في كل سنة تقوم فراشات من نوع “فراشات العاهل أو الملك” بقطع مسافات طويلة من كندا إلى الولايات المتحدة الأمريكية تصل إلى 2500 ميل أي حوالي 4023.3 كلم لتصل إلى غابات ميتشواكان المكسيكية و هي الظاهر التي تسمى هجرة الحشرات في العالم. و في هذه الغابة تتجمع الحشرات و الفراشات بأعداد هائلة فوق الأشجار و الأرض مما يبدو و كأن الغابة تمت تغطية كامل مساحتها بسجاد من اللون البرتقالي و الأسود، في منظر جميل يحبس الأنفاس. لكن هذه المناظر الجميلة دائما تتعرض إلى تشويه و تدمير الجشع البشري لها في الطبيعة.
غابة الفراشات المكسيكية، ظاهرة طبيعية ساحرة وفريدة!
و تعد هجرة هذا النوع من الفراشات العظيمة أحد أبرز أسرار الطبيعة، ففراشات الملك الصغيرة تبدأ رحلتها من عدة أماكن مثل تورنتو و وينيبيغ و ديترويت لتعبر القارات وصولا إلى المكسيك. في الحقيقة لا يعلم احد بالضبط كيف تستطيع هذه الفراشات أن تقطع هذه المسافة الكبيرة، لكن الخبراء يقولون أن ما يساعدها على معرفة طريقها و يرشدها إلى وجهتها الصحيحة هي الملاحة الجوية و المجالات المغناطيسية.
كيف تحافظ على درجة حرارتها ؟
تبدأ الفراشات بالوصول إلى الغابات المكسيكية ميتشواكان في نهاية شهر أكتوبر لتتخذ هذه الغابات مسكنا لها في فصل الشتاء. حيث تقضي الفراشات الأشهر الخمسة الموالية على شكل حشود كبيرة تبدو و كأنها خلية نحل ملونة. و تلتصق هذه الفراشات ببعضها البعض و بالأشجار إلى درجة أنها تسبب في كسر فروع الأشجار في بعض الأحيان بسبب ثقل وزنها. و تعتمد الفراشات هذه الطريقة من أجل البقاء على قيد الحياة خلال فصل الشتاء، و التصاقها ببعضها يرفع من درجة حرارتها في الليل خصوصا في تلك المرتفعات الجبلية التي تعرف بانخفاض حاد في درجة حرارتها في فصل الشتاء.
مناظر جميلة
تشكل فراشات الملك مناظر جميلة، و يعتبر المشهد الأكثر جمالية هو الذي يظهر في شهري فبراير و مارس، عندما تزداد درجة الحرارة ففي فترة النهار و تنخفض في الليل، هذه المرحلة هي مرحلة التزاوج بين الفراشات قبل أن تشد رحالها عائدة إلى الوطن. و بعد غروب الشمس تبدو الأرض مكسوة بالفراشات كما لو كانت لوحة فسيفسائية من اللون البرتقالي و الأسود. و يجد لها فيديو في موقع اليوتيوب باللغة الإنجليزية و مترجمة للغة العربية.
مزار سياحي هام
و تعد غابة الفراشات في المكسيك من أبرز المزارات السياحية المهمة و الأكثر شعبية في البلاد، و هي منطقة محمية حسب القانون. و لكن الجشع البشري لم يمنعه القانون من الزحف إلى أجزاء من الغابة و تدميرها تدريجيا. حيث سجلت الغابة الكثير من أعمال قطع الأشجار بشكل غير قانوني في داخل المحمية منذ مدة طويلة، و لكن لا يتم القبض على الجناة و عرضهم على العدالة إلا نادرا. ففي سنة 2015 قام السكان المحليون للمنطقة بالقبض على مجموعة من قاطعي الأشجار الذين كانوا يريدون قطع 9 هكتارات من الأشجار في الغابة، و قدموا للعدالة و لكن سكان المنطقة تفاجئوا بأن الجناة تم إطلاق سراحهم بعض مرور ساعات قليلة بكفالة.
نهاية قريبة للمكان
بالرغم من المجهودات الكثيرة لحماية هذا المزار السياحي الجميل، إلا أن هناك تهديدا جديدا سيعمل عما قريب على إنهاء هذا المكان السحري. فناك شركة تعدين تنوي أن تفتح منجما للنحاس و الزنك و الرصاص و الفضة و الذهب في داخل المحمية. و يقول الخبراء أن هذا المشروع سينهي هجرة الفراشات الطبيعية للمكان و تنتهي الظاهرة. إضافة إلى ازدياد استعمال المبيدات الحشرية على المحاصيل الزراعية كفول الصويا و الذرة سيسبب في تدمير نبات الصقلاب.