اقتضى الأمر كتابة أوهام أكثر وتضليل قراء أكثر.
هناك في الطنطورية ستعيش قصة احتلال وطن يدعى فلسطين، وإلى لبنان سيهرب اللاجئون الفلسطينيون ليعيشوا حرباً أخرى توجه فيها فوهات المدافع نحو أبناء الوطن الواحد.
عبر الزمان تأخذك رضوى لتعيش الطفولة والمراهقة والشيخوخة.
لترى مولد طفل ووفاة جد؛ لتعيش سعادة ولتعيش حزناً.
لتحيا يوماً وتموت بآخر.
لتكون أنت واقفاً على شواطئ الطنطورية ماشياً في أزقة بيازين غرناطة وقنطرة قرطبة ومتسلقاً سفوح جبال الجعفرية، وباكياً على أطلال بيروت.
لأنها رضوى... ستكون أنت البطل في كل تلك الروايات.
منقول