هو تجسيد لاقتران المال بالسلطة، سجله مليء بتصريحات عنيفة وغير مسؤولة، تحمل في باطنها كراهية وحقد لشرائح بعينها، ومع ذلك رشح نفسه للرئاسة بثقة متناهية ومثيرة للدهشة، إنه دونالد ترامب رجل الأعمال والملياردير الأمريكي صاحب أغرب التصريحات وأكثرها إثارة للجدل، والمرشح عن الحزب الجمهوري الأمريكي، الذي وعد الأمريكيين بأن يعيد العظمة لأمريكا من جديد، وجعل من وعده شعارًا لحملته الإنتخابية…
من هو المرشح دونالد ترامب ؟
ولد دونالد ترامب في الرابع عشر من يونيو عام 1946 بمدينة نيويورك، درس الاقتصاد بجامعة بنلسفانيا وتخرج عام 1968، كان والده يعمل في مجال التطوير العقاري، حيث تأثر دونالد بوالده كثيرًا، فبمجرد أن تخرج من الجامعة بدأ العمل معه على الفور، إلى أن صار هو المسؤول الرسمي الآن عن منظمة ترامب بالكامل.
يعرف ترامب بأنه رجل متعدد المهام، حيث يعمل في كثير من المجالات المختلفة، فهو رجل أعمال وملياردير، بالإضافة إلى كونه الرئيس والمدير التنفيذي لمنظمة ترامب العقارية، ورئيس اتحاد بلازا ترامب، ومؤسس منتجعات ترامب الترفيهية، وهو أيضًا مقدم برامج تلفزيونية وكاتب، وأخيرًا مرشح رئاسي.
بلا أدنى شك كل هذه الإنجازات، عززت من ترشحه للرئاسة وخلقت شريحة عريضة من المؤيدين له، ووفقًا لمجلة فوربس يعد المرشح دونالد ترامب من أغنى 400 شخص في الولايات المتحدة الأمريكية لعام 2015، حيث بلغت ثروته 4.5 مليار دولار، أما عن راتبه السنوي فهو 250 مليون دولار فقط!
بداياته السياسية
بدأ ترامب في المشاركة سياسيًا بدءًا من العام 2007، حيث ظهر في إحدى البرامج ووجه انتقادات لاذعة لجورج دبليو بوش بعد قرار خوض الحرب على العراق، وفي العام 2008 أعلن ترامب تأييده لجون ماكين لرئاسة الولايات المتحدة، ومن الملفت في بداياته السياسية هو إنه لم يستقر على حزب معين، ما يعني ان لا انتماء له من الأساس، فنجده يؤيد الحزب الديمقراطي ثم يتركه، ويعلن انضمامه للحزب الجمهوري، ليتركه مرة أخرى وبعدها بعامين يعود للحزب الديمقراطي تحديدًا في عام 2001، ثم يتركه ويعود مرة أخرى للحزب الجمهوري وذلك في عام 2009، إلى أن ترك الحزب والسياسة برمتها لفترة، وأخيرًا ها هو الآن ينضم للحزب الجمهوري، حقيقة لا أحد يقدر على التكهن بما يدور في رأس هذا الشخص غريب الأطوار.
من أكثر الأمور إثارة للجدل حول ترشح ترامب؛ إفصاحه علنًا لكرهه للمسلمين ورفضهم قلبًا وقالبًا، حد إنه طالب بمراقبة المساجد في أمريكا، فهو مؤمن بأن الإسلام يكره ويعادي أمريكا بعينها، كما صرح في أكثر من حوار له: “الإسلام يكره أمريكا وعلينا منع المسلمين من الدخول إلى الولايات المتحدة حتى نتفهم سبب هذا الكره، ولتفادي المزيد من الهجمات الإرهابية.”
في الواقع الكارثة الحقيقة هنا ليست في منع المسلمين من دخول أمريكا، ولكن في التضييق الذي سيحدث على الجالية المسلمة الموجودة في أمريكا بالفعل؛ في حال فاز دونالد ترامب، والأدهى أن الهجمات الإرهابية لا تتوقف، وكأنها تتعمد توجيه أنظار الناس لترامب البطل الذي سيطهر الكون من جنون المسلمين؛ والتي كان آخرها هجوم أورلاندو الذي قام به مسلم أمريكي من أصل أفغانستاني في ملهى ليلي للمثليين، وأسفر عن مقتل 50 وإصابة 52 آخرين، والذى زاد ترامب ثقة وتمسكًا بكراهيته للإسلام، فكان تعليقه حول الهجوم يدور حول أن كراهيته في محلها، وبأنه كان محقًا عندما طالب بمنع المسلمين من دخول أمريكا، إلى آخر شعاراته وتهديداته ذاتها التي أصبحت لازمة لخطاباته.
كثيرًا ما يذكرني ترامب بالقذافي، فكلاهما مندفعان يمتلكان الانفعال ذاته، الخطابات الرنانة ذاتها… الممتلئة بالصراخ والوعيد، والكلمات التي لا ترقى لأن يتفوّه بها رئيس دولة، أو حتى مبتديء في عالم السياسة، وبلا أدنى شك سنشاهد الحروب ذاتها، في حال فاز ترامب، وهذا ما نخشى حدوثه!
تصريحات عنيفة، ساذجة، غير مسؤولة
“أنا لا أبالي بردود الفعل، بل أريد التعبير بصدق عن أفكاري ومواقفي.”
يبدو أن المرشح دونالد ترامب لم يقل هذه الجملة من فراغ، ولم تكن مجرد رد عادي خلال مقابلة تلفزيونية له، بل من الواضح إنها مبدأ في حياته، فهو حقًا لا يكترث بأحد ولا يهتم بآراء الآخرين، ما يفسره البعض – وأنا – فظاظة وسذاجة منقطعة النظير، وبالطبع دليل على افتقاره الحس السياسي، والدبلوماسية، وأشياء كثيرة أخرى!
من أبرز تصريحاته الجريئة والمثيرة للجدل:
# في أحد أكثر تصريحاته استفزازًا توّعد ترامب خلال كلمة ألقاها في نيوهامشير بأنه سيعيد جميع اللائجين السوريين إلى ديارهم بمجرد فوزه في الانتخابات، حيث برر ذلك بقوله: ان نستقبل 200 ألف سوري، يعني أن نستقبل 200 ألف جندي من داعش!
# الإسلام يكره الولايات المتحدة الأمريكية؛ في إشارة لأن ملايين المسلمين يحملون في قلوبهم الكره والحقد تجاه أمريكا!
# أيضًا من تصريحاته الغريبة؛ تأكيد على أن داعش تخطط للنيل من الفاتيكان، وقد أعلن ترامب عن رغبته في مقابلة بابا الفاتيكان وجهًا لوجه، حتى يتسنى له توضيح الحقيقة وتحذيره مما لا يراه.
# ومن أكثر تصريحاته جرأة عندما عبر عن رغبته في وقف هجرة المكسيك لأمريكا، حيث إنهم لصوص مغتصبون، الأمر الذي أثار غضب المكسيكيين بالطبع.
# النساء حيوانات، سمينات، خنازير… لا تعليق!
وغيرها الكثير من التصريحات التي تنم عن شخصية غريبة الأطوار، وتبشر بمستقبل حالك السواد إذا فاز ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، ومن الجدير بالذكر هنا أن معارضي ترامب من المشاهير أكثر بكثير من مؤيديه، أبرزهم الرئيس الأمريكي أوباما الذي أعلن اعتراضه على ترشحه من الأساس قائلًا: “على وسائل الاعلام والجمهور الأمريكي فحص السجل الطويل للمرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب وألا يشغلهم الجانب المسرحي والاستعراضي الذي يقدمه ترامب في حملته الإنتخابية.”، فضلًا عن إعلانه لدعم هيلاري كلينتون قلبًا وقالبًا.
مع أم ضد؟!
والآن سؤالي لك أيها القاريء؛ هل تعتقد أن المرشح دونالد ترامب سينجح في كسب الشعب الأمريكي لصفه؟ رغم رسائل الكراهية والعنف والتحريض التي يبثها في كل خطاباته؟
بطريقة أخرى؛ هل تجد هذا الأسلوب مجدي حقًا؟ أم أن الأمريكين على وعي بنية ترامب ورغبته في التدخل البري ودق طبول الحروب بحجة التخلص من “داعش” كما صرّح مسبقًا؟ هل سيدفعهم هذا التصريح لرفضه حتى لا يتكرر بوش آخر وحروب أخرى؟
أنتظر رأيك في التعليقات، ولكن هناك شيء أخير من المهم أن تعرفه؛ دونالد ترامب من الشخصيات المحبوبة لعام 2016 صدق أو لا تصدق!
المصادر
1،
2،
3،
4،
5